قضايا وآراء

مونديال قطر بين الإنجاز وتحديات الكراهية

1300x600
أصالة الدول وعراقتها تقاس بقدرتها على تجاوز التحديات وإنجاز المهام بنجاح.

وقطر بحكومتها وشعبها وحاكمها أثبتت قدرتها على تطبيق معايير الحوكمة الدولية في أكثر المجالات دقة وحساسية، كما أثبتت على مدار العقدين الماضيين أنها كلما اشتدت عليها الأحقاد وبالغ خصومها في الغيرة منها، كلما ازدادت إصرارا على النجاح إلى حد الإبداع والروعة.

وكلما حاولت العنصرية والكراهية إثارة الغبار حولها وتشويه صورتها، كلما ازدادت وعيا بطبيعة الدوافع، وازدادت مع الوعي تألقا وترفعا عن السفاسف والسقوط.

وكلما اشتدت عليها حملات العنصرية، كلما زادت ثقة المواطن القطري بنفسه وأدرك أنه على حق، وازدادت كذلك ثقة الوطن في قدرة مواطنيه على إدارة الحياة والاستغناء عن الآخرين والاكتفاء ذاتيا، بل وتصدير فائض إنتاجها.

هذا الاستثمار في بناء المواطن والوطن ليس وليد اللحظة، ولم يكن رد فعل لتحديات معينة، وإنما جاء وفق استراتيجية للنهضة وبرامج لحماية الذات الوطنية درست بعناية، منذ زمن، وبعدها بدأت قطر تُعِدّ أبناءها لمعالي الأمور، وتؤمن بكفاءتهم، وأنهم يتمتعون باقتدار على قبول التحدي، وتم تدريبهم على إدارة الحياة المتحضرة، وتحويل الآمال والأمنيات إلى واقع.

ولذلك كان هذا الشعب في كل تحدٍ يحقق نجاحا وإنجازا حتى استكثرت عليه قوى البغض والعنصرية أن ينجح في استضافة المونديال.

وكعادته فقد كان الأمير الشاب بارعا وذكيا حين صرح منذ اللحظة الأولى أن العرب جميعا يتقاسمون شرف النجاح في هذا المونديال، وأنه ليس لقطر خاصة، وإنما هو "مونديال العرب جميعا".

غير أن البعض في الغرب ينظر إلى العرب على أنهم مجرد براميل نفط متحرك، عليهم أن يعيشوا حضارة مستوردة من غابات الإسمنت والحديد المسلح، يختارها لهم، وتمليها عليهم بعض العواصم في الغرب؛ غرب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في نسختها المزيفة!! وتسعى لإلزامهم أن يستوردوا أيضا مع الأسمنت والحديد المسلح قيم البلد المنتج، ولو كانت فسادا وخرابا.

ولا ندعي ولا يدعي القطريون أن الدوحة كعاصمة لدولتهم هي المدينة الفاضلة، لكنها مدينة حرة وعاصمة لشعب حر أصيل، والجميع يشهد أنها اعتزت بدينها وقيمها ورفضت التفريط أو المساومة، كما أنها تأبّتْ على الدخول ضمن القطيع، ورحبت بالجميع على أرضها، وطلبت من الآخرين بأدب جم وخلق رفيع أن يحترموا خياراتها القيمية والثقافية والدينية، فغضبت تلك العواصم، ولوحت بشعارات المقاطعة، واستخرجت من خزائنها العنصرية حججا مكشوفة وممجوجة للضغط والتهديد بإثارة قضايا حقوق الإنسان، وكأنهم أوصياء على العالم..!

ويبدو أن بعض دول الغرب في القارة العجوز مصابة بمرض "الزهايمر" السياسي، فقد نسيت، أو تناست ما فعلته بالشعوب حين استعمرتها، وأنها ما زالت تعيش حتى الآن على سلب ونهب وسرقة ثروات الشعوب من دول المستعمرات الأفريقية، بل ولديها متاحف لجماجم الضحايا الذين قتلتهم خلال استعمارها لتك الدول، فاستغلت المونديال لتكشف عن عنصريتها وكراهيتها لأي نجاح يتحقق في دول الجنوب وبخاصة الدول العربية، فأرادت أن تعطي لقطر دروسا في حقوق الإنسان.

يتعجب الإنسان المنصف حين يرى أن فرصة واحدة ووحيدة تتاح لبلد عربي ليظهر قدراته في التنظيم والترتيب والتدريب، وأن يعظم خبراته التراكمية في إدارة المونديال بإنسانية وإبداع، فيستكثر عليه آخرون من الغرب المتحضر أن يحظى بهذه الفرصة ليحقق نجاحا!

كما يزداد العجب عندما ترى البعض وقد أعماهم الحسد أيضا فحاولوا إفشال المونديال ولا زالوا يحاولون. وكأن قطر ومعها العرب جميعا لا يجوز لهم أن يتفوقوا في شيء مهما كان، ولو كان حدثا رياضيا كالمونديال.

الحاسدون لقطر، والذين تحركهم العنصرية والكراهية، يرون الذكاء حكرا على جنسهم وحده، كما يرون النجاح خاصا بهم وحدهم.

ساعات قليلة ويبدأ المونديال رغم كل الأحقاد والضغائن والتحديات الكبرى، وستنجح بإذن الله قطر، وسينجح شعبها وقيادتها، وستقدم نموذجا أخلاقيا وإنسانيا في إدارة الأزمات كما عودتنا من قبل. وسيكتشف المبغضون لها والكارهون لنجاحاتها أنهم كانوا خاطئين.

دولة قطر -شعبا وحكومة وأميرا- نسيج خاص في الأصالة والقيم والثبات على المبدأ رغم التحديات الكبيرة والكثيرة.

وكل الشرفاء والأحرار في العالم يستنكرون حملة الكراهية والعنصرية الحمقاء ضد قطر وشعبها. وكل الشرفاء والأحرار في العالم أيضا يقدمون لقطر مزيدا من الدعم والتأييد، ويرونها أهلا لكل إبداع ولكل إنجاز رائع، ويرجون لها مزيدا من النجاح والنصر والإبهار.