كتاب عربي 21

ماذا يريد أن يفعل أرينتش؟

1300x600
نائب رئيس الوزراء التركي السابق بولنت أرينتش، أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية ومن السياسيين الذين انشقوا من تيار أربكان آنذاك مع الرئيس السابق عبد الله غول والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ليؤسسوا حزبا سياسيا جديدا يقود تركيا من أول انتخابات برلمانية خاضها بعد تأسيسه.

وكان أرينتش يلعب آنذاك قبل الانشقاق دور الوسيط بين "الشباب" و" الشياب" لإيجاد حل، إلا أن مساعيه باءت بالفشل واختار هو الآخر الانشقاق والانحياز للشباب ليسهم في نجاحات حزب العدالة والتنمية خلال أكثر من اثني عشر عاما، كأحد أقطاب الحزب وتولى في هذه الفترة مناصب عديدة.

لم يترشح أرينتش في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في السابع من حزيران/ يونيو الماضي ضمن قائمة حزب العدالة والتنمية بسبب نظامه الداخلي الذي يحظر على النواب الترشح لأكثر من ثلاث فترات متتالية. وقال إنه ينوي التقاعد ليبقى بعيدا عن ممارسة العمل السياسي. ولم يترشح أيضا للانتخابات المبكرة التي ستجرى نهاية هذا الأسبوع.

كان أرينتش قبل أيام ضيف الإعلامي هاكان تشليك في قناة "سي أن أن تورك" التابعة لمجموعة دوغان الإعلامية، وذكر في المقابلة أنه لم يعد يحب بعض الأشخاص كما كان يحبهم في الماضي، في إشارة إلى رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، مضيفا أن الإنسان يجب أن يختار رفاق دربه بدقة. وأشار إلى أن جدرانا من الثلج دخلت بينه وبين أصدقائه الذين كان يمارس العمل السياسي معهم، وبالتالي فإنه رأى أن من الأفضل أن يبتعد ويستريح. وزعم أيضا أن أصدقاءه الذين واجه معهم التحديات لقوا في الطريق أصدقاء جددا وتخلوا عن أصدقائهم القدامى، وأن الرياح رمتهم إلى طرفين مختلفين.

تصريحات أرينتش هذه قبيل الانتخابات المبكرة أثارت استياء كبيرا في صفوف حزب العدالة والتنمية، إلا أن قادة الحزب تجنبوا التعليق على ما قاله أرينتش خوفا من التلاسن بينهم وبين أحد مؤسسي الحزب. وكانت مشاحنات كلامية حدثت بين أرينتش ورئيس بلدية العاصمة أنقرة مليح غوكتشيك قبيل الانتخابات الأخيرة وأضرت بصورة حزب العدالة والتنمية.

ما الذي يرمي إليه بولنت أرينتش بإطلاق مثل هذه التصريحات قبيل انتخابات هامة للغاية؟ لا يمكن أن نقرأ ما في القلوب، إلا أن الظاهر من هذه التصريحات أن أرينتش لم يتقاعد بمحض إرادته بل كان يرغب في المواصلة لممارسة العمل السياسي. 

إن كان أرينتش يريد أن يحافظ على احترام أنصار حزب العدالة والتنمية له فعليه عدم إطلاق مثل هذه التصريحات المثيرة للجدل والمتناقضة في الوقت نفسه، لأن أرينتش يتهم أردوغان دون أن يذكر اسمه بالتخلي عن أصدقائه القدامى، ولكنه لم يذكر عدم وقوفه إلى جانب أردوغان حين تعرض لهجمات قذرة شنتها جماعة كولن، كما أنه لم يذكر أنه هو نفسه انشق من تيار أربكان وتخلى عن أصدقائه القدامى.

هناك علامات استفهام حول مدى علاقة أرينتش بجماعة كولن التي لا يخفي تعاطفه معها، كما أن الجميع يعرف انتماء زوج ابنة أرينتش إلى الجماعة. وكان أرينتش لعب أكثر من مرة دور الوسيط بين حزب العدالة والتنمية وجماعة كولن لإنهاء الخلافات بينهما. وعندما نشبت أزمة بين حزب العدالة والتنمية وجماعة كولن بسبب انتقاد زعيمها فتح الله كولن إرسال سفينة مرمرة ضمن أسطول الحرية لكسر حصار غزة، زاعما أنه كان على المنظمين للأسطول أن يستأذنوا من إسرائيل قبل الانطلاق باتجاه القطاع، تدخل أرينتش وقال إن "الأستاذ فتح الله كولن محق في انتقاده" لينهي الأزمة.

ولعل السؤال الأهم الذي يبحث الرأي العام عن جوابه هو: "هل يمكن أن ينشق أرينتش وغول من حزب العدالة والتنمية لتأسيس حزب سياسي جديد يتحالف مع حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية لتشكيل حكومة ائتلافية؟". وعلى الرغم من نفي أرينتش مثل هذه التكهنات وتأكيده أنه يدعو الله أن ينجح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المبكرة، فإن تصريحاته المثيرة في اللحظات الحساسة وانتقاداته التي يوجهها إلى أردوغان عبر قنوات مجموعة دوغان الإعلامية التي تبذل قصارى جهدها من أجل أن لا يتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية في البرلمان تكفيه لتشكيل الحكومة وحده، تشير إلى عكس ما يقوله.