ملفات وتقارير

هجماته نوعية.. كيف يستغل تنظيم الدولة كورونا للتمدد بالعراق؟

تنظيم الدولة قام بعمليات مؤخرا في العراق- حساباته على "تلغرام"

تشير معطيات عدة في مدن عراقية، إلى تصاعد هجمات تنظيم الدولة في ظل تفشي فيروس كورونا، وانسحاب عدد من قوات التحالف الدولي، وسط تحذيرات رسمية من استغلال التنظيم للوباء القاتل وإحداث تمدد جديد على الأرض.

وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقي، الاثنين، بمقتل 23 عنصرا من تنظيم الدولة، ومقتل جندي وإصابة أربعة آخرين من قوات الأمن، باشتباكات في محافظة كركوك، فيما تحدثت أنباء عن اختطاف عدد من أفراد الشرطة الاتحادية.

ما إمكانياته؟

وتعليقا على ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عبد الخالق العزاوي لـ"عربي21" إن "تنظيم الدولة يشن هجمات في مدن مختلفة، لكن ليس لديه إمكانية لمسك الأرض لفترة بعيدة جدا".

وأوضح العزاوي أن "وعي المواطنين من أبناء المناطق التي يهاجمها تنظيم الدولة، يحول دون سيطرتهم على الأرض، إضافة إلى معرفة الأهالي بأنها مؤامرة واضحة ضدهم. لذلك من المستحيل عودة التنظيم للسيطرة على المدن مجددا".

 

اقرأ أيضا: تقرير: "داعش" يستغل "كورونا" لتجديد نشاطه بأماكن مختلفة

ولفت النائب إلى أن "تنظيم الدولة لا يزال يتواجد في 14 قرية حدودية بين محافظتي صلاح الدين وديالى، وعلى مرأى العين يتحركون في المنطقة التي يفصل بينها نهر العظيم".

وأشار العزاوي إلى أن "هذه المناطق لا يتواجد فيها أي قطعات أمنية، وغير مأهولة بالسكان لأنهم نزحوا منها وسكنوا في محافظتي ديالى وصلاح الدين، رغم حصولهم على تصاريح أمنية بالعودة إلى مناطقهم، لكن الجهات الأمنية لم تأخذ ذلك بنظر الاعتبار".

وأكد أن "المجاميع التي تتواجد في هذه المناطق يتعرضون للقوات الأمنية والحشد العشائري، وبين الحين والآخر يسقط قتلى بين أبناء مدينة ديالى، ويؤثرون بشكل كبير على أمن المحافظة".

"استغلال كورونا"

وبخصوص استغلال تنظيم الدولة لأزمة كورونا وشن هجماته، قال العزاوي إنهم "يتحركون وفق حرب العصابات ولا يمسكون الأرض، وأينما وجدوا ثغرة أمنية يستغلونها لشن الهجمات، وزرع العبوات الناسفة".

ونوّه إلى أن "نقص القطعات وتفشي فيروس كورونا، وفرض حظر التجوال تسبب بتصاعد الهجمات التي يشنها تنظيم الدولة مؤخرا. وطالبنا باستقدام قوات من الشرطة الاتحادية لتعزيز الأمن بمحافظة ديالى".

وحول الاتهامات التي توجه للقوات الأمريكية بالسماح للتنظيم بالتنقل بين سوريا والعراق، للبقاء في العراق بعد قرار البرلمان بإجلاء القوات الأجنبية، استبعد العزاوي حصول ذلك، وقال إن "الحدود جرى تعزيزها بكاميرات حرارية وبناء جدار من الأسلاك الشائكة".

 

اقرأ أيضا: بوليتكو: فيروس كورونا أنعش تنظيم الدولة في العراق

وأشار إلى أن "سماح قوات التحالف الدولي للتنظيم بالتنقل أمر غير صحيح، لأنهم يأخذون الأمور بجدية، والدليل أن ضرباتهم الجوية كانت موجعة للتنظيم، وبالتالي هم لا يسمحون له بالتمدد لأن خطره ربما يصل إلى أوروبا".

رحيل "التحالف"

من جهته، رأى الخبير الأمني والعسكري سرمد البياتي في حديث لـ"عربي21"، أن "التحركات والعمليات الأخيرة التي يشنها تنظيم الدولة سببها واضح، وهو قلة المعدات الموجودة لعمليات الرصد وربما انسحاب قوات التحالف قد ترك تأثيرا واضحا في هذا الموضوع".

وأوضح البياتي أن "التحالف الدولي سحب معه أغلب التجهيزات المتطورة في عمليات الرصد وهذا الموضوع أدى إلى سهولة تحرك المجاميع الإرهابية في هذه المناطق التي تعتبر جغرافيتها معقدة، وإذا غاب الرصد الجوي فإن القطعات العسكرية ستواجه صعوبة فيها".

وأردف الضابط السابق في الجيش العراقي، قائلا: "ربما الضعف الاستخباري والخمول الأمني الذي أصاب بعض القطعات الأمنية في تلك المناطق له تأثيرات كبيرة في تحرك هذه المجاميع".

لكن البياتي اتفق في تصريحاته مع ما طرحه عضو لجنة الأمن والدفاع حول استحالة عودة تنظيم الدولة إلى مسك الأرض مجددا كما حصل في 2014 وفرض سيطرته على ثلث مساحة العراق.

وقال الخبير العسكري إن "تنظيم الدولة ليس لديه الإمكانيات لمسك الأرض، لأنه يفتقر للحاضنة الشعبية بالمناطق التي يشن فيها الهجمات، لأن الأهالي هناك عانوا كثيرا منهم، لكن ربما يمتلك خلايا نائمة كثيرة، قد وجدت الفرصة السانحة للتحرك في الوقت الحاضر".

 

يشار إلى أن "عربي21" حاولت التواصل مع الجهات الأمنية العراقية للتعليق على نشاط التنظيم، وكذلك ما ورد من مصادر بشأن اتهام الجهات الأمنية بـ"التقصير"، ولم تلق ردا حتى الآن.

وفي وقت سابق، حذر رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني من أن تنظيم الدولة لا يزال يمثل تهديدا كبيرا يمكن أن يتجمع ويشن هجمات، لافتا إلى أن "قرار البرلمان بخصوص إجلاء القوات الأمريكية متسرع وغير ملزم، ونتمنى أن تتوصل بغداد وواشنطن إلى اتفاق يبقي قوات التحالف" وفق تقديره.

وقال البارزاني خلال مقابلة سابقة مع قناة "فراس24" إن تنظيم الدولة ارتكبت أهوالا في جميع أنحاء الشرق الأوسط وباتت أكبر مما كان عليه عام 2014، مستغلين حالة انعدام الاستقرار التي تشهدها المنطقة.

وفي التفاصيل، أكد أن "تنظيم الدولة يصل تعداده إلى 28 ألف عنصر تقريبا في العراق سوريا، وأعدادهم أكبر من عام 2014، أي قبل القيام بهجماته في البلدين وإعلان خلافته".

 

أسباب تمدده

ولفت البارزاني إلى "وجود احتمال كبير لإعادة ظهور التنظيم، لأن الأسباب ذاتها موجودة، فلا يوجد استقرار سياسي، ولا وازدهار اقتصادي، ولا أمن قوي، وهذه عناصر أساسية أدت إلى ظهوره في السابق".

وفقد تنظيم الدولة زعيمه أبا بكر البغدادي في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، جراء عملية عسكرية شنتها قوات أمريكية في مدينة إدلب السورية، دفعته إلى تفجير سترته الناسفة بعد أن حوصر في نهاية نفق، حسبما أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

وكان العراق قد أعلن في كانون الأول/ ديسمبر 2020، الانتصار على تنظيم الدولة، وانتهاء الحرب ضده رسميا، بعد ثلاث سنوات من القتال، وفرار المسلحين إلى خارج البلاد.