قضايا وآراء

عودة نتنياهو: لا مفاجآت في الحاضر الصهيوني

1300x600

تدفق الدم مجدداً في عروق المستوطنين، بعد انتخاب بنيامين نتنياهو للمرة السادسة ليرأس حكومة إسرائيلية تعبر عن الوجه الحقيقي للصهيونية السياسية والدينية، التي تتلطى خلفها معظم الأحزاب السياسية في إسرائيل، والتي تحكم برامجها العمل الحثيث والدؤوب لمنع قيام وتشكيل أي كيان فلسطيني معني باستعادة أرضه وهويته وتراثه، وتشديد الحرب الضروس على الشعب الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية.

وصياغة البرامج السياسية للأحزاب المعارضة أو المنضوية في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ترتكز على برامج الصهيونية الاستعمارية أو التلمودية الدموية، وطابعها الديني الذي تتغذى منه الأحزاب والحركات الصهيونية منذ ما قبل النكبة عام 48 وحتى اليوم.

نخلص في كل انتخابات إسرائيلية وفي كل تجربة مع حكوماتها المتعاقبة لنفس النتيجة التي تعتبر صعود برامج الحكومات الإسرائيلية، ليكود أو عمل، يسار أو يمين، صهيوني متدين أو إسرائيلي ليبرالي.. على أنه انعكاس ميداني للمزاج العام الذي يخلو من أي جديد طالما يختزل صلاحياته في إراقة الدم الفلسطيني وقضم مزيد من الأرض، وأن المبدأ عدم التخلي عن شيء يُمنح لأصحاب الأرض والتاريخ، ويمكنه من أن يغير المعادلة الصهيونية.

نخلص في كل انتخابات إسرائيلية وفي كل تجربة مع حكوماتها المتعاقبة لنفس النتيجة التي تعتبر صعود برامج الحكومات الإسرائيلية، ليكود أو عمل، يسار أو يمين، صهيوني متدين أو إسرائيلي ليبرالي.. على أنه انعكاس ميداني للمزاج العام الذي يخلو من أي جديد طالما يختزل صلاحياته في إراقة الدم الفلسطيني وقضم مزيد من الأرض

فأساليب التعامل العنصري الإجرامي مع الفلسطينيين والعرب مستمرة ولم تتوقف، وحلف نتنياهو الجديد ومشاوراته مع رؤساء الكتل الانتخابية المنضوية في معسكره؛ من الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وعوتسما يهوديت، بالإضافة إلى حزب "شاس" برئاسة أرييه درعي، وكتلة "يهودوت هتوراة" التي تضم حزبي "أغودات يسرائيل"، الذي يرأسه يتسحاق غولدكنوف، وحزب "ديغل هتوراة" برئاسة موشيه غفني، إلى الاتفاق بين ايتمار بن غفير وسموتريتش.. لا يختلف عن الهدف الذي تقوم عليه سياسة الأبارتايد الصهيوني ومشروعه الاستعماري.

إذاً نحن أمام "مجتمع" إسرائيلي بتكويناته السياسية والدينية المختلفة، يصل لحالة الحد الأدنى من التوحد لمحاربة الوجود الفلسطيني، تارةً بقفازات حريرية وأخرى بقبضات حديدية وأمنية تهدف للتضييق على الشعب الفلسطيني ووجوده فوق أرضه. وبالتالي ارتفاع منسوب الاستهداف في البرامج الانتخابية للأحزاب الصهيونية ليس طارئاً، بل متصاعدا منذ وجد المشروع الصهيوني الذي يستهين به البعض العربي المُتحالف معه في الآونة الأخيرة ويُيبدي الاستعداد للتعاون والعمل معه؛ حسب بيانات التعليق العربي المُطبع والمتمسك بـ"اتفاقات أبراهام" المزعومة عن السلام، فيما البرامج الصهيونية تنسف هذه المزاعم.
نحن أمام "مجتمع" إسرائيلي بتكويناته السياسية والدينية المختلفة، يصل لحالة الحد الأدنى من التوحد لمحاربة الوجود الفلسطيني، تارةً بقفازات حريرية وأخرى بقبضات حديدية وأمنية تهدف للتضييق على الشعب الفلسطيني ووجوده فوق أرضه

طروحات الحلف الحكومي الجديد لنتنياهو، من بن غفير وسموتريتش لبقية الجوقة الصهيونية، تحمل باقة قديمة جديدة من الإجرام يستهدف الأسرى والأرض والشعب والمقدسات، هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية أهداف ثابتة في المشروع الصهيوني، سواء على الأرض أو على طاولة المفاوضات أو تحت خيمة "المبادرة العربية للسلام" أو اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. في كل الحالات يبقى السؤال المنطقي المطروح بعد هذا كله: أين "عملية السلام"؟

الذين جربوا الرهان على الصهيونية المتبدلة في أثواب مزيفة، أو مزينة بالدم الفلسطيني، وصرخوا عالياً بمقت التشدد والتعنت والمراوغة الصهيونية، وضبطوا كل مواعيدهم حسب التقويم الإسرائيلي.. الجميع مُدرك في قرارة نفسه بأن ما يجري في الداخل الإسرائيلي هو إعادة تنظيم الاحتلال لمشروعه الاستعماري لأن إسرائيل مُدركة أنها قائمة على فبركة وأكاذيب وأساطير لا بد أن تمحى يوماً ما، وطالما أن المستعمر يأخذ صفة الشرعية من مستعمراته المتمنطقة بالسلاح والتحريض على قتل الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والهوية، فنحن أمام حالة ممنهجة ومتكاتفة من جماعات إرهابية لها وزراء وممثلون في الحكومات الإسرائيلية؛ لا تتردد في تطويع التشريعات لتناسب عصر تسارع الفاشية والهيمنة والإرهاب

وزراء ولجان حكومية وكنيست لا يترددون في تطويع التشريعات لتناسب عصر تسارع هيمنة التطرف والفاشية، وباستخدام أية طريقة تؤدي المطلوب منها في مواجهة الوجود العربي ولو باستهدافات فردية ترهيبية وتهويلية تخيف العرب الفلسطينيين فرديا وجماعياً.

أخيراً، لا مفاجآت في الحاضر الصهيوني، الذي جرب بدوره كل الأساليب لإلحاق الهزيمة بالشعب الفلسطيني، الذي ينتظر بدوره مفاجآت فلسطينية وعربية باستطاعتها لجم الإرهاب الصهيوني ووقف تمدده.
الرهان سيبقى معقودا على الإنسان الفلسطيني والعربي النواة والهدف المتسع لإحداث التغيير المنشود على الأرض، فكل أعمال البطش الناتجة عن السلوك الصهيوني الاستعماري، وسياسة عربية طاغية في فجاجتها وقهرها وظلمها، لا يمكنها أن تلغي حقيقة الصراع

الرهان سيبقى معقودا على الإنسان الفلسطيني والعربي النواة والهدف المتسع لإحداث التغيير المنشود على الأرض، فكل أعمال البطش الناتجة عن السلوك الصهيوني الاستعماري، وسياسة عربية طاغية في فجاجتها وقهرها وظلمها، لا يمكنها أن تلغي حقيقة الصراع. فالمجرم الذي تمتد يده يومياً لاستباحة المقدسات، هو ذاته الذي تمتد يده لتعدم المقاومين في نابلس وجنين والخليل والقدس وغزة، وهو ذات المجرم الذي يشن غاراته اليومية على بلد عربي مشغول نظامه بارتكاب مسلسل من جرائم لا متناهية بحق شعبه.

وكم سمع الشعب الفلسطيني من التضليل عن تحقيق السلام، وعن الممانعة العربية والمقاومة الإقليمية للمشروع الصهيوني، وكم تنتابه المرارة من تخاذل بعض الأنظمة المتصهينة والمستبدة، لذلك كله ستبقى المفاجأة الوحيدة التي تقض مضجع المشروع الصهيوني هي البشائر الفلسطينية التي لا تنقطع في كل مدينة ومخيم وحي ينبض بمقاومة الاحتلال، بشائر أفشلت شل الذاكرة الجماعية للفلسطينيين وللعرب بأن التحرر من المستعمر الصهيوني ومن الطاغية العربي هو الذي يترك أثره في حاضر ومستقبل الأجيال والأوطان، لا التباكي على رحيل أوهام والتمسك بأحلامها.

 

 

twitter.com/nizar_sahli