إنسانية الإنسان مبنية على حقائق، وشعور بهذه الحقائق؛ أولها حريته وانطلاقه في الأرض بغير قيود ولا حدود إلا حدود الله تعالى، ثم كرامة الإنسان ومكانه من الكون والمجتمع والحياة؛ ألا يقع موقع مهانة؛ لا في مساحاته المادية ولا المعنوية، ومنها شعوره بالعدالة، وأنه غير مهضوم الحق، أو منقوص الحق بغير حق..
إن معادلة المقاومة تعني ضمن ما تعني تفاعل الإرادة والقدرة والقرار فتحدث تأثيرا نوعيا لا يمكن بأي حال إنكاره أو القفز عليه، وفي هذا السياق تبدو لنا المقاومة بمقاييسها وموازينها تختلف عن عمليات المساومة والحسابات السياسية وممارسات المقاولة والاتفاقيات المادية..
تعيش الأمة ضمن عالم أحداثها لحظات كاشفة، إلا أن هذه اللحظات الكاشفة لا يمكن أن تؤتي أُكُلهَا في التأثير في الأمة إلا أن تتحول كاشفيتها (أين المحنة التي تواجه الأمة؟) إلى لحظات فارقة تفرق بين مرحلة مضت وأخرى آتية، "فارقة" فى تبين وهنَ أمرها، ووهنَ تفكيرها وتدبيرها وعناصر تغييرها..
كتبت عن حجم المطاردات التي تقوم بها السلطات الانقلابية لكل مايتعلق بأي كلمة تمت بصلة للجذر "ج.م.ع."، وكأنه يطارد المجتمع بأسره والجماعة الوطنية بلحمتها وتماسكها، وصار الانقلابيون مسكونين بكل خوف يمارسون من بعده استنفارا، وكأنهم يخوضون معركة كاملة وشاملة، إنه يخاف البشر الذين يعتادون المساجد..
رباعية الوعي في هذا الوقت تتجدد عناصرها، ويتحدد إدراك كل من مفرداتها ضمن صياغة الوعي الجمعي لعموم الناس وبما يحمله الشباب من شرارة حقيقية وطاقة ثورية يعبر عن كل ذلك بخطاب أو فعل يسهم في صناعة الأمل
خرجت علينا الصحف بعناوين كبيرة تحتفي بما أسمته "استعادة هيبة الدولة" خاصة بعد تلك الحملات التي قامت بها فيما أسمته "إزالة التعديات والأكشاك والباعة الجائلين"
تحويل المشاهد السياسية إلى مشاهد احتفالية صنعة تجيدها النظم الاستبدادية ضمن عمليات تشكيل الرضا الكاذب، الشرعيات المعبرة عن رضا المحكومين عن حكامهم لا يمكن نيلها بعمليات احتفالية، والمشاهد الاحتفالية المقترنة بمشاهد التعبئة فى نظم اعتادت تصنيع الزيف والتضليل حتى تزين أحوال استبدادها ومسارات فسادها، اغتصاب السياسة رأس كل خطيئة، وهو مقدمة لانقلاب الأخلاقيات والقيم، الانقلاب فى جوهره انقلاب على القيم السياسية والأخلاقية، ذلك أن العلاقة بين المنظومة السياسية والمنظومة الأخلاقية القيمية علاقة شديدة التركيب، وتضيف الحالة الانقلابية والحالة الثورية إلى تلك العلاقة تعقيداً على تركيبها فى حالة تدافع حقيقى بين قيم الثورة الحقيقية فى الخامس والعشرين من يناير وقيم الثورة المضادة التى عادت الى الواجهة بعد الانقلاب العسكري فى الثالث من يوليو.
المشهد الانتخابي: لم يعد لدينا الخيار في التحليل السياسي أنه يمكن اقتطاع المشهد الانتخابي والوقوف عليه بشكل مستقل وكأن موسم الانتخابات صار يستدعى عند اللزوم، وفى حالة الاستقطاب أصبحت الآلية الانتخابية جزءًا من الصراع السياسي، لا خروجاً من الأزمة بلوغاً لحل، فقد صارت الانتخابات الاستقطابية والاستبعادية والإقصائية جزءًا من المشكلة لا الحل، ومن هنا لا بد من النظر إلى عملية الانتخاب مرتبطة بثلاثية مهمة؛ الشعب والثورة والشباب.
كلمات مفتاحية فى هذه القصة: التدجين أو المطاردة، مطاردة العلم والاختراع، صناعة العبيد وعقلية القطيع، المخترع الصغير محل التنكيل، ومخترع المشير محل التبجيل ،احتضان الاحتيال ومطاردة المستقبل في أكبر عملية اغتيال، إرهاب الاختراع بالاعتقال وعملية ترويج للخبل المطاع بالكفتة والفكاكة والاستهبال.
ليس من مقصود هذا المقال أن نسرد التصريحات التي وردت على لسان "المرشح الرئيس" أو "الرئيس المرشح" أو متابعة الظاهر منها، ولكن غاية هذا المقال البحث عن الكامن في بطن الكلمات والمسكوت عنه في جوف العبارات، ذلك أن بعض ما يقول يشكل مسارا لحكمه ومسلكاً لسياساته وممارساته..
من الخطورة بمكان أن تخرج عن الجوقة الانقلابية جملة من التصريحات هنا وهناك وهم معتقدون أن مناخ التعتيم يمكن أن يسود، وكذلك ازدواجية الخطاب والتصريحات في إطار ثنائية الداخل والخارج معتقدين أنهم قد يصدرون خطابا للخارج لا يعلم به الداخل، وخطابا للداخل لا يتأثر به الخارج.
تحدثنا بأسى كبير عن أن الدولة صارت على عتبة الفشل واعتبرنا أن المربع الخطير الذى يتعلق بالاستقطاب والحالة الانقلابية والأوضاع الاقتصادية وفجوات الأمن القومى والإنسانى إنما تشكل بحق تكلفة عالية تتحملها الدولة قبل المجتمع والمجتمع قبل الدولة، وأكدنا فى أكثر
من المؤسف حقا أن نتحدث عن بلدنا الحبيبة وهى على عتبة أن تعد من الدول الفاشلة، ومن العجيب أن يحدث ذلك رغم مرور ثلاث سنوات على واحدة من الثورات الكبرى التي وقعت في الخامس والعشرين من يناير، ذلك أن الثورات تعد إيذانا ببناء دولة جديدة على أسس جديدة وعلى قاعدة تعاقد مجتمعي سياسي جديد، فماذا حدث بالضبط