ملفات وتقارير

هل تنفذ واشنطن وحلفاؤها عمليات ميدانية لطرد "فاغنر" من ليبيا؟

متحدث باسم كتائب عسكرية ليبية قال إن أمريكا وحلفاءها سيشرفون على عملية عسكرية لطرد قوات فاغنر في ليبيا- بزنس انسايدر
تركز واشنطن جهودا حثيثة لإنهاء تواجد مرتزقة فاغنر في ليبيا، ودول أخرى، وذلك عقب تصاعد نفوذ هذه القوات في ميادين عدة، وسيطرتها مؤخرا على مدن ومناطق بأكملها في إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا، حيث تقاتل هناك جنبا إلى جنب مع القوات الروسية.

وسيطر ملف قوات "فاغنر" على برنامج زيارة رئيس وكالة المخابرات الأمريكية، ويليام بيرنز إلى ليبيا في 12 من الشهر الجاري، إذ تحدثت مصادر محلية وأجنبية أن المسؤول الأمريكي بحث إنهاء وجود هذه القوات المتواجدة في وسط وجنوب وشرق ليبيا، مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وينتشر مرتزقة  فاغنر، في محافظتي سرت (شرق طرابلس) والجفرة (جنوب شرق طرابلس)، ويتمركزون بقاعدة القرضابية الجوية بسرت ومينائها البحري، بالإضافة إلى قاعدة الجفرة الجوية وسط ليبيا، وقاعدة براك الشاطئ شمال سبها.


ودخلت فاغنر ليبيا ضمن اتفاق مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر لدعم حربه على العاصمة طرابلس في نيسان/ أبريل 2019، لكن الأخير لم يتمكن من السيطرة على العاصمة وانهزمت قواته، فيما لا تزال قوات "الفاغنر" تتواجد في المناطق المذكورة سابقا، رغم وجود اتفاق دولي يقضي برحيل القوات الأجنبية في ليبيا.

عمليات ميدانية



وكشف المتحدث باسم القوة المتحركة (غرب) سليم قشوط أن "التحالف الأمريكي والناتو يستعد لمحاربة الفاغنر على الأراضي الليبية بأيدي فبرايريين (ثورا فبراير)" مشيرا في تغريدة على حسابه بـ"تويتر" إلى أن "بريطانيا وضعت قدمها في ليبيا، كمنسق للعمليات الحربية". وفق قوله.

وبينما لم تؤكد أي جهات حكومية ما قاله قشوط، إلا أن التحركات الأمريكية الأخيرة تشي بوجود جهود لإنهاء تواجد "فاغنر" في ليبيا، ومناطق أخرى حول العالم.

وبين هذه التحركات، قررت واشنطن الخميس تشديد عقوباتها المفروضة على مجموعة فاغنر الروسية، بعد أن صنفتها "منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود"، وأنها مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في أكثر من بقعة بالعالم، متهمة شركة المرتزقة التابعة لرجل الأعمال النافذ المقرب من بوتين، يفغيني بريغوجين، بارتكاب "الإعدام الجماعي والاغتصاب وخطف الأطفال والاعتداء الجسدي".

عزل فاغنر



وكشف موقع أفريكا إنتجلنس أن الإدارة الأمريكية تسعى لعزل مرتزقة فاغنر في ليبيا والتحذير من أي محاولات لإغلاق المواقع النفطية أو استخدام القوة لعرقلة العملية الانتخابية المرتقبة. 

وأوضح الموقع الفرنسي في تقريره أن ملف مرتزقة فاغنر كان محورا للنقاش بين رئيس وكالة المخابرات الأمريكية وليام بيرنز مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، حيث تشعر الولايات المتحدة بالقلق حيال سيطرة فاغنر على مواقع نفطية الأمر الذي قد يمنح روسيا نفوذا جديدا في سوق الطاقة.


من جهته، أكد الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تولي "فاغنر" اهتماما كبيرا بعد أن أصبحوا يشكلون خطرا عليها وعلى حلفائها الأوروبيين، خاصة عقب تنفيذ استراتيجيتهم للانتشار  في شمال أفريقيا أو جنوب المتوسط، وتمركزهم في ليبيا عبر احتلالهم لقاعدة الجفرة العسكرية الاستراتيجية، وقاعدة براك الشاطئ والقرضابية وبعض المهابط الترابية في جنوب ليبيا.

ولفت عبد الكافي في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن فاغنر وفي إطار استراتيجتهم للتمدد في أفريقيا يقومون بأدوار عدة في مالي وأفريقيا الوسطى وأثيوبيا والسودان، مشيرا إلى أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على هذه القوات ستعمل على تقويض الدعم اللوجستي لهذه العناصر من المرتزقة.

وأضاف: "أتصور أن الرسالة وصلت حتى للداخل الليبي من خلال زيارة قائد قوات أفريكوم ورئيس الاستخبارات الأمريكي ويليامز بيرنز، واجتماعه بحفتر وتوجيه تحذير شديد له بشأن تعاونه وتقديمه الدعم اللوجستي لمرتزقة الفاغنر، وضرورة قطع علاقة أو دعمه لهم ".

ولفت إلى أن ملف الطاقة أصبح الشغل الشاغل للولايات المتحدة وحلفائها نظرا لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أو نستطيع أن نسميها الحرب الروسية الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين في أوكرانيا.

تراخٍ أمريكي

الباحث الليبي، صلاح القادري قال، إن التراخي الأمريكي تجاه تواجد فاغنر في ليبيا وحلفائها الدوليين والمحليين ومحاولة واشنطن إمساك العصا من المنتصف جعلها الآن تدفع هذه الضريبة في أوكرانيا.

ولفت القادري في حديث متلفز سابق تابعته "عربي21" إلى أن "أمريكا تحاول تدارك الوقت لأنها لم تتصرف باستراتيجية استباقية في أوكرانيا، فحينما كانت تعتقد أن الروس لن تدوم حربهم لأكثر من ستة أشهر، اتضح أن موسكو تريد أن تذهب في الحرب إلى أقصى مدى لتحقيق أهدافها الجيوسياسية القريبة والبعيدة المدى".


ورأى أن واشنطن تحاول وقف احتمالية تصدير روسيا للحرب في أوكرانيا إلى مناطق ودول أخرى، والجبهة الأقرب إما أن تكون البلقان، وهذا ما يحدث حاليا بين كوسوفو وصربيا والذي تقف وراءه روسيا. أو نقل الصراع إلى ليبيا.

وشدد على أن ما يهم واشنطن فيما يتعلق بليبيا، تأمين الإمدادات النفطية نحو أوروبا خاصة خلال الظروف الحالية التي تعرف ارتفاعا كبيرا لأسعار النفط، وثانيا منع وجود قوي لفاغنر في ليبيا وفي أفريقيا بشكل عام، وثالثا الذهاب نحو انتخابات في أقرب وقت لغلق الطريق أمام أي انسداد سياسي تستفيد منه روسيا.