سياسة عربية

خانيونس.. معقل المقاومة وعقدة الاحتلال في الجنوب

خانيونس تعتبر معقلا للمقاومة في قطاع غزة- جيتي
تدور المعارك منذ نحو شهر في خانيونس جنوب القطاع، تلك المدينة التي تعتبر معقلا للمقاومة وعقدة قتال ادخر لها جيش الاحتلال الكثير من قواته، وبالرغم من ذلك فإنه فشل حتى الآن في الوصول إلى عمق المدينة، أو تحقيق أي من أهدافه هناك، كما هو الحال مع شمال القطاع.

معقل المقاومة
تعرضت المدينة لقصف مكثف طوال الفترة الماضية، حتى بدأ الاحتلال عملياته البرية جنوب القطاع مطلع الشهر الماضي.

واتجه الاحتلال جنوبا بعد عمليات استمرت شهرا ونصف، في الشمال، لم يستطع فيها تحقيق أي من أهدافه.

ولأن خانيونس تعتبر معقلا لحركة حماس والمقاومة عموما، فقد تحدث قادة الاحتلال عن معركة حاسمة وقاسية هناك.


وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الثلاثاء الماضي: "إننا نهاجم مركز الثقل. يتم سؤالنا بشكل متكرر عن الدمار في غزة. حماس هي العنوان، السنوار هو العنوان".

وارتبطت خانيونس منذ فترة طويلة باسم رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف، اللذين ولدا ونشأا كلاهما في مخيم خانيونس للاجئين.

وأعلن جيش الاحتلال الأسبوع الماضي عن دفعه بسبعة ألوية قتالية في خانيونس، أبرزها "المظليون وجفعاتي والكوماندوز والمدرع السابع".

وذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، أن المعارك الدائرة في غرب خانيونس هي الأعنف من نوعها في جنوب غزة منذ أوائل الشهر الماضي.

ومع احتدام المعارك في المدينة يتعرض الاحتلال يوميا لصدمات لا تقتصر على الخسائر والإخفاقات بل وبإمكانيات المقاومة على صد الهجوم والمناورة.

وتقول صحيفة "معاريف" العبرية: "إن أنفاق حماس لا تزال تتحدى الجيش مع استمرار القتال العنيف في خانيونس".

وأضافت، أن "خلايا صغيرة وقاتلة من عناصر حماس تختبئ في الأنفاق وبين أنقاض المباني".

ومثلت عملية مخيم المغازي المركبة، خسارة فادحة لجيش الاحتلال الذي وصف يوم الثلاثاء الماضي بأنه الأسوأ منذ بداية الحرب بعد مقتل 21 جنديا وضابطا في كمين معقد لكتائب القسام.



وذكرت "الكتائب" أن مقاتليها تمركزوا منذ أسابيع في منطقة العملية شرق المغازي رغم القصف الشديد والمتواصل، والتعليمات كانت بعدم التعامل مع القوات المتوغلة في مخيم المغازي في انتظار هدف ثمين.

وقال قيادي في القسام إن "القذيفة التي أطلقها المجاهدون، كانت بمثابة محرض للمتفجرات التي أحدثت انفجارا دمر المبنى وقضى على أفراد القوة، وبالتوازي مع ذلك تم تدمير دبابة كانت تعمل على تأمين القوة وقتل وإصابة من فيها".



عقدة الاحتلال 
بعد حرب عام 1948، مثلت مدينة خانيونس مكانا لإيواء خمسين ألف لاجئ فلسطيني لا يزالون يعيشون في معسكرات ومخيمات المدينة في انتظار العودة إلى مدنهم وقراهم التي فقدوها.

وفي حروب 1956 و1967 ساهمت خانيونس بشكل كبير في المعركة ضد الاحتلال الذي عاقب السكان على صمود المدينة ودورها الأسطوري في صده.

وفي عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، حيث كان قطاع غزة يتبع الإدارة المصرية، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مذبحة شهيرة، في يوم 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا. 

وبعد أيام من المجزرة الأولى نفذت وحدة من جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيدا من المدنيين في خانيونس.

بعد عام 67 سيطرت سلطات الاحتلال على جزء كبير من أراضي مدينة خانيونس واستخدمتها لبناء المستوطنات، حيث شكلت "غوش قطيف" تجمعا استيطانيا كبيرا في قطاع غزة، إذ تستولي المستوطنة على معظم الأراضي الغربية لمدينة خانيونس وتفصل المدينة ومخيمها عن الوصول إلى شاطئ البحر. 

وفي أيلول/ سبتمبر 2005، حرِّرت المستوطنة من الاحتلال.



مقاومة مبكرة
وانخرط سكان خانيونس مبكرا في مقاومة الاحتلال وشاركوا بشكل كبير وفعال في الانتفاضة الأولى عام 1987، حيث كانت الهجمات تشن يوميا على دوريات الاحتلال في المدينة فضلا عن الإضرابات العامة والمسيرات التي اجتاحت المدينة.

وعمد سكان خانيونس آنذاك لأحراق الإطارات في الشوارع، وألقت الحشود الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الاحتلال. ورد الجيش الإسرائيلي بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. 

وتعرضت خانيونس في انتفاضة الأقصى لهجمات وحشية من قبل الاحتلال الذي دمر وهدم عشرات المنازل في المدينة، كما أنه ارتكب مجزرة في بلدة خزاعة راح ضحيتها أكثر من 20 شهيدا.

وجابهت المدينة جيش الاحتلال في حرب 2008 وسقط العديد من أبنائها شهداء خلال صد قوات الاحتلال حينها.

الموقع والأهمية
تقع خانيونس جنوب قطاع غزة، وتعتبر من كبريات مدن القطاع من حيث عدد السكان والأهمية الاستراتيجية والاقتصادية بمساحة تتجاوز الـ54 كيلومترا مربعا.

وتبعد المدينة نحو عشرة كيلومترات فقط عن الحدود المصرية وعلى بعد نحو 100 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من القدس المحتلة، وتطل بجانبها الغربي على البحر الأبيض المتوسط، ويطل الشرقي منها على صحراء النقب، فيما تحدها من الشمال دير البلح ومن الجنوب مدينة رفح.


التسمية والتأسيس
وتعود تسمية المدينة المؤلفة من كلمتين "خان يونس" لقرون مضت، فالأولى "خان" تعني "فندق"، والثانية "يونس" نسبة إلى الأمير يونس التوروزي الداودار.

وترجح بعض المصادر والمؤرخين أن مدينة خانيونس بنيت على أنقاض مدينة قديمة أنشأها الإغريق، كانت تعرف باسم "جينسس".

وترجع نشأة خانيونس بالعصور الوسطى، خصوصا عهد المماليك الجراكسة والسلطان المملوكي برقوق الذي حكم مصر وبلاد الشام بين عامي 1382 و1399 ميلادية.

وبنى الأمير يونس الداودار قلعة محصنة وسورا ضخما حولها. بُني أيضاً خان فسيح داخل القلعة في عام 1387 ميلادية.

بوابة الشام
وتعتبر مدينة خانيونس خلال تلك الفترة بوابة الشام للقادمين من مصر، وكانت من الوجهات الرئيسية للمسافرين القادمين إلى مصر وبلاد المغرب. 

وكان للمدينة دور بارز في صد الغزو البريطاني، حيث قصف البريطانيون قلعتها باستخدام المدافع ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها.