سياسة دولية

ما معنى مشاركة تركيا في دعوى الإبادة الجماعية ضد الاحتلال؟

دولا مثل إيرلندا وبلجيكا والأردن وليبيا بدأت في تقييمات للمشاركة كطرف في القضية ضد "إسرائيل"- الأناضول
في سياق استمرار المرحلة القضائية التي بدأتها دولة جنوب أفريقيا وإصدار المحكمة أمرا قضائيا لـ"إسرائيل" يقضي بوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة، فقد قامت الأخيرة بزيادة حدة الهجمات كنوع من التحدي للمحكمة، وكنوع من الحملات السياسية والاقتصادية التي بدأت تركيا باتخاذها بالفعل في وجه تل أبيب، أعلن وزير الخارجية هاكان فيدان انضمام بلاده إلى الدعوى القضائية بشكل رسمي في  محكمة العدل الدولية.

ونشرت صحيفة "صباح" التركية مقال رأي للكاتب "يوجل آجر" تحدث فيه عن تفاصيل إعلان تركيا مشاركتها طرفا في الدعوى القضائية التي بدأتها دولة جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل".

وأشار الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إلى  سلسلة من التطورات الدولية المتعلقة بالدعوى القضائية بين جنوب أفريقيا و"إسرائيل" أمام المحكمة الدولية؛ حيث شاركت تركيا كطرف في هذه القضية، بعدما قدّمت نيكاراغوا وكولومبيا طلبات مماثلة، وهو ما يبرز أهمية هذه المشاركة الدولية في تقديم الدعم والتأييد لجهود جنوب أفريقيا في مواجهة "إسرائيل" أمام المحكمة الدولية.

وقال الكاتب إن بعض التطورات والإشارات إلى أن بعض الدول قد تتحرك في هذا الاتجاه أيضا، حيث يُذكر أن دولا مثل إيرلندا وبلجيكا والأردن وليبيا قد بدأت في تقييمات مماثلة للمشاركة كطرف في القضية ضد "إسرائيل". 

ومن ناحية أخرى، يُذكر أن تركيا ستكون أول دولة من أعضاء منظمة التعاون الإسلامي التي تقدم طلبا بالمشاركة كطرف في القضية.

وأوضح الكاتب أن دولة ثالثة يمكنها المشاركة في الدعوى أمام المحكمة إذا كانت لديها مصلحة مباشرة في نتيجة الدعوى أو في تفسير إحدى الاتفاقيات التي تتعلق بالقضية. يوضح الكاتب أن المشاركة كطرف لا تعني فتح قضية جديدة، وإنما تعني دعم إحدى الأطراف الفعلية في القضية لتحقيق نتيجة معينة لصالح المتدخل. 

ويشير إلى أن قرار قبول طلب المشاركة يعتمد على المحكمة، وتأخذ المحكمة في الاعتبار آراء الأطراف الفعلية في القضية أثناء تقديم قرارها.

وبين الكاتب أن الدول يمكنها التدخل في الدعاوى التي تعرض أمام المحكمة الدولية وفقا للمادة 62 من النظام الأساسي للمحكمة. ووفقاً لهذه المادة، فإنه يمكن لدولة ما أن تطلب من المحكمة السماح لها بالتدخل إذا اعتبرت أن لديها مصلحة قانونية قد تتأثر بقرار المحكمة في الدعوى. وبالتالي، يمكن للدولة الثالثة أن تقدم طلبا للتدخل بحجة أن قرار المحكمة في القضية سيؤثر على "مصلحة قانونية" لها.

وفي سياق المادة 62؛ يمكن لتركيا أن تشارك كطرف في قضية الإبادة الجماعية بين جنوب أفريقيا و"إسرائيل"، حيث أن الحجة المحتملة لتدخل تركيا في هذه القضية ستكون استنادا إلى المصلحة القانونية في منع جريمة الإبادة الجماعية، وهذه المصلحة، بحسب الكاتب، تعتبر مصلحة عامة ودولية لجميع الدول، بما في ذلك تركيا التي تسعى للحفاظ على السلام والأمن الدوليين وحماية حقوق الإنسان.

