صحافة دولية

الغارديان: المعايير المزدوجة جعلت رئيس أوكرانيا المحتلة بلاده يدافع عن الاحتلال الإسرائيلي

"الغارديان": "تم بيعنا بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993 الكثير من الوعود"- الأناضول
قالت صحيفة "الغارديان" في مقال لأستاذ اللغة الإنجليزية، مصطفى بيومي، إنه "في الوقت الذي يدعم فيه الرئيس جو بايدن وفولدمير زيلينسكي الحرب التي يقولان إنها "غير مبررة" فإن السكان العزل هم الذين يدفعون ثمن التضليل". 

وأضاف: "طالما أمقت مشاهدة تغطية الولايات المتحدة للحروب، والآن ليس استثناء. وبعد هجوم حماس على إسرائيل، وقصف الأخيرة الجهنمي لغزة، حاولت المشاهدة، ولم يمض وقت طويل حتى سمعت أحد مراسيلهم وهو يتحدث عن التاريخ العنيف بين الشعبين، وكأن فلسطين هي بلد، وكان علي أن أقفل التلفاز وآخذ استراحة". 

ويقول: "فلسطين ليست بلدا، وهذه هي النقطة، والفلسطينيون في غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل يعيشون تحت أنظمة متعددة من التمييز المنظم والقمع، وكل هذا يجعل الحياة فيها غير ممكنة تقريبا، وإن لم يكن الإعلام الأمريكي قادرا على تأطير هذا بطريقة صحيحة فما معنى تغطيتها؟" مردفا "هذا لا علاقة له بالكسل، بل بالتماهي الإنعكاسي مع إسرائيل من قبل العاملين في الإعلام والسياسة الذي يخفي الصورة الكاملة عما يحدث بين إسرائيل والفلسطينيين".

وتابع: "في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، ادريان واتسون، إن "الولايات المتحدة تشجب بدون لبس هجمات حماس الإرهابية غير المبررة ضد المدنيين الإسرائيليين"؛ مشيرا إلى أنه "على الجميع منا، شجب مقتل كل مدني، إسرائيلي أم فلسطيني وغير ذلك، ولكن استخدام واتسون لكلمة "غير مبررة" تعني الكثير هنا، فما الذي يمكن اعتباره استفزازا؟".

وأكد: "ليس، على ما يبدو العدد الكبير من المستوطنين، وأكثر من 800 حسب تقديرات الإعلام الذين اقتحموا المسجد الأقصى في 5 تشرين الأول/ أكتوبر، وليس الـ 248 فلسطينيا الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين منذ الأول من كانون الثاني/ يناير وحتى 4 تشرين الأول/ أكتوبر هذا العام، وليس تجاهل حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم الوطنية وعلى مدى عقود. ويمكن للواحد أن يرى معظم هذه الأفعال استفزازات بدون أن يدعم أفعال عنف إجرامية ضد المدنيين. لكن لو كنت تتابع الأخبار الأمريكية، فإن من المحتمل أنك تفترض أن الفلسطينيين هم الذين يتحركون وترد عليهم إسرائيل".
 
وأردف: "ربما افترضت أن الفلسطينيين هم الذين يستعمرون إسرائيل وليس غير ذلك. وربما اعتقدت أن إسرائيل التي تسيطر على خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة وتحرمهم من حقوقهم للتصويت في الإنتخابات هي دولة ديمقراطية. وقبل أن يتم النظر إليك كإنسان سياسي يجب الاعتراف بك كإنسان أولا، ومن لديه السلطة لاعتبارهم بشرا، ربما وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت الذي قال: "أمرت بحصار كامل على قطاع غزة، ولن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود. كل شيء مغلق، ونحن نتعامل مع حيوانات بشرية ونتصرف بناء على ذلك".

واسترسل بيومي، في مقاله: "كيف يمكن لأنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وأماكن أخرى التعامل مع هذه اللغة وسياسة العقاب الجماعي لكل سكان غزة باعتبارها مقبولة ويمكن الدفاع عنها؟، ويجب أن أكون واضحا، لغة غالانت ليست خطابا عن الردع بل عن الإبادة".

وأكد أن "هناك النفاق المزعج في حرب أوكرانيا، وهناك الكثيرون حول العالم يدعمون مقاومة أوكرانيا للاحتلال الأجنبي، وعليهم عمل هذا. ولكنهم يحرمون الفلسطينيين وبسرور من حق مقاومة الاحتلال، بل ويجردونه من كل الوسائل السلمية للمقاومة مثل حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي يتم شيطنتها بل وتجريمها" مستفسرا: "لماذا كل هذه المعايير المزدوجة؟".

وتابع: "وللغرابة، فإن هذه المواقف تذهب إلى المراكز العليا، فقد عبر زيلينسكي مرتين عن دعمه لإسرائيل وخلال الأيام الأخيرة "لا جدال في حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"، فهل يمكنه قول هذا عن حق الروس في داخل أراضيه؟ بالطبع لا، وعلى زيلينسكي أن ينظر لبلده الذي تعرض للغزو والمحتل هو مثل وضع الفلسطينيين وليس الإسرائيليين، ولكن التشويش في كل مكان وكذا المعايير المزدوجة، وبالتأكيد سنسمع الكثير في الولايات المتحدة عن الإسرائيليين الأمريكيين الذين قتلوا أو اختطفتهم حماس، ولكن ماذا عن الأصوات الصاعدة عن نفس العدد من الفلسطينيين الأمريكيين الذين هددوا أو قتلوا في غزة؟ وهل طلبوا إجابات عندما أطلق الجيش الإسرائيلي وقتل الصحافية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة في 2022".

وأوضح: "قد تكون المعايير المزدوجة متوقعة، وفي ظل الطريقة التي نوقشت فيها محنة الفلسطينيين في الماضي، إلا أن هذا لا يلغي ظلامها الأخلاقي. وهي خطيرة ونحن على أعتاب حكومة إسرائيلية تقوم باستخدام عنف غير مسبوق ضد سكان عزل ومحاصرين لكي تغطي على أخطائها القاتلة وحرجها؛ وواحدة من الطرق التي تعمل بها المعايير المزدوجة من خلال المساواة الفاسدة، والحديث عن طرفين متساويين وبتناسق تام في القوة بين دولة إسرائيلية وجماعات سكانية متفرقة تشكل الشعب الفلسطيني، ولا توجد مساواة، هناك طرف يهمين على الطرف الآخر، وهناك طرف يستعمر الآخر". 

وأردف: "تم بيعنا بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993 الكثير من الوعود، منها أن الطريق للخروج من هذا الظلم التاريخي هو حل تفاوضي يعطي الفلسطينيين دولتهم. وكان واضحا للكثيرين منا أن الأمر قد تحول ومنذ وقت إلى وهم ضروري تمسك به الطرف الأقوى، ويبدو اليوم حلا تفاوضيا بعيدا جدا. وهذا محزن ومخيف، لأنه من المحتمل أننا ندخل مرحلة طويلة أخرى ومؤلمة، حيث يتحول فيها الكفاح المسلح والهيمنة العنيفة بطريقة يعتمد كل منهما على الآخر للبقاء، ولن ينتصر أحد". 

واختتم مصطفى بيومي، مقاله، بالقول: "سيبقى الفلسطينيون ولا يمكن محوهم، وستظل إسرائيل، والمستقبل حافل بسفك الدم المخيف وغير الضروري، واستمرار الغرب بالتمسك بالمعايير المزدوجة يجعله يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية".