صحافة إسرائيلية

جنرال إسرائيلي يكشف تفاصيل تدمير "مفاعل نووي" في سوريا

قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2007 ما زعم أنها مفاعل نووي في دير الزور بسوريا- جيتي

في مثل هذه الأيام من عام 2007 هاجم سلاح الجو الإسرائيلي ما زعم أنه المفاعل النووي السوري في دير الزور، معتبرا الهجوم إحدى أكبر العمليات وأكثرها تعقيدًا في تاريخه، حيث شارك فيه 20 طيارا وامرأة واحدة و8 طيارين مقاتلين و8 ملاحين مقاتلين، قادوا 8 طائرات حربية من طرازي إف-15 وإف-16، وألقوا أكثر من 17 طنًا من المتفجرات على المفاعل في صحراء سوريا، بإشراف قائد سلاح الجو أليعازر شاكدي، زمن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت.

شاكدي يكشف في حوار مع صحيفة "معاريف" العبرية أنه "في نهاية 2006، لاحظت فجأة خبرًا غريبًا جدًا جاء من سوريا، لفت انتباهي، فنظمت على الفور منتدى استخباراتيًا خاصًا، مع خبراء من وحدة استخبارات القوات الجوية وجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، وحصلت على معلومات تفيد باحتمال أن تقوم سوريا بتطوير أسلحة نووية سراً، وحينها مررت بأوقات عصيبة مع حقيقة أن أولمرت تحول في الخطوة الأولى للأمريكيين، لكنني اعتقدت أن هذه مهمة يجب أن تقوم بها إسرائيل فقط". 

وأضاف في الحوار المطول الذي ترجمته "عربي21" أن "القناعة الإسرائيلية التي سادت آنذاك أنه إذا دمر الأمريكيون المفاعل السوري، فسيرسل ذلك رسالة رادعة غير مسبوقة لبقية دول الشرق الأوسط، والتأثير سيكون أقوى من الدمار على يد الطيران الإسرائيلي، لكنني واجهت صعوبة في تسويق ذلك، لذلك سارعت لإعداد الخطة الأسرع والأكثر عدوانية لتدمير المفاعل، خاصة بعد أن قرر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عدم الهجوم، ما دفع أولمرت لإبلاغهم: إذا لم تهاجموا، فسنقوم بذلك".

وكشف أنه "كانت أمامنا عدة خطط بديلة لتدمير المفاعل السوري، وليس فقط سلاح الجو، لكن ما شغلنا كيفية تعامل الأسد مع الهجوم، هل سيفتتح حربا شاملة عندما يكتشف أن مفاعله تم تدميره، ما جعلنا نبحث عن طريقة لمهاجمة المفاعل دون أن يفهم الطرف الآخر ما حدث، بحيث يكون الهجوم بعيدًا عن الأضواء قدر الإمكان، أي تحقيق هدف التدمير، دون ترك بصمة إسرائيلية، ودون معرفة الأسد ما حدث بالضبط، واليوم بعد 15 عامًا، باتوا يعلمون أننا بالفعل هاجمناهم، لكنهم لا يفهمون ما حدث بالضبط هناك، وكيف". 

وأشار إلى أن "الفكرة الإسرائيلية تلخصت في تدمير الهدف من جهة، وإرباك العدو من جهة أخرى، حتى لا يفهم في الوقت الفعلي ما حدث، وقد عرضت على القادة الثلاث: رئيس الحكومة أولمرت، ووزير الحرب إيهود باراك، ورئيس الأركان غابي أشكنازي، والبقية مثل رؤساء الشاباك والموساد ومجلس الأمن القومي، إجاباتي على الأسئلة الثلاث الأساسية: فرصة تدمير الهدف، وخطر العمليات، وفرصة اندلاع الحرب، خاصة أن التقديرات الاستخبارية تحدثت عن أن المفاعل سيكون في المستقبل القريب جاهزا للعمل، وفي وقت قصير". 

وزعم أن "مسوغ قبول الخطة التي قدمها لهؤلاء تركزت في أن الجانب الآخر، السوري، لن يفهم في الوقت الفعلي ما فعلناه، وقد يفهم لاحقًا، لكن الأمر سيستغرق وقتًا، وسوف يمر دون رد فعل منه، مع العلم أنه في بداية ذات العام 2007، تلقى السوريون معلومات تفيد بأن إسرائيل والولايات المتحدة يخططان لشن هجوم في الخريف، ووصلت المعلومات إليهم عبر معلومات استخباراتية من دولة ثالثة كانت على اتصال جيد بهم".

وأشار إلى أن "السوريين آنذاك أخرجوا في نهاية يوليو مئات الصواريخ التي تزن طنًا، ويتراوح مدى انحرافها بين 30 و60 مترًا، ووضعوها على منصات الإطلاق، وكانوا جاهزين لإطلاق النار بضغطة زر فقط ضد الأهداف الاستراتيجية في إسرائيل، وقد عرفنا البنك المستهدف الخاص بهم، وخشينا حينها أن يفسروا الهجوم على المفاعل بأنه بداية نفس الحرب التي تم تحذيرهم منها، ما قد يدفعهم لإطلاق المئات من الصواريخ علينا، وتم تقديم اقتراح بتوزيع