الحروب تنتج الكوارث، وتُبقي الدم ينزف، والدمار يجتاح، والألم يعتصر القلوب، والموت يتخطف من يتخطفهم من الناس الأبرياء في الدروب، وتنتج التشرد والتآكل والعذاب والضعف والضلال البعيد، وتستنبت الأحقاد والكراهية..
في الحروب كذب وخداع ومكر وفيها كلُّ ما يُذم.. فتنتج الموت والدمار، وانهيارات في العمران والاقتصاد والقيم والأخلاق.. وإذا ما انتصر فيها الأقوياء الطغاة البغاة والمجرمون الكبار فإنهم يمحقون الحقيقة والعدل والحرية وإنسانية الإنسان،
هناك الكثير مما يثير العجب والغضب، ولكن هناك أيضاً ما يثير الإعجاب ويستحوذ على الاهتمام ويستحق الإكبار، رغم مي يزرعه في القلب من ألم.. إنها جماعات بشرية تعيش استقلاليتها بتكلفة باهظة، تكتوي بنار الواقع وتثابر على التحدي، تصبر على البؤس وترفض اليأس، وتصر على التعلق بما تراه الحياة الحقة..
تأسُرني دمشق وتدميني، وبين العدوان والعداوة، التآمر والتآكل، التقاتل والتدابر، الدم المَطلول غَدراً والمهَراق سِراً وأَسْراً.. شواغل دمشق كثيرة، وهمومها كبيرة، وجراحها أعمق من أن تُرْتَق..
يتأتى الخوف والخطر من منطق القوة الأعمى، سواء استخدم أسلحة تقليدية متطورة أو نووية وجرثومية وكيمياوية مما يقال إنها أسلحة محرمة دولياً، ومع ذلك تستعمل، ويرفع بها مجانين الحروب رؤوسهم وأصواتهم عندما تحكمهم الأزمات والصراعات والاستراتيجيات التوسعية الزاحفة..
في وطننا العربي الكبير، ساسة وسياسات وقيادات وزعامات كثيرة، وفيه معاناة وآلام مبرحة وأزمات مزمنات، ومعاملات وممارسات تفرق الناس وتزيدهم هماً وغماً، ووقائع حياة يشقى بها معظم المواطنين..
إن خطابنا الثقافي الراهن فيه الكثير مما يعدّ إعادة إنتاج للمنتَج الثقافي السابق ـ عربياً كان ذلك المنتَج أم غير عربي ـ بأسلوب قد لا يكون فيه من الجديد والتجديد ومسؤولية المنتمي لوطن وأمة وعقيدة ما يسوِّغ بذل الجهد فيه..
إن ما ينتظر العالم والحضارة والثقافة على يد إمبراطوريات القوة المتوحشة والشر المتمكن، سوف يكون أشد ضرراً على الحياة والأحياء والحضارات من كل ما قامت به الديكتاتوريات والنظريات البائسة عبر التاريخ.. ولكنه لن يوقف نهر الحياة العظيم، ولن يحكمه أو يشكمه..
هذا وضع من كان لهم وطن لفظهم فحفظوه في سويداء القلوب، يذوبون حنيناً إليه وهم يجوبون مجاهل الدروب، ويحنون إلى العودة إليه حنين الفاقدات يذرفن دم القلوب من العيون، وهن كذات البوِّ حنين وأنين..
شرُّ البليَّة أن بلداناً عربية دخلت أو أُدخلت في هذا الأتون، وعانت من التسلط والتبعية والصراعات البينية حتى استفحل ضعفها ولم تعد تقدر على حماية حدودها ومواطنيها، وأن بلداناً أخرى طمع بها الطامعون، وصارت عرضة لابتزاز دول جارة ودول في المنطقة..
لقد أثر فساد المعايير، بل غيابها عن حياتنا الثقافية، في فعالية العقل والعلم والكلمة والرأي وفي مستوى الإبداع، تأثيراً سلبياً، وأصبحت الدعاوى "الإعلامية ـ الإعلانية" التي تمارس نوعاً من أحكام القيمة، دون موضوعية ومستند من معرفة أو أهلية أو قيمة..
يمكن القول، مع بعض التجاوز، إن حرب الغاز بين الأطراف المنتجة له، والمتاجرة به والمروجة له والمحتاجة إليه، تأتي خلفية وسبباً من أسباب الحروب المدمرة التي شهدتها منطقتنا، ودمرت ما دمرته من بلداننا وعلاقاتنا ومصالحنا..
في كيان الإرهاب الصهيوني "إسرائيل" ٥٤ سجناً ومعتقلاً منها سجن جلبوع الذي يوجد فيه ٥٦٠ أسيراً فلسطينياً، تلك "الخَزْنَة الإسمنتية" المسلحة المحروسة هي التي اخترقها ستة سجناء فلسطينيين مناضلين من أجل الحرية والحياة..
إنهم لا يقبلون الاختلاف ويدعون أنهم يحترمون المُختلف، وينطلقون من معاييرهم وقيمهم التي يرونها مثلى ويريدون فرضها على الآخرين بكل الوسائل ومنها القوة، ويعملون بازدواجية مفاهيم ومكاييل لا سبيل إلى إقناعهم بالعدول عنها..
إن من حق الشعب الأفغاني، بعد أربعين سنة من الحرب المتواصلة ضد إمبراطوريتين عظميين والانتصار فيهما، وبعد ثمانين سنة من الجهاد لدحر الإمبراطورية البريطانية ونيل الاستقلال.. من حقه، ومن حق المنتصرين من أبنائه، أن يشكلوا دولتهم، ويختاروا اختياراتهم، ويقرروا مصيرهم بحرية..