قضايا وآراء

ترانيم صهيونية في رسائل لافروف- لابيد

1300x600
لم تعد اللغة الدبلوماسية، التي اعتاد عليها ناقلو أخبار ومواقف السياسة الأمريكية والمتعلقة بالتحالف مع إسرائيل وحمايتها ودعمها، هي ذاتها، فموسكو تتصدر المكانة بجانب الولايات المتحدة، لتقول بصوت عالٍ "ما يجمعنا بالصهيونية كبير وقديم، وما يوحدنا في أيديولوجيا المصالح عميق".

اليوم تمر الذكرى الثلاثون لتقوية العلاقات بين موسكو وتل أبيب التي احتفى بها وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف ونظيره الصهيوني يائير لابيد بنشر مقالتين في صحيفة يديعوت أحرنوت في 15 تشرين الأول/ أكتوبر بهذه المناسبة. حصلت إسرائيل من موسكو عبر وزير خارجيتها لافروف على تأكيد والتزام مماثل لذلك الذي اشتكى منه العرب تنديدا بمواقف "الإمبريالية" الأمريكية.

أمن إسرائيل هو نقطة البدء والمبدأ، الذي تنطلق منه مواقف روسيا في المنطقة العربية، وأي ترتيبات ومفاوضات يجب أن تأخذ بالاعتبار هذه المصالح المشتركة بين موسكو وتل أبيب.. هكذا حملت رسالة لافروف بمناسبة يوم العلاقة مع إسرائيل القناعة الروسية التي تحدث عنها، وتجمع كثيرا من الحقائق التي لا يحب الاقتراب منها من ينظر فقط لـ"إمبريالية" أمريكية دون الروسية؛ في علاقتها مع إسرائيل ومع المؤسسة الصهيونية، وحتى في علاقاتها وسياساتها الإقليمية والدولية عند الحديث عن السلام والاستقرار في المنطقة العربية؛ القصد من ورائها الحفاظ على سلام وأمن ووجود إسرائيل.

وتفاخر لافروف بتأثير موسكو القوي في بناء وتقوية إسرائيل من خلال أول اعتراف حظي به الكيان من الاتحاد السوفييتي عام 1948، أو من خلال تسهيل الهجرة اليهودية الروسية التي انتعش بفضلها التوسع الاستيطاني في العقود الثلاثة الماضية من عمر العلاقات الروسية الإسرائيلية التي يلخصها لافروف بـ:

"يدخل في الأهمية القصوى لتأمين مستقبل مزدهر لشعبي روسيا وإسرائيل، ولتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي. في هذا السياق، هناك سمعة إيجابية للاتصالات بين مجلسي الأمن ووزارات الدفاع في بلدينا، مما يجعل من الممكن مناقشة النهج بانتظام ومراعاة المصالح المشروعة لكلا الطرفين".

الدعم الروسي لإسرائيل، في عهد فلاديمير بوتين، بمشاريع مشتركة واتفاقات في مجالات ومشاريع ناجحة "يزداد قوة وليس له حدود جغرافية" حسب لافروف. ترجمة التعاون الروسي الإسرائيلي في سوريا والدور التنسيقي في هذا المجال؛ خلق تفاهما يتخطى الجغرافيا، وأنه لمن دواعي سرور لافروف أن يؤكد الروابط التاريخية المشتركة بين شعبي إسرائيل وروسيا المرتبطة بثقافات التباهي بتحدث ملايين المستوطنين بلغتهم الروسية الأم في إسرائيل.

مبادلة وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد المشاعر مع لافروف؛ لا تبتعد عن مباهج الفخر بأن "الصهيونية الحديثة" ترعرعت وعاشت عبر عقود طويلة في مهدها الروسي الذي جاء منه آباؤها الأولون، وتأثروا بالثقافة الروسية. كما يفتخر "الشعب اليهودي" بقادته الصهيونيين مثل حاييم وايزمان الروسي المولد، وزئيف جابوتنسكي الأوكراني المولد، وديفيد بن غوريون وغولدا مئير البولنديين، وهؤلاء كانوا يتحدثون الروسية كما هو حال مليون يهودي روسي في إسرائيل.. "اليوم بفضل قيادة بوتين للاتحاد الروسي وإذا نظرنا إلى ما حققناه في ثلاثة عقود والتعاون بين رئيس الحكومة السابق نتنياهو وبوتين، يمكننا أن نفخر ونتطلع بأمل نحو إنجازات مستقبلية لا تقل أهمية".

يائير لابيد يقول إن وجوده في إسرائيل اليوم، يعود فضله لروسيا التي أنقذت جده من "معسكرات الاعتقال" ونقلته بطائرة عسكرية. المفاخر الإسرائيلية بروسيا لا تنتهي عند حدود التعاون والاحتفاء بالعلاقة مع إسرائيل، لكن ما يلفت في تاريخ العلاقات العربية الروسية، غياب هذا التحالف المبني على رعاية وحماية التحالف بناء على مصالح سياسية وعقائدية موجودة فقط في سجل العقائد الصهيونية والمسيحية الصهيونية في روسيا والولايات المتحدة. ولم نقرأ أو نشهد مواقف "مبدئية" بهذه الحرارة في عز التحالف بين الاتحاد السوفييتي السابق أو روسيا الحالية؛ تقود لحماية الحقوق الفلسطينية أو العربية من حليف اشتهر بتزويد حلفائه العرب بسلاح والاستحواذ على قواعد عسكرية احتلالية وعقود إذعان اقتصادي فقط. الدعم وبناء التحالف القوي مع إسرائيل أبعد من المصالح الاقتصادية والسياسية، كما يفسره الجانبان الروسي والإسرائيلي.

في روسيا اليوم، وضوح الغزل والتحالف والتعاون العلمي والتجاري والسياحي والاقتصادي والعسكري والاستخباري؛ يعزز من تقوية ووجود الكيان الصهيوني الاستعماري، ويلتقي عند المبادئ الإمبريالية التي تعتنقها الولايات المتحدة بالنسبة لإسرائيل. لم يكتب وزير خارجية روسي مباهج علاقة موسكو مع فلسطين على سبيل المثال بهذه الروح، ولا عن علاقة موسكو بسوريا، التي تكتب فيها موسكو علاقتها بالمنطقة بصواريخ ودبابات وعصابات فاغنر واحتلال مباشر. التاريخ والوجه الحقيقي لسياسة موسكو الإسرائيلية، التي يقول عنها لافروف إنها تخدم السلام الذي يحقق الازدهار في المنطقة، المقصود منه ازدهار وجود المشروع الصهيوني في المنطقة، وحماية الطاغية السوري؛ ذروة العمل الروسي الإسرائيلي في سوريا، يتوج بغزل تاريخي بترانيم صهيونية.

twitter.com/nizar_sahli