ولفت الكاتب إلى وجود أساس آخر لمشاركة الدول كطرف في القضايا أمام المحكمة الدولية، وذلك وفقا للمادة 63 من نظام المحكمة، التي تمكن الدول من أن تطلب التدخل في القضية ليس بسبب الأحداث المحددة المتعلقة بالنزاع بشكل مباشر، بل بسبب القرار المتوقع من المحكمة بشأن تفسير الاتفاقية المعنية في القضية. 

ويقوم هذا القرار بتحديد كيفية فهم الاتفاقية وتطبيقها، وبالتالي فإنه يمكن أن يؤثر على مصالح الدول الأخرى المتعاقدة بالاتفاقية.

بناءً على ذلك، فإنه يمكن للدولة الثالثة التدخل في القضية إذا كانت متعاقدة بالاتفاقية المعنية وتعتقد أن قرار المحكمة سيؤثر على مصالحها. هذا يعني أن التدخل لا يكون فقط بناءً على الأحداث المحددة للقضية، بل أيضا بناءً على القرار المتوقع صدوره من المحكمة.

وذكر الكاتب أن كولومبيا قدمت طلب التدخل في القضية بالاستناد إلى المادة 63 من نظام المحكمة. ويُعتقد أنه إذا قامت تركيا بتقديم طلب للتدخل في القضية وفقًا للمادة 63، فمن المتوقع أن يكون الأساس هو تفسير اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي تشكل أساسا للدعوى. 

ويشير الكاتب إلى أن قرار المحكمة بشأن تفسير اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية سيكون ملزما للدول الأطراف في الدعوى، بالإضافة إلى الدول التي تمتلك حق المشاركة كطرف في القضية. 

هذا يعني أن الدول التي تقدم طلبا للتدخل بناءً على المادة 63 ستكون ملزمة بالقرار الذي تصدره المحكمة بشأن تفسير الاتفاقية المعنية بالنسبة لها كما هو الحال بالنسبة للأطراف الفعلية في الدعوى.

يستشهد الكاتب بقضيتين مماثلتين للقضية الحالية، القضية الأولى بين أوكرانيا وروسيا، والثانية بين غامبيا وميانمار، حيث تقدمت العديد من الدول بطلبات للمشاركة كطرف بناء على المادة 63. ويشير الكاتب إلى أن هذا يُظهر أن المحكمة تعتمد سياسة إيجابية لقبول طلبات المشاركة بموجب هذه المادة في القضايا التي تتعلق باتفاقيات دولية معينة، مثل اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وأكد الكاتب أنه عندما  تقرر دولة ما المشاركة كطرف في قضية معينة، فإن المشارك الجديد سيحصل على نسخة من بعض الوثائق الأساسية المتعلقة بالقضية وسيُمنح فرصة لتقديم بيان كتابي ورأيه في المسألة المطروحة أمام المحكمة. وأوضح أنه في حال رغبت الأطراف، فإنه يمكنها تقديم وجهات نظرها الكتابية قبل بدء الجلسات الشفهية، وأن الطرف الجديد سيكون له الحق في تقديم ملاحظاته أثناء الجلسات الشفهية.

وتطرق الكاتب إلى أهمية قرار تركيا بالمشاركة كطرف في القضية ضد "إسرائيل" أمام المحكمة الدولية، ويوضح أسباب هذا القرار. ويعتبر هذا التدخل أيضا فرصة لتقديم الدعم القانوني لجنوب أفريقيا أمام المحكمة. 

يُظهر الكاتب أن هذا الدعم يمكن أن يكون ذا أهمية كبيرة لجنوب أفريقيا في المحكمة من حيث صياغة وتقديم الأدلة اللازمة، ويشير أيضا إلى أن تركيا تعبر عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني من خلال هذه المشاركة.