صحافة إسرائيلية

كاتبة إسرائيلية: قادة فتح تركوا التحرير لأجل مصالحهم

حركة فتح غير قادرة الآن على العودة وقيادة صراع دائم مع الاحتلال - أ ف ب
ناقشت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس في مقالها المنشور في صحيفة "هآرتس" الخميس، ما يكون من أمر السلطة الفلسطينية، وحركة فتح بالأخص، إزاء حادثة قتل الوزير "أبو عين" وتداعياتها، مع لفت النظر إلى غياب الخصوصية عن الواقعة، لدى قيادة فتح بخاصة. 

وتقرّ الكاتبة بأن الحادثة أدت إلى صدمة في أوساط فتح، لكنها تشكك في الوقت نفسه، في أن هذه الصدمة ستتحول إلى ردة فعل تؤدي إلى تغيير نمط السلطة الفلسطينية.

وتبدأ هاس، التي عاشت في أوساط الفلسطينيين في غزة ورام الله ودافعت عن حقوقهم من خلال عمودها في صحيفة "هآرتس"، بتعريف وزارة مقاومة الجدار والمستوطنات.

تقول إنها وزارة غريبة وطابعها يعكس الوظائف المتناقضة للسلطة الفلسطينية وحركة فتح كحركة سلطة؛ فقد أقيمت في عام 2004، انطلاقا من رغبة حقيقية في تركيز المعلومات حول مصادرة الأراضي وتحرشات المستوطنين والإضرار بالمزارعين. 

وتظهر هاس أن هذه الوزارة، رغم تقديمها خدمات قانونية للمتضررين المباشرين من الجدار ومن المستوطنات والمشاركة في الأعمال الشعبية، إلا إنها منذ إنشائها كانت تشكل امتيازا آخر لحركة فتح، من حيث إتاحتها وظائف إضافية وعدة امتيازات وعناوين. 

وقالت إنها تسمى اختصارا "وزارة الجدار"، لكنّ الوزراء في حكومة السلطة الفلسطينية لم يدركوا في معظم الأحيان وجودها ودورها.. بمعنى أنها ليست وزارة حكومية مثل باقي الوزارات، مع أن الذي يقف على رأسها يُعدّ وزيرا.

أما النشاط الفعلي لهذه الوزارة وفقا للكاتبة، فهو مشاركة موظفيها في المظاهرات الدائمة ضد جدار الفصل وغيرها من الأنشطة الأخرى الخاصة بنشطاء فتح، وبمشاركة متضامنين حقوقيين من جنسيات أخرى. 

وعادة ما يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي وحرس الحدود بقمع المظاهرات باستخدام قوة كبيرة أكثر من تلك التي استخدمت أمس (الأربعاء)، حيث كان الاحتجاج الذي مات في نهايته زياد أبو عين، كما تقول هاس. 

وهنا تُبرز الكاتبة السؤالَ الذي يطرح نفسه في الأراضي المحتلة بالتزامن مع وصول نبأ موت "أبو عين": "هل سيشكل هذا الحادث الشعلة التي ستتسبب بانتفاضة ثالثة يتحدثون عنها منذ حزيران هذا العام؟".

وتجيب بأنه، واقع في كل مجتمع عرف النضال من أجل التحرير ضد الكولونيالية والقوة العسكرية، وجود سلطة مثل أي سلطة، تحظى بامتيازات كبيرة أو صغيرة. 

وتقول أيضا، إن سلطة النضال والتحرير، كما هو حال السلطة الفلسطينية، تتشكل من جنود حرب العصابات وحاملي السلاح سابقا، أو النشطاء السياسيين الذين عاشوا في الخفاء وفي السجون، وتحولوا إلى وزراء ورؤساء حكومات وقياديين رفيعي المستوى، وهكذا.
 
وهذا ما حصل مع أعضاء حركة فتح، مع فارق كبير واحد، هو أن "الفلسطينيين لم يتحرروا بعد من سلطة الاحتلال الإسرائيلي ولم يقيموا دولة مستقلة".

وتبرر طرحها ذاك، بأن حركة فتح هي حركة سلطة وينظر إليها الجمهور وتنظر لنفسها على أنها مقاول ثانوي للاحتلال الإسرائيلي، وقناة لتمرير الرواتب لموظفي القطاع العام. فهي، إذن سلطة لإسكات الناس و"استيعاب الغضب". 

وفي خطوة للوصول إلى نتيجة النقاش، تعلن الكاتبة صراحة أن معارضي حركة فتح ونشطاءها العاديين مقتنعون بأن زعماء الحركة تنازلوا عن حلم التحرير والاستقلال مقابل مصالحهم الخاصة ومصالح مستقبل أبنائهم. 

والثمن في نظرها – كما يروي الواقع - هو التنازل عن مبادئ حق العودة وتفكيك المستوطنات.. واستبدالها بالتنسيق الأمني والمدني والتعاون الاقتصادي مع الاحتلال، وفعلا "قام زعماء فتح بعمل ذلك مع شركائهم الإسرائيليين".

وإذا كان من الصعب عليهم في حركة فتح الإجابة عن اتهامات الفساد الممأسس، فإنهم يعرفون الإجابة عن الجزء الثاني من الاتهامات المتعلقة بالخيار العسكري..  فالسلطة الفلسطينية باختصار كما تراها هاس، تتبنى النضال الشعبي غير العنيف، والسلمي، كتوأم للنضال الدبلوماسي الذي يتبناه رئيسها محمود عباس.

وبناء عليه، فإن قتل "أبو عين" أدى إلى صدمة في أوساط حركة فتح، لكنّ هذا ليس كافيا كي يستطيعوا تغيير نمط سلطتهم والأداء الداخلي المليء بالصراعات والعداوات في الحركة، كما حللت الكاتبة الحالة. 

وإذن، فموت "أبو عين" بسبب قمع احتجاج سلمي وبسيط يعتبر خلية أخرى في سلسلة أعمال قمعية إسرائيلية "عادية". وهو عمل لم يرقَ، برأي هاس، إلى درجة أن "يفكر الجمهور الفلسطيني بأن حركة فتح قادرة الآن على العودة وقيادة صراع دائم مع الاحتلال".. ما يعني أن ردة الفعل هي نفسها العادية كما كانت في أحداث سابقة عنيفة، عُدّت نتائجها في مرحلة حساب التداعيات "عادية".