اقتصاد عربي

تقرير لـ"موديز" يقرب تونس من الإفلاس.. وتحذير من انهيار النظام النقدي

تعاني تونس من أزمة اقتصادية تفاقمت بعدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض - الأناضول
أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية عن تخفيض التصنيف السيادي لتونس من "caa1" إلى "caa2" مع آفاق سلبية، ليلة جولة الإعادة من الانتخابات النيابية التي جرت الأحد.

ويعني هذا التصنيف  تعرض الحكومة التونسية والبنك المركزي إلى مخاطر مالية عالية، وهي نفس الدرجة التي منحتها الوكالة العالمية للبنان قبل شهر واحد من إعلانه التخلف عن سداد ديونه في آذار/ مارس 2020.

ويأتي هذا التصنيف في الوقت الذي تأمل فيه تونس في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، رغم تعثر المفاوضات بسبب برنامج الإصلاحات الاقتصادية.

وفي وقت سابق، أجّل صندوق النقد اجتماع مجلس إدارته بشأن برنامج القرض التونسي، الذي كان مقررا في 19 كانون الأول/ ديسمبر، بعد إعلان اتفاق بينهما في وقت سابق.

وجاء هذا القرار من أجل منح السلطات التونسية مزيدا من الوقت للانتهاء من إصلاحاتها، حيث تعتزم تونس إعادة تقديم ملف برنامج الإصلاح مرة أخرى عند استئناف اجتماعات صندوق النقد في آذار/ مارس 2023.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي عن توصله إلى اتفاق مع تونس على مستوى الخبراء، سيتم من خلاله منح قرض للبلاد بحوالي 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات.

وقالت "موديز" في تقريرها بشأن تونس إن خفض التصنيف الائتماني "يعود لعدم وجود تمويل شامل حتى الآن لتلبية احتياجات الحكومة مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد"، مضيفة أنّ عدم تأمين برنامج تمويلي جديد من قبل صندوق النقد الدولي على الرغم من التوصل إلى اتفاق إطاري مع تونس في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أدى إلى تفاقم وضع التمويل الصعب وزيادة الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.

ويقرب هذا التصنيف تونس من السيناريو اللبناني، إذ سبق أن خفضت "موديز" تصنيف لبنان في شباط/ فبراير 2020 إلى درجة Caa2، لتخرج الحكومة اللبنانية بعدها بنحو شهر واحد وتشهر تخلفها عن سداد الديون، بعد أن بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة في ظل انهيار مالي خطير.

وكانت موديز قد صنفت تونس ضمن المستوى B2 مع نظرة مستقبلية مستقرة في شباط/ فبراير 2020، بعد أن كانت نظرة مستقبلية سلبية قبل إجراء الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

وعقب الإجراءات الاستثنائية المعلنة في 25 تموز/ يوليو 2021، خفضت الوكالة تصنيف تونس مرة أخرى إلى Caa1 مع نظرة مستقبلية سلبية، قبل أن تضعه تحت المراجعة مع إمكانية التخفيض في أيلول/ سبتمبر الماضي.

وفي تعليق، حذر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي من إنهيار النظام النقدي مع احتمال فقدان ثقة المدخرين في قدرة البنوك التونسية على المحافظة على مدخراتهم، في صورة تواصل حالة عدم اليقين في الحصول على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، في ظل تخفيض تصنيف تونس السيادي.

وقال في تدوينة عبر "فيسبوك" إنه في صورة استمرار الوضع على حاله، فلن يبقى حل أمام الحكومة التونسية إلا مزيد اللجوء إلى الاقتراض الداخلي وهو ما سيصحر السيولة في السوق النقدية ويوجهها إلى إنفاق الدولة عوضا عن تمويل الاستثمار الخاص".



وفسّر قرار تخفيض التصنيف السيادي بالقول إن تونس لم تتمكن من تعبئة الموارد الخارجية من العملة الصعبة من المساعدات الثنائية بالرغم من حصولها على اتفاق خبراء صندوق النقد الدولي.

وأضاف أن "المدخرات من العملة الصعبة في خزينة البنك المركزي تتآكل من شهر إلى آخر بعد العجز التجاري التاريخي غير المسبوق وهو ما يؤدي الى زيادة الضغوط على كفاية احتياطي النقد الأجنبي في تونس والذي تجسّم فعلا من خلال الصعوبات التي اعترضت الحكومة التونسية على مستوى التزود بالمواد الأساسية وهو ما يقوي احتمالية التخلف عن السداد".

وتابع: "الحوكمة الضعيفة والمخاطر الاجتماعية الكبيرة تفسر جزئياً سبب وصول تونس إلى مثل هذا الوضع الحرج"، مشددا على أن "التأخير في الحصول على اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي يزيد في الشكوك حول إمكانية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية وهو ما يؤدي إلى تفاقم مخاطر ميزان المدفوعات واحتمال إعادة هيكلة الديون التي من شأنها أن تؤدي إلى خسائر لدائني القطاع الخاص".

بدوره، قال خبير الاقتصاد آرام بلحاج، على صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، إنه "بكل موضوعية، الترقيم السيادي الجديد لتونس (Caa2 مع آفاق سلبية) هو مؤشر خطير. فهذا الترقيم يعني للأسواق أن تونس على حافة الإفلاس وأن التمويلات التي ستُقدّم لبلدنا مستقبلاً تُعتبر مخاطرة كبيرة (Extremely Speculative)".

وتابع: "للتذكير، لم تبق إلا درجة واحدة في سلم وكالة الترقيم السيادي موديز (Caa3) لتصبح تونس بلدًا مفلسًا تمامًا (In default)، وبالتالي عاجزًا تمامًا عن الحصول على التمويلات الخارجية".



وعن الحلول، قال الخبير: "التقرير كان واضحًا، ودعا لضرورة الوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، ضرورة رفع حالة الضبابية السياسية الموجودة في البلاد، ضرورة التوافق حول الإصلاحات المضمنة في برنامج الحكومة المقدم لصندوق النقد الدولي وضرورة دعم الاحتياطي من العملة الصعبة في المستقبل المنظور".