سياسة دولية

هل يغير الصراع بين ترامب وتويتر شكل الإنترنت مستقبلا؟

خبير: تخيل أن "تويتر" حاول إدارة نفسه مثل منظمة إخبارية عادية ومدققة للحقائق قد تحتاج تغريداتك لعدة أيام حتى تظهر للمتابعين- جيتي

نشر موقع "وايرد" تقريرا تحدث فيه عن احتمالية تغير شكل الإنترنت، بعد المعركة التي يخوضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد "تويتر"، التي على إثرها وقع على قرار تنفيذي يؤثر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان ترامب وقع، الخميس، مرسوما يمس بالفصل 230 من "قانون آداب الاتصالات" الذي يشكل حجر الزاوية لشبكات الإنترنت الأمريكية، ويؤمن لـ"فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" خصوصا، حصانة من أي ملاحقة قضائية مرتبطة بمحتويات ينشرها أطراف آخرون، ويمنحها حرية التدخل على منصاتها كما تشاء.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21": "يجب أن يكون دونالد ترامب حريصا على ما يريده. في الوقت الذي يريد فيه التخلص من الفصل 230 من قانون آداب الاتصالات، وهي الخطوة التي تهدف بشكل رئيسي إلى معاقبة "تويتر"، فإنه ينغمس في إشعال نيران أخرى، فعواقب العبث بالقسم 230 ستكون بعيدة المدى".

ويقول إريك غولدمان، أستاذ القانون في جامعة سانتا كلارا، إن هذا المبدأ القانوني الأساسي وفر البنية التحتية القانونية للإنترنت الحديث.

وأضاف: "عندما تفكر إلى أي مواقع الإنترنت عليك أن تدخل وما عليك فعله، فمن المحتمل أنك تتعامل مع الخدمات المحمية بموجب القسم 230، هذا أحد الأسباب التي جعلت اقتصاد الإنترنت ينمو في الولايات المتحدة أكثر بكثير من البلدان الأخرى؛ بسبب البنية التحتية القانونية التي تقدمها لخدمات الإنترنت والبلدان الأخرى لا".

وبين أنه "إذا تم إسقاط هذه الحماية، فستواجه منصات ومواقع الإنترنت الكبيرة، العديد من القضايا في كل مرة ينشر فيها أحد مستخدميها شيئا تشهيريا أو غير قانوني".

ويوضح غولدمان: "تخيل أن "تويتر" حاول إدارة نفسه مثل منظمة إخبارية عادية ومدققة للحقائق.. قد تحتاج تغريداتك لعدة أيام حتى تظهر للمتابعين".

واندلع الخلاف الذي يهدد القسم 230 في 26 أيار/ مايو، عندما زعم ترامب في تغريدات أن الاقتراع بالبريد سينطوي على "احتيال إلى حد بعيد"، وسيؤدي إلى "انتخابات مزورة"، ليقوم "تويتر" بإخطار القراء بـ "تقصي الحقائق حول الاقتراع بالبريد"، ووجههم إلى صفحة تحتوي على مقالات إخبارية، ومعلومات حول المزاعم قام بتجميعها موظفو "تويتر". وخطوة "تويتر" غير المسبوقة تتوافق مع شروط خدمة المنصة بشأن نزاهة الانتخابات.

وكان رد فعل ترامب هو التوقيع على أمر تنفيذي، ادعى فيه أن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تضع علامة على المحتوى المحافظ أو تزيله بشكل غير متناسب، وطلب إعادة تقييم ما إذا كانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تشارك في الإشراف على المحتوى، يجب أن تتمتع بقانون الحماية القانونية 230 الذي يمنحها، أو تعامل كناشرين.

ويعتقد الخبراء أنه من غير المحتمل أن يتسبب أمر ترامب التنفيذي في إلحاق الضرر بالقسم 230.

وقالت المحاضرة في كلية القانون بجامعة ستافورد، دافني كلير: "القضايا الأساسية التي يثيرها الأمر التنفيذي مهمة حقّا، بالطبع، نحن بحاجة إلى نقاش عام مستنير حول قوة المنصات على الخطاب العام".

وأضافت: "بالنسبة للأمر التنفيذي فهو ليس ورقة نقاش منطقية، بل الجزء الأكبر من الأمر التنفيذي لا يصل إلى مستوى تشريع".

ويوافق غولدمان ما قالته، ويضيف؛ "إنها ليست وثيقة جادة، إنها حركة قام بها ترامب أمام قاعدته أكثر مما يتعلق بتغيير القانون فعليّا''، مضيفا: "للكونغرس وحده سلطة تغيير قوانينه".

وتفاقم الخلاف يوم الجمعة بعد قيام "تويتر" بوضع علامة تحذر القراء من محتوى تغريدة من تغريدات الرئيس الأمريكي، هدد فيها باللجوء إلى القوة العسكرية لمواجهة الاحتجاجات في مينابولس.

ولم يعد من الممكن الآن قراءة رسالة ترامب دون الضغط على تنبيه يقول: "هذه التغريدة تنتهك قواعد "تويتر" فيما يتعلق بتمجيد العنف"، لكن "تويتر" قرر أن بقاء هذه التغريدة متاحة قد يكون في الصالح العام.

وبحسب غولدمان، فإن المشكلة الحقيقية بشأن نزاع ترامب مع "تويتر"، هو أن صوت الرئيس انضم إلى مجموعة من النقاد الأقوياء الذين يضغطون من أجل مراجعة أو إلغاء القسم 230.

ويرى النقاد الذين نسبتهم الأكبر من الجمهوريين، أن عمالقة التكنولوجيا رقباء ومتحيزون متحررون.

وليس فقط الجمهوريون، حيث تعالت مؤخرا أصوات من الديمقراطيين يطالبون بإلغاء القسم 230، ويرون أنه سمح لعمالقة التكنولوجيا بتجاهل التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ونشر خطاب الكراهية، والمحتوى غير المرغوب فيه.

وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" العام الماضي، قال المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة جو بايدن بعبارات لا لبس فيها: "يجب إلغاء القسم 230، ويجب إلغاؤه على الفور، رقم واحد".

لكن غولدمان يقول، إن عواقب تغيير جوهري في القاعدة يصعب تحليلها، حيث إنه: "إذا تمت تهيئة القسم 230 بشكل مختلف، فإن ما قد نراه على الأرجح هو استجابات مختلفة حسب قطاعات مختلفة من السوق. قد يقرر عمالقة الإنترنت الحاليون لعب الكرة بموجب القواعد الجديدة".

وأضاف: "قد تغير الشركات الكبرى الطريقة التي يقدمون بها الخدمات".

وقد تقرر شركات الإنترنت الأقل قوة، تجنب أي اتهام لها بالتحيز، وذلك عن طريق التخلص من إدارة المحتوى تماما.

ويطلق غولدمان على هذه العملية اسم "Netflixisation" للإنترنت، أي إنه "سيكون لدينا المزيد من الخدمات مثل Netflix: قواعد بيانات ضخمة، ولكنها ليست محتوى من إنشاء المستخدمين. سيكون لديك عدد كبير من المنتديات. ويقول إنه سيكون لديك Google و Facebook.

 

اقرأ أيضا: ترامب يجدد الهجوم على تويتر والصين والديمقراطيين