قضايا وآراء

حرب غزة بين تحويل القبلة وفقدان الذاكرة

(الأناضول)
تعوّد الناس في مرحلة الاستلاب والوهن الحضاري أن يلجأوا إلى التاريخ ليستمدوا من ماضيهم العظيم ما يستعينون به على الحاضر البائس ويستجيرون به من حالات القهر والإحباط التي تملأ دنياهم، فيجددون احتفالهم وحفاوتهم ببعض المواقع فيه علّها تهون عليهم معاناة الحاضر وتمدهم بزاد جديد من الصبر والأمل، بعدما نفد ما لديهم تحت وطأة الاستبداد والقهر وعموم المظالم، غير أن التاريخ بمكوناته ومقوماته ليس صفحات طويت وليس مواقع لاجترار الذكريات والوقوف على أطلالها بحديث عن أمجاد الآباء ثم ينفض السامر وينتهي الأمر.

لا، التاريخ ليس كذلك، فالتاريخ هو ذاكرة الأمم ومستودع تجاربها ومعارفها الممتدة مع المكان في عمقه واتساعه ومع الزمان في استطالته ماضيا وحاضرا ومستقبلا،

وغياب حقائق التاريخ عن الوعي الذاتي شيء خطير؛ لأن ذلك يعني ببساطة شديدة تعطيل الحواس كلها وفقدان الذاكرة والوقوف على عتبة الجنون، ومن ثم تكون العشوائية والتخبط والخلط بين الماضي والحاضر، ثم يكون العجز عن تصور المستقبل واستحضار معالمه فضلا عن التخطيط له.

قال تعالى:

- "أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ" (السجدة: 26).

- "أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهي" (طه: 128).

المسلم لا يجلس على شاطئ التاريخ أو على هامش الأحداث ليشاهد من موقع المتفرج وباندهاش عملية المد أو الجزر، كلا المسلم ليس كذلك، إنه رجل آخر، إنه هو الذي يحرك التاريخ ويدفع بعجلاته إلى الأمام ويصنع من خلال إرادته وقراره الحر عملية المد والجزر، لذلك رأينا على مدار التاريخ رجالا يؤثرون فيه، بل ويصنعونه لأمتهم ويخلدون من خلاله مواقفهم
والمسلم لا يجلس على شاطئ التاريخ أو على هامش الأحداث ليشاهد من موقع المتفرج وباندهاش عملية المد أو الجزر، كلا المسلم ليس كذلك، إنه رجل آخر، إنه هو الذي يحرك التاريخ ويدفع بعجلاته إلى الأمام ويصنع من خلال إرادته وقراره الحر عملية المد والجزر، لذلك رأينا على مدار التاريخ رجالا يؤثرون فيه، بل ويصنعونه لأمتهم ويخلدون من خلاله مواقفهم. أمثال هؤلاء الرجال يربط القدر بمواقفهم مصائر الأمم ومقدرات الشعوب.

عناصر تكوين التاريخ

- وحدات زمنية تقدر بالسنين.

- أحداث تقع في تلك الوحدات وتستوعبها وتؤثر فيها بالإيجاب أو السلب، والمد أو الجزر، والنهضة أو التقدم، والتخلف أو التراجع.

- رجال لهم من هذه الأحداث مواقف ولهم فيها مواقع.

- والرجال الذين يصنعون التاريخ بمواقفهم، تحركهم عقائد وتدفعهم إلى قمة القيادة مبادئ يعيشون بها ويعيشون لها؛ يعيشون بها التزاما وسلوكا في حياتهم، ويعيشون لها عطاء وتضحيات تصل في كثير من الأحيان إلى حد المخاطرة الجريئة بالنفس والحياة في سبيل المبادئ، وتلك أولى الدرجات في سلم التغيير من حال إلى حال.

- أن تكون وفيا للمبدأ.

- وأن تكون الفكرة أنت، والمبدأ أنت، مجسما ومجسدا في سلوكك وخلقك.

- أن تستعلي به على عوامل الرغبة والرهبة.

- ألا تبيعه في أول مساومة وألا تتركه وتتخلى عنه في أي صدام.

- أن تكافح دونه في كل موقع.

- أن تُعلي رايته في كل درب.

- ألا تتخلى عنه أبدا ولو بدلت من سعة الحياة قضبان السجن أو حتى مقصلة الموت.

ذلك هو الموقع المُشرق الذي نلوذ به في مناسبة تحويل القبلة حين يستدعيها الزمن من ذاكرة التاريخ. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا رفيعا ورائعا في الوفاء للمبدأ حين استعلى بدينه على عوامل الرغبة والرهبة، وأعلن في وضوح تام أنه لن يفرط فيه ولن يتخلى عنه ولو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساري حتى يظهره الله أو يهلك دونه.. إصرار جدير بالإعجاب والتقدير من أصدقاء المبدأ ورفاق القضية، ومن أعدائه والمخالفين له على حد سواء.

