كتاب عربي 21

ماذا يفعل رئيس الشؤون الدينية التركي في طهران؟

1300x600
رئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورماز شارك الأحد الماضي في مؤتمر "الوحدة الإسلامية" الذي ينظمه "المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية" سنويا في العاصمة الإيرانية طهران، على الرغم من الأصوات التي دعته إلى مقاطعة المؤتمر وعدم الجلوس مع قتلة الشعب السوري. وشكر غورماز الشعب الإيراني والمسؤولين على الدعوة إلى المؤتمر، وأشار إلى أن الهدف من زيارته أن يسهم في وقف نزيف الدم، مضيفا أن جميع المسلمين يجب عليهم التطهر من كل ما يقودهم إلى الفتنة والاختلاف.

وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، لفت غورماز إلى المجازر التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه، وقال: "سيحاسب يوم القيامة كل من قتل شعبه بالقنابل والأسلحة الكيماوية، وكل من وقف في صفه ودعمه"، مؤكدا أن المسلمين أصبحوا اليوم أداة للقتل والقضاء على بعضهم البعض، كما لم يكونوا من قبل في تاريخهم. وذكر أن من يريدون تنمية الإسلاموفوبيا يستغلون مشاهد الصراع والاقتتال في العالم الإسلامي من أجل تعزيز دعايتهم ضد المسلمين.

مهما صدح غوزماز في المؤتمر بكلمة الحق أمام حشد من الموالين للنظام السوري وملالي طهران، إلا أن مشاركته في هذا المؤتمر الذي ما هو إلا إحدى أدوات الدعاية لصالح النظام الإيراني الطائفي، تخدم أهداف طهران والمصالح الإيرانية، في الوقت الذي يقاطعه كثير من العلماء السنة الذين انخدع بعضهم في بداية الأمر ثم اعترفوا بأنه يهدف فقط إلى تشييع المسلمين السنة تحت شعار "الوحدة الإسلامية".

زيارة غورماز لطهران أثارت ردود فعل مختلفة، وذهب البعض إلى أن الزيارة تشبه زيارة مرسي إلى العاصمة الإيرانية، إلا أن زيارة مرسي لطهران كانت تختلف تماما عن زيارة غورماز، لأن الأول قام بزيارة العاصمة الإيرانية بصفته رئيس دولة للمشاركة في قمة حركة عدم الانحياز وتسليم رئاستها إلى إيران، وأما الثاني فشارك في مؤتمر يعقد كل سنة في العاصمة الإيرانية لتجميل صورة نظام الملالي القبيحة. ولذلك تشبه زيارة غورماز لطهران ومشاركته في مؤتمر "الوحدة الإسلامية" تلك الزيارة الساذجة التي قام بها رئيس حزب السعادة التركي مصطفى كامالاك لدمشق للقاء بشار الأسد بحجة أنه يريد أن يدعوه إلى الرفق بالشعب السوري وحثه على العفو عن الثوار.

إن كان رئيس الشؤون الدينية التركي يدري أنه ليس هناك أي احتمال لإقناع النظام الإيراني بالتخلي عن دعم النظام السوري ووقف إراقة دماء المسلمين في سوريا والعراق بمثل كلمة ألقاها في مؤتمر "الوحدة الإسلامية" فتلك مصيبة، وإن كان لا يدري فالمصيبة أكبر. ولن يصل غورماز في مساعيه من خلال مشاركته في هذه المؤتمرات غير ما وصل إليه قبله الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ راشد الغنوشي وغيرهما. ولو كانت هذه الزيارة في السابق لوجد لها عذر وقيل إن الزائر يجهل حقيقة إيران، ولكنها جاءت في ظل ما يجري في سوريا منذ اندلاع الثورة وبعد أن انكشف وجه إيران بكل بشاعته، وبالتالي هي جريمة لا تغتفر على الإطلاق.

زيارة غورماز لطهران وجلوسه مع القتلة الطائفيين، بالإضافة إلى التصريحات التي أطلقها سواء قبيل الزيارة أو خلال تواجده في إيران، تتعارض إلى حد كبير مع ما يقوله رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان حول سياسة إيران الطائفية. وقال غورماز في مؤتمر صحفي عقب مباحثاته مع المرشد الأعلى الإيراني الأعلى، علي خامنئي، إنه دعا خامنئي إلى التعاون بين تركيا وإيران والسعودية من أجل إنهاء معاناة الشعب السوري وإنهاء حالة الانقسام والتفرقة في العالم الإسلامي، في الوقت الذي اتهم فيه أردوغان إيران بتبني سياسات طائفية في سوريا، وقال: "لو أن إيران لم تقف خلف الأسد لأسباب مذهبية ربما ما كنا سنحتاج اليوم للحديث عن الأزمة السورية".

الكاتب التركي مصطفى أوزجان، في مقالين نشرهما في صحيفة "وَحْدَتْ" التركية، انتقد بشدة زيارة غورماز للعاصمة الإيرانية وجلوسه إلى جانب الرئيس الروحاني الذي جلس إلى جانبه الآخر مفتي النظام السوري بدر الدين الحسون، على الرغم من أن هذا الأخير اتهم تركيا أمام غورماز بدعم الإرهاب. وسأل أوزجان رئيسَ الشؤون الدينية التركي مستنكرا ومعاتبا: "ماذا تفعل هناك؟". نعم، هذا سؤال حاول غورماز أن يجيبه إلا أن إجابته لم تكن مقنعة ومقبولة.