كتاب عربي 21

هل تشارك الكويت في إقراض النظام المصري من جديد؟

امتنعت الكويت عن إقراض مصر على مدى ثماني سنوات- الأناضول
تداولت عدد من الموقع الإخبارية الاقتصادية أنباء عن دعم دولي جديد مرتقب للنظام المصري مكافأة له على موقفه من حصار غزة، وعدم اتخاذه أية إجراءات عملية لوقف العدوان، وتماهيه مع المواقف الغربية، وذلك بداية من زيادة قرض صندوق النقد الدولي لمصر حسبما أشارت مديرة الصندوق، بمبرر تضرر الاقتصاد المصري من آثار حرب غزة، وتقديم الاتحاد الأوروبي استثمارات بنحو عشرة مليارات دولار، وتقديم دول الخليج دعما جديدا له.

وهذا يجيء بعد استجابة دول الخليج الثلاث: الإمارات والسعودية وقطر لمطلب الصندوق أواخر عام 2022، لتأجيل استرداد قروضها قصيرة الأجل التي قدمتها لمصر خلال الربع الأول من عام 2022 والبالغة 13 مليار دولار، لحين انتهاء برنامج الصندوق الخاص بمصر والذي كان مقررا له 46 شهرا، لكن رئيس الوزراء المصري صرح مؤخرا بأنه ستكون هناك فترة زمنية أطول لبرنامج مصر مع الصندوق، والتي سيتم الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

ولهذا نتساءل: هل تشارك الكويت في الإقراض المرتقب للنظام المصري؟ ونقول الكويت بالذات لأن الكويت كان لها موقف مختلف نسبي عن باقي دول الخليج المُقرضة للنظام المصري، حيث قدمت دول الخليج قروضا للنظام المصري على أربع مراحل منذ استيلائه على السلطة وحتى الآن، بينما لم تشارك الكويت سوى في أول مرحلتين فقط من تلك القروض.

هل تشارك الكويت في الإقراض المرتقب للنظام المصري؟ ونقول الكويت بالذات لأن الكويت كان لها موقف مختلف نسبي عن باقي دول الخليج المُقرضة للنظام المصري، حيث قدمت دول الخليج قروضا للنظام المصري على أربعة مراحل منذ استيلائه على السلطة وحتى الآن، بينما لم تشارك الكويت سوى في أول مرحلتين فقط من تلك القروض
فبعد نحو أسبوعين فقط من تولي الجيش السلطة في تموز/ يوليو 2013، قامت الإمارات بإقراض النظام المصري ملياري دولار بدون فائدة، وتبعتها السعودية بتقديم ملياري دولار أيضا كقروض بعد الإمارات بيومين فقط وبدون فائدة أيضا، لكن قرض الكويت لمصر تأخر حتى الرابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر، أي بعد أكثر من شهرين من قرضي الإمارات والسعودية، وإذا كان قرضها بنفس القيمة البالغة ملياري دولار، فقد اختلف من حيث الفائدة باحتسابه سعر فائدة الليبور لمدة سنة على أقساط القرض.

تعثر سداد أقساط القروض الكويتية

وشاركت الكويت في الجولة الثانية للإقراض الخليجى لمصر التي تمت عام 2015، بتقديم ملياري دولار أخرى مثلما قدمت الإمارات والسعودية، واشتركت معهما بنفس التوقيت وبنفس سعر الفائدة الثابتة البالغة 2.5 في المائة، لكن الكويت لم تشارك في الجولة الثالثة للإقراض التي تمت عام 2016 والتي قامت خلالها كل من السعودية والإمارات بتقديم ملياري دولار.

وكذلك لم تشارك الكويت في الجولة الخليجية الرابعة للإقراض في الربع الأول من عام 2022، والتي حصلت مصر خلالها على 13 مليار دولار، بواقع 5 مليارات دولار من كل من السعودية والإمارات، وثلاثة مليارات من قطر أتبعتها بمليار آخر في تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس العام.

وجاء عدم مشاركة الكويت في قروض الربع الأول من 2022، رغم زيارة الجنرال المصري للكويت لطلب قرض جديد منها خلال شهر شباط/ فبراير 2022، بعد خروج قدر كبير من الأموال الساخنة من مصر مع ارتفاع فائدة الودائع الأمريكية والحرب الروسية الأوكرانية.

ولم تكتف الكويت بمساندة النظام العسكري بالقروض عند استيلائه على السلطة، بل قدمت له أيضا معونات سخية بلغت مليارا و679 مليون دولار خلال أول عامين من توليه السلطة، أسوة بما قامت به كل من السعودية التي قدمت له معونات بلغت 8 مليارات دولار، والإمارات التي قدمت 5.5 مليار دولار معونات في نفس الفترة.

ويستشف البعض من عدم إقراض الكويت مصر منذ نيسان/ أبريل 2015، أنها لن تشارك في تقديم قروض جديدة خلال الأسابيع المقبلة، مستندين في ذلك إلى عدم قيام النظام المصري بسداد أية أقساط من قرضي عامي 2013 و2015 حتى الآن، حيث كان من المقرر سداد القرض الأول بداية من عام 2018 على خمسة أقساط سنوية، كما كان مقررا سداد أقساط القرض الثاني على ثلاثة أقساط بواقع 666 مليون دولار في 2018 و2019 و2020، لكن ما حدث أنه كلما جاء موعد سداد قسط فإنه يتم تأجيل سداده لمدة عام، بحيث لم يتم سداد أي منها حتى الآن.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل امتد الأمر إلى عدم سداد أقساط قرض قديم آخر، متوسط الأجل للكويت على الحكومة المصرية يعود لفترة الرئيس مبارك، والذي كان قد بلغ 927 مليون دولار في نهاية عام 2012، ليظل هذا الرقم يتزايد خلال السنوات التالية، ثم زاد بنحو نصف مليار دولار عام 2019 عقب زيارة للجنرال للكويت، وظل يرتفع حتى بلغ مليارا و911 مليون دولار بنهاية العام الماضي، مما رفع أرصدة مجمل القروض الكويتية لمصر إلى 5 مليارات و911 مليون دولار، لتحتل الكويت المركز الرابع من حيث القيمة لإقراض مصر بعد الإمارات والسعودية والصين.

ثماني سنوات للعجز بالموازنة الكويتية

والحقيقة أن هناك سببا رئيسيا لعدم مشاركة الكويت في إقراض مصر عامي 2016 و2020 مثلما فعلت دول خليجية أخرى، وهو انخفاض أسعار النفط الذي تعتمد عليه موارد الكويت بصورة كبيرة، حيث انخفض سعر برميل برنت إلى 44 دولارا عام 2016 و54 دولارا في العام التالي، كما بلغ 71 دولارا عام 2018، وانخفض إلى 64 دولارا في العام التالي ليصل إلى 42 دولارا عام 2020، الأمر الذي انعكس على أداء الموازنة الكويتية التي تعتمد على إيرادات النفط بشكل رئيسي، مما أصابها بالعجز المستمر لثماني سنوات مالية متصلة من عام 2014-2015 وحتى 2021-2022.
الحقيقة أن هناك سببا رئيسيا لعدم مشاركة الكويت في إقراض مصر عامي 2016 و2020 مثلما فعلت دول خليجية أخرى، وهو انخفاض أسعار النفط الذي تعتمد عليه موارد الكويت بصورة كبيرة، حيث انخفض سعر برميل برنت إلى 44 دولارا عام 2016 و54 دولارا في العام التالي، كما بلغ 71 دولارا عام 2018، وانخفض إلى 64 دولارا في العام التالي ليصل إلى 42 دولارا عام 2020، الأمر الذي انعكس على أداء الموازنة الكويتية التي تعتمد على إيرادات النفط بشكل رئيسي، مما أصابها بالعجز المستمر لثماني سنوات

وبلغ مجمل العجز التي تحقق في الموازنة الكويتية خلال السنوات المالية الثماني 36 مليارا و876 مليون دينار كويتي، الأمر الذي أثر على أرصدة صندوق احتياطي الأجيال القادمة الذي تم إنشاؤه عام 1976، ونص قانون إنشائه على اقتطاع نسبة عشرة في المائة من الإيرادات العامة للدولة لهذا الصندوق.

ومع توالي عجز الموازنة منذ العام المالي 2014-2015 صدر قانون آخر في أيلول/ سبتمبر 2020 لتعديل نسبة العشرة في المائة، التي كان يتم اقتطاعها من الإيرادات العامة لتذهب إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، ليصبح هذا الاقتطاع غير محدد النسبة، ويتم في حالة زيادة الإيرادات السنوية عن المصروفات، بحيث يتم الاقتطاع من نتائج الحساب الختامي للدولة بنسبة تحدد بناء على اقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء، اعتبارا من نتائج السنة المالية 2018-2019.

وتسبب استمرار العجز في الموازنة الكويتية لسنوات في توصية صندوق النقد الدولي لها، في شباط/ فبراير 2020 خلال مشاورات المادة الرابعة معها، بالاتجاه إلى الاقتراض الخارجي، اعتمادا على تصنيفها الائتماني القوى، لتخفيض السحب من صندوق الاحتياط العام مما يسمح باستمراره لمدة أطول، وزيادة نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي من 15 في المائة عام 2019 إلى أكثر من 70 في المائة عام 2025.

كما كان توالي عجز الموازنة من أسباب انكفاء الأمير الراحل نواف الأحمد الصباح على الشأن الداخلي خلال فترة توليه، وهو ما نتوقع أن يستمر ولو لفترة خلال عهد الأمير الجديد مشعل الأحمد الصباح، فلا يعني تحقيق الموازنة الكويتية فائضا بلغ 6.4 مليار دينار كويتي مع تحسن أسعار النفط، خلال العام المالي الأخير 2022-2023، أن الأمور المالية قد تم علاجها، حيث بلغ عجز السنوات الثماني السابقة لهذا الفائض ما يقرب من 37 مليار دينار كويتي.

وهذا دعا الحكومة الكويتية إلى التأكيد على ضرورة إعادة رسملة صندوق الاحتياط العام الذي تم استنفاده لسد العجوزات المتتالية في الموازنة، مع بلوغ الأصول الاحتياطية 8.2 مليار دينار كويتي خلال العام المالي 2021-2022، ومن خلال تلك الأوضاع المالية الكويتية لا نتوقع أن تشارك الكويت، في الإقراض الخليجي الجديد المتوقع للنظام المصري.

twitter.com/mamdouh_alwaly