في حديث المنقلب الأخير ورداً على أحد الأسئلة قال منفعلاً ومحتداً "أنه لن يسمح بثورة أخرى"، وهو بذلك لا يفهم بأي حال من الأحوال ما ذا تعني الثورة ولماذا تحدث؟
بعد أن تحدث المستبد في خطاباته أن مصر ستكون "أدّ الدنيا" انتقل في خطابه إلى أن مصر شبه دولة حتى يبرر هذا الوضع الذي يعيشه الوطن من عجز وفشل، ثم انتقل في خطابه الأخير ليتحدث عن تبريره للإبقاء على دولة الفشل..
في سابق الأيام أقام البعض الدنيا ولم يقعدها، حينما أُرسلت بالخطأ رسالة كان مطلعها "عزيزي بيريز"، كانت تلك الرسالة من "الرئيس مرسي"، ورغم أننا علمنا أن شخصا ما في قصر الاتحادية مسؤول عن الشؤون البروتوكولية قد قام بهذا الفعل بنوع من الدس على الرئيس آنذاك.
كلها مجازر بعضها من بعض وكلهم فاشيون لا يقيمون للنفوس حرمة ولا للإنسانية قدسية، فقط هم يقتلون من أجل تمسكهم بكرسيهم، فدونه تفنى الشعوب يجعلون ذلك ثمناً زهيداً لبقائهم على كراسيهم..
بعد ارتكاب نظام الانقلاب كل ما يتعلق بالترويع والتفزيع لعموم الناس، والقتل والاعتقال، والتعذيب والاختطاف القسري، والفشل المتكرر في متوالية عدم النجاح في تحقيق أي إنجاز، تأتي متوالية التفريط..
مصر ليست للبيع، أرض الأوطان لا يفرط فيها إنسان، حينما يفعل ذلك المنقلب فإنما يؤكد معاني الغدر والخيانة، يعني تضييع الأمانة، يعني أن كل شيء يمكن أن يضر بهذا الوطن وكيانه يمكن أن يحدث..
كتب مالك بن نبي عن الاستعمار والقابلية للاستعمار، وكتب شريعتي عن الاستحمار والقابلية للاستحمار، ولم يكن يخطر على بالنا طيلة الشهور الماضية، أن شعوبا أخرى يمكن أن تكون محلا لعمليات الاستحمار والاستعباط والاستخفاف والاستهبال..
كانت هذه إجراءات المنقلب لتأميم المجال العام وقطع الطريق على أي معارضة في المجال السياسي، نستكمل في المشاهد القادمة الإجراءات التي تمت لتأميم الجامعات المصرية ومؤسسات التربية والتعليم والثقافة ومواجهة الحركة الطلابية الثائرة..
هذه الصياغة الفرعونية الاستبدادية تتحرك في إطار شروط من الاستخفاف ومؤامرة تتعلق بعقلية العبيد، هذه الرؤية النماذجية يمكن أن نربطها بإطار رؤية سننية تتحكم في صياغة هذا النموذج الاستبدادي الفرعوني في علاقاته ومؤسساته وقدراته وتأثيراته وآلياته.
هذه ليست مجرد كلمة تمر مرور الكرام، خاصة حينما ترد على لسان من تصدر لأمر الناس وادعى حكمهم، حينما يتلفظ الحاكم المستبد بهذه الكلمة فإنها أقسى تعبير عن منظومة الاستخفاف "من أنتم؟!" "انتو مين ؟!"
في يوم السابع والعشرين من شباط/ فبراير صدر "إعلان فبراير"؛ قلب ذاكرة الثورة بأحداثها ورمزيتها التي تعبر عن طاقات شعب وأمة في حماية الثورة وبلوغ أهم أهدافها..
من جملة ما يقع فيه صاحب الغفلة والهذيان أن يتحدث عن الزمن بلا تقدير حقيقي، وبلا اعتبار لوقائعه ومعطياته. حينما يتحدث السيسي أن على المصريين أن ينتظروا خمسة وعشرين عاما حتى تعم الديمقراطية، فإنه بذلك يسوغ استبداده وطغيانه، بطشه وقمعه.