سياسة عربية

أبرز مشاهد انتخابات الرئاسة المصرية.. كوبونات وكراتين ونقود وحشد للموظفين (شاهد)

لا منافسة حقيقية للسيسي في الانتخابات المحسومة سلفا - عربي21
كانت الرشاوى المادية والعينية والاستغلال والحشد أبرز مظاهر الانتخابات الرئاسية في مصر، التي جرت على مدار 3 أيام دون منافسة لرئيس النظام، عبد الفتاح السيسي.

ورصدت "عربي21" أبرز مظاهر المخالفات التي صاحبت العملية الانتخابية في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان (أكثر من 105 ملايين نسمة)، أبرزها:

-توزيع كوبونات جوائز وكوبونات شراء بقيمة مالية محددة.
-توزيع كراتين غذائية تضم بعض السلع الأساسية مثل السكر والزيت.
-توزيع نقود من فئة 200 جنيها (4 دولارات) لكل ناخب تمت دعوته.
-حشد موظفي الدولة والشركات والجامعات وإجبارهم على التصويت.
-احتجاز المواطنين الذين تلقوا رشاوى بالتحفظ على بطاقاتهم لإعطاء زخم جماهيري أمام اللجان.

وأغلقت مراكز الاقتراع للانتخابات الرئاسية بمصر أبوابها، الثلاثاء، في انتخابات لا يتوقع أن تشهد تحولا سياسيا في البلاد، حيث لا يوجد أي منافسة حقيقية لرئيس النظام، عبد الفتاح السيسي.

والانتخابات التي بدأت يوم الأحد الماضي هي الثالثة التي يخوض السيسي غمارها منذ توليه السلطة عام 2014 بعد الإطاحة بأول رئيس منتخب في مصر محمد مرسي في 2013.

ولم يُبد العديد من المصريين اهتماما يذكر أو معرفة بالانتخابات رغم جهود السلطات والمعلقين في وسائل الإعلام المحلية الخاضعة لرقابة مشددة لحث المواطنين على التصويت انطلاقا من واجبهم الوطني.

رشاوى وحشد جماهيري

حصلت "عربي21" على مقاطع فيديو مصورة وصور خاصة للقاء بين مندوبين من مؤيدي السيسي من الأحزاب ورجال الأعمال ونواب بالبرلمان وبين بعض الناخبين خلف إحدى اللجان لتوزيع الأموال على المشاركين في التصويت.




 وقال أحد الصحفيين الذين شاركوا في تغطية انتخابات الرئاسة في محافظة القاهرة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21": "إن أحد أفراد الأمن طلب منه عدم التصوير داخل إحدى المدارس التي كانت تضم إحدى اللجان الانتخابية على الرغم من الإفصاح عن هويته كصحفي".



ونقل الصحفي عن أحد الموظفين قوله إنه كان مضطرا للتصويت بسبب التعليمات داخل المدرسة التي يعمل بها أن يظهر الحبر الفسفوري على إصبعه ولكنه قام بإبطال صوته ووضع الورقة بدون أن يختار أي أحد من المرشحين.

بينما قال موظف آخر إن عضو مجلس النواب في دائرته كان حاضرا بإحدى اللجان الانتخابية لمتابعة عملية تصويت مواطني دائرته واختيار السيسي، أوضح: "ربنا يسامحني أنا في حكم المضطر".

واشتكى أحد العاملين بإحدى المستشفيات الحكومية من عدم حصوله على "كرتونة مواد غذائية"، وأعرب عن ندمه للإدلاء بصوته، وقال: "أعطوا البعض كراتين ولم يعطوا البعض لقد ضحكوا علينا ولم نحصل على شيء، ليتني لم أذهب".

ورصد مراسل "عربي21" تجمعات لبعض الفقراء والبسطاء من العامة يجمعهم بعض "البلطجية"، وجمعوا بطاقاتهم الشخصية وحشدوهم في حافلات صغيرة، واحتفظوا ببطاقاتهم لساعات حتى يمكثوا أمام اللجان على الأرصفة وفي الشوارع ويعطوا زخما انتخابيا.

 وفي بعض الأماكن تراوح الصوت الانتخابي بين 100 و200 جنيه، ووقعت مشادات كلامية بينهم بسبب طول الانتظار ووقوفهم مدة طويلة في انتظار السيارات التي تقلهم.

واستخدم مؤيدو السيسي المواقف أسفل بعض العمارات كمخازن لوضع الكراتين بها ومن ثم توزيعها على الذين أدلوا بأصواتهم بعد التحقق من وجود الحبر الفسفوري الأحمر على أصابعهم.



إحدى السيدات المشاركات في التصويت قالت إنها أخذت كرتونة وحاولت مسح الحبر حتى تحصل على واحدة أخرى وحاولت مسحه بالكلور ولكنه لم يأت بنتيجة فقالت لها إحدى رفيقاتها ساخرة "كان من الأفضل أن تمسحيه بمبة النار".

وقال شاهد عيان لـ"عربي21" إن "أمناء الشرطة كانوا في الصباح والظهيرة يشرفون على توزيع الكراتين ومعهم الشباب الذين يقومون على جمع النساء والمساكين للتصويت من عاملات وبائعي خضار وبوابين وغيرهم".

وفي بعض الأماكن أقيمت السرادق إلى جانب اللجان الانتخابية وقام المسؤولون عنها بنصب شاشات عرض كبيرة، وإذاعة الأغاني الشعبية وجلب بعض الفتيات والسيدات للرقص على أنغام الموسيقى لجذب المارة والشباب والعاطلين وخلق ازدحام أمام اللجان حتى يبدو أن هناك اكتظاظا انتخابيا.



كما حرصت الكنيسة على حشد أتباعها في المدن والقرى للتصويت في الانتخابات، وبعد صلاة يوم الأحد خرج القساوسة من الكنائس ومعهم أتباعهم إلى لجان الانتخابات، وحرصوا على البقاء حول اللجان الانتخابية و سجلوا حضورا بارزا.

"متصدقش" يوثق الرشاوى الانتخابية

بدوره، وثق فريق منصة "متصدقش" الإخبارية (مستقل) العديد من المشاهد التي صاحبت الانتخابات الرئاسية 2024، وحصل على رسائل صوتية ورسائل "واتس آب"، وفيديو تتضمن إجبار موظفين في هيئات حكومية  على المشاركة في الانتخابات، عبر التهديد بخصومات من الرواتب وحرمان من المكافآت والإجازات.


كما وثق فريق "متصدقش"، حشد جامعات ومدارس خاصة طلابا وموظفين إداريين، عبر أتوبيسات للمشاركة مقابل درجات إضافية للطلاب ومكافآت للموظفين.

انتخابات المرشح الفائز

وشهدت الانتخابات ظهور ثلاثة مرشحين آخرين مغمورين، لكن هناك قناعة واسعة لدى الشارع المصري أن الانتخابات صورية ومحسومة لصالح السيسي، لكن الذي بات محل شك هو وجود أي شعبية للجنرال خارج دائرة المستفيدين والمؤمنين بنظرية "الاستقرار والأمن"، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

 وذكرت الهيئة الوطنية للانتخابات، الاثنين، أن نسبة المشاركة في أول يومين من التصويت بلغت نحو 45 بالمئة، متجاوزة نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2018، لكن منتقدين شككوا في هذه الأرقام.

 وقال زميل السياسات بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، تيموثي إي. كالداس،"في كل مرة يُطلب من المصريين التصويت يكونون أفقر من المرة السابقة وتتناقص شعبية السيسي، ومع ذلك هل الإقبال على التصويت آخذ في الارتفاع؟ لا أحد، ولا حتى أنصار السيسي القلائل المتبقين، يعتقد أن هذه انتخابات حقيقية".