وهذا الإصرار الرائع هو الذي دفع عمه أبا طالب ليدرك من خلال مواقف ابن أخيه أنها عقيدة لا تباع بملء الأرض ذهبا، ولن يتخلى عنها صاحبها ولو بدل من سعة الأرض قضبان السجن أو حتى مقصلة الموت، فلن يتحول متاجرا بها أو مساوما بمبادئها على كل حال.
ثمة فروق جوهرية بين عشاق المبادئ وطلاب المغانم، بين الرجال الذين يظهرون في المحن والشدائد وبين الإمّعات وأنصاف الرجال الذين يرقصون على الجراح، وينوحون في كل مأتم ويطبلون ويزمرون في كل فرح ويأكلون على كل مائدة

وانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليبدأ مرحلة جديدة في بناء الدولة، وعليه فلا بد من غربلة للصفوف حيث تنتقل الدعوة في مسيرتها من مرحلة إلى مرحلة من مرحلة تحمل المعاناة بصبر وتجلد إلى مرحلة المواجهة الواضحة الصريحة، ولذلك نلاحظ أن معركة بدر جات بعد تحويل القبلة واستقلال الشخصية المسلمة في فكرها وتصوراتها، فهل سيتحمل الكل مسؤولية التبعة. وهل الجميع على استعداد للتضحية والفداء؟؟ سؤال كان لا بد للواقع من أن يجيب عليه في امتحان بالغ الشدة، ففي كل دعوة للإصلاح ينتشر تجار الشعارات الذين يركبون الموج في كل مد ويبيعون ضمائرهم في كل سوق.

وثمة فروق جوهرية بين عشاق المبادئ وطلاب المغانم، بين الرجال الذين يظهرون في المحن والشدائد وبين الإمّعات وأنصاف الرجال الذين يرقصون على الجراح، وينوحون في كل مأتم ويطبلون ويزمرون في كل فرح ويأكلون على كل مائدة. نعم، إنها فتنة تنقّي الصفوف وتفرق بين الصادق والكذوب وبين عشاق المبادئ وطلاب المغانم.

وطبيعة المجتمع الذي تربى في ظله المهاجرون أنه مجتمع قَبَلي يلعب الموروث الاجتماعي فيه دورا كبيرا وخطيرا في رسم خريطة الوجدان وارتباطاتها العاطفية بالمكان والزمان والأشخاص، حبا وكرها، إيجابا وسلبا، ومن ثم فالمهاجرون رغم غلبة العقيدة الجديدة في نفوسهم وانتصارها على كل العوامل والمؤثرات إلا أنهم لا يرون غضاضة أو تناقضا بين عقيدتهم الجديدة وبين الموطن الأصلي، وبخاصة أن مكة أحب بلاد الله إلى الله، وهي مسقط الرأس، وهي محضن الطفولة وموطن الذكريات، وهي أم القرى وفيها الكعبة المشرفة قبلة العرب، وبيت أبيهم إبراهيم ومقصد الناس من كل لون، وبها يرتبط شرف الآباء والأجداد، وقلوب الناس وأفئدتهم تهوي إليها ويقصدونها من كل البقاع وفي كل عصر، ومن ثم فهم يرتبطون بها أرضا وترابا وتاريخا وقبيلة ونسبا.

ولقد لاحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر وأراد أن يحبب إليهم الموطن الجديد فدعا بالبركة للمدينة وثمارها" وقال فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم: "اللهم! إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حرما، وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها، أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف. اللهم! بارك لنا في مدينتنا. اللهم! بارك لنا في صاعنا. اللهم! اجعل لنا في مدنا. اللهم! بارك لنا في صاعنا. اللهم! بارك لنا في مدنا، اللهم! بارك لنا في مدينتنا. اللهم! اجعل مع البركة بركتين والذي نفسي بيده! ما من المدينة شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها". ثم قال للناس: "ارتحلوا" فارتحلنا، فأقبلنا إلى المدينة" (رواه أبو سعيد الخدري، صحيح مسلم- 1374).

وروى أبو هريرة أيضا: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم! بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا! اللهم! إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه". قال: "ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر". (صحيح مسلم: 1373).

وبما أن المهاجرين إلى المدينة هم البذور الأولى التي تحمل أنوار التوحيد وإشراقات رسالة الخير والخلق العظيم في كل مكان وكل بقعة من أرض الله الواسعة، فيجب إعدادهم إعدادا خاصا يخرج بهم عن مألوف ما يعيشه الناس وما يتعرضون له من الدوافع والبواعث، وما ينتج عنها من تأثيرات العادة أو العرف الاجتماعي أو الموروث الضاغط الذي يؤثر في السلوك والعقل ويشكل الوجدان لدى عموم الناس، ومن ثم كان التوجه في الصلاة إلى بيت المقدس بمجرد وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وظل التوجه إلى بيت المقدس قرابة سبعة عشر شهرا، وبعدها أمر الله نبيه أن يعود إلى بيت الله الحرام.

وكما يقول العارفون: "إن لله غيرة أن يرى في قلب محبه غيره"، فكأن الله جل جلاله أراد لهذه القلوب أن تخلص فتستخلص، وأن تصفو فتستصفى. ومن ثم كان هذا الدرس في تربية الولاء بعيدا عن كل تأثيرات الأرض وما عليها ومن عليها، ولكي يكون ارتباط القلوب بالله بغير منافس ولو كان بيت الله الحرام.

وكان تحويل القبلة بما يحمل في سياقه من حقائق على المستويين الداخلي وفى المحيط الخارجي. فعلى المستوى الداخلي حمل لنا تحويل القبلة مجموعة من الأهداف كان أهمها:

1. تربية النخبة التي أحبها وأحبته وتصحيح خريطة الولاء لديهم بحيث يتحررون من كل ارتباط ولو كان ببيت الله الحرام يقول أحد العارفين: "إن لله غيرة أن يرى في قلب محبه غيره".

2. قطع كل الروابط في العقل والقلب والوجدان والإبقاء على رباط واحد هو مركزية الولاء لله وحده.

3. تحصين المتلقي ضد الحروب النفسية والفكرية والثقافية والرد على شبهات الطوائف التي تشككك المسلمين في عقيدتهم، "سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (البقرة: 142).

4. تحديد السمات والخصائص العامة للمجتمع المسلم، "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا".

5. تنقية الصف من المترددين والمنهزمين، "وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَة إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (البقرة: 143).

6. تشخيص هوية الأمة المسلمة وتحديد معالمها وخصائصها العامة، "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".

7. التأكيد على أن الكفر ورفض الحقائق الإسلامية ليس لنقص في الدليل والحجة، وإنما هو نابع من الجحود والنكران والكراهية.

- "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْما وَعُلُوّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (النمل: 14).

- "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (البقرة: 146).

- "وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (البقرة: 144).

8. التحذير من التبعية في كل شيء لمن ليسوا من دين الله على شيء، "وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ" (البقرة: 145).

وعلى المستوى الخارجي والمحيط الدولي كانت الأهداف التالية:

9. تأكيد وحدة الرسالات وتواصل حقائق الوحي الإلهي.

- "قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (البقرة: 136).

- "قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (آل عمران: 84).

10. كسر احتكار الهداية التي ادعاها أهل الكتاب.

- "وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة: 111).

- "وَقَالُواْ كُونُواْ هُودا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (البقرة: 135).

11. إعلان وراثة النبوات السابقة وانتقال القيادة الروحية من بنى إسرائيل إلى بني إسماعيل.

- "وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ" (آل عمران: 81).

- "وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ" (آل عمران: 187).

بعد اكتمال العناصر الثلاثة في الزمن والأحداث والرجال تكون التاريخ وبدت قسمات بطولة الرجال الذين رباهم المنهج مضيئة مشرقة على أيامه ولياليه، ثم دار الزمن وتحول، وخلف من بعدهم خلف حولوا التاريخ بمكوناته ومقوماته وعناصره إلى مجرد قصص ميت يحكي بين المقهورين والمخدوعين في كلمات فقدت مضمونها وفحواها، وغفلت عن كل الدروس التي جاءت في سياق تحويل القبلة
12. تأكيد الربط بين العاصمتين المقدستين مكة والقدس، وإعلان مسؤولية المسلمين في حماية المقدسات.

13. تحديد المرجعية العليا في العقائد، والأخلاق، والقيم والتصورات.

14. إعلان بداية مرحلة الشهود الحضاري للأمة المسلمة، "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا".

15. تحديد معيار الهداية بالدخول تحت الصبغة التي اصطبغ بها الأنبياء جميعا واصطبغ بها الكون كله.

- "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعا وَكَرْها وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" (آل عمران: 83).

- "صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَة وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ" (البقرة: 138).

16. انتقال القيادة الروحية من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل.

وبعد اكتمال العناصر الثلاثة في الزمن والأحداث والرجال تكون التاريخ وبدت قسمات بطولة الرجال الذين رباهم المنهج مضيئة مشرقة على أيامه ولياليه، ثم دار الزمن وتحول، وخلف من بعدهم خلف حولوا التاريخ بمكوناته ومقوماته وعناصره إلى مجرد قصص ميت يحكي بين المقهورين والمخدوعين في كلمات فقدت مضمونها وفحواها، وغفلت عن كل الدروس التي جاءت في سياق تحويل القبلة لتصنع معركة جدال كبير وفي كل عام؛ بين مؤيد ومعارض حول الدعاء والصلاة في تلك الليلة ومدى مشروعيته أو بدعيته.

ألم أقل لك أيها القارئ العزيز إننا نعيش عصر الاستلاب والتراجع والوهن!