مقالات مختارة

انتخاب أم تحالف سيئ؟

1300x600
كتبمحمود أوفر: بعد 13 عاما ولأول مرة، حزب العدالة والتنمية والمعارضة وجها لوجه في تجربة جديدة. سيقومون بالاستفادة من تجارب الستينيات والتسعينيات في تكوين حكومة ائتلافية، ولكن حقيقة الأمر أنهم ليسوا مستعدين لذلك.

هناك متحمّسون وراغبون وكثيرون ممن يبذلون جهدا لأجل ذلك، ولكن ما زالت البنية التحتية السياسية غير مناسبة.

في الواقع، أن المجتمع لم يصوّت لأجل الإلزام بالتحالف، بل إنه أراد أن يوصل رسالة مختلفة عن طريق التوجّه للأحزاب الثلاثة.

ولو أن المجتمع كان يريد حكومة ائتلافية لكان صوّت لحزب الشعب الجمهوري حتى تتكون حكومة ائتلافية مع السلطة الحالية. ولهذا السبب، فإن الوضع غير متاح لتكوين الحكومة الائتلافية. ولعل تركيا تمرّ بأصعب مرحلة في تاريخها منذ أحداث "غيزي" إلى الآن.

هذه مرحلة تبرز فيها السياسة الشخصية وتتحكّم الخطابات القاسية العدوانية بزعماء الأحزاب. قد يكون من المفيد التحالف السليم لتغيير هذا الجو، ولكن في الوضع الراهن يبدو أن هذا الأمر صعب.

فإغلاق حزب الحركة القومية جميع الطرق، وإغلاق حزب الشعوب الديمقراطية الأبواب أمام حزب العدالة والتنمية، يثبت لنا أنهم ما زالوا محبوسين في ما قبل 7 حزيران/ يونيو.

يبقى الحل الوحيد التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري.

حتى وإن ظهر حزب الشعب الجمهوري متحمّسا لتكوين حكومة ائتلافية، فإنه في الواقع يعاني من أعباء كثيرة يصعب على عاتقه حملها.

بغض النظر عن مبادئ حزب الشعب الجمهوري، فإن نظرة ممثلي الحزب لديكتاتور سوريا الأسد والسيسي في مصر وقضية اللاجئين السوريين، قد تثير مشكلة في أي لحظة. وكذلك علاقاتهم مع الكيان الموازي أثناء فترة الانتخابات...

باختصار: حتى لو كان الظاهر هو أن حزب الشعب الجمهوري متحمّس للتحالف فإن باطنه غير مستعد. إضافة إلى أنه ما زال ذا أساس قاس ويرفض تقبّل وجود حزب العدالة والتنمية ويستخدم لغة سياسية تتجاهل رئيس الجمهورية المنتخَب. يكفي لذلك أن نُلقي نظرة على آخر الخطابات في الأيام الأخيرة... رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو الذي يتحدث بإيجابية، كقوله "إننا لن نكون انتقاميين" ويستخدم لغة حذرة جدا؛ انظروا ماذا يقول في الخطاب ذاته: "أكبر مشكلة بيننا وبين حزب العدالة والتنمية هي انعدام الثقة، نحن لا نثق بهم". إنه يتطرّق إلى أمر مهم كالثقة في بداية الأمر. فإذا كانت الثقة معدومة فإنه لا يبقى أي معنى للاتفاق على المبادئ.

يتمادى كليجدار أوغلو ويذهب لأبعد من ذلك ويقوم بتصريحات أسوأ تسمّم المقابلات القادمة، فيقول: "إنهم يملكون ثقافة تستهدف الشخص الآخر لخيانته منذ القدم". وفي الواقع، وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية لم يدل بتصريحات مشابهة فإنه كذلك ينظر إلى حزب الشعب الجمهوري على أنه "غير جدير بالثقة".

هنالك مخرج واحد من هذا الطريق المسدود، وبدأ كليجدار أوغلو يفهمه: "حسنا، في تلك الحالة ستقام انتخابات مبكّرة وبالنسبة لنا لا يهم على أي حال...".

من الواضح أن 7 حزيران/ يونيو، رسم لوحة لم يتوقّعها أي حزب، والأحزاب ليست مستعدة لتنفيذ ما تتطلبه هذه اللوحة. ويحتاجون إلى الوقت لكي يستعدوا. وهذه المرحلة التي نمر بها ستساهم في هذا الأمر.

حتى لو خرجت سلطة واحدة من أي انتخابات متوقعة، فإنه من الضروري تجربة تكوين حكومة ائتلافية.

كلا الاحتمالين سيساهم في تهدئة الأجواء. وإن كسبت الأحزاب نفس الأصوات أو خسرت بعضا منها فإن النتيجة لن تتغير. وحتى لو كانت كل الأحزاب تريد أن تسيطر على السلطة وحدها؛ فإنها ستتغير لغة السياسة طوعا أو كرها لأن النتيجة دائما تحتمل تكوين حكومة ائتلافية.

أما الحكومة الائتلافية التي ستكوّن بعد خوض هذه التجربة فستكون أقوى وأطول أمدا.

برأيكم أيهما سيكون أفضل بحق البلد، تحالف سيئ لـثلاثة.. أو خمسة أشهر، أم إعادة الانتخابات؟

(عن صحيفة "صباح" التركية، ترجمة وتحرير: تركيا بوست- خاص لـ"عربي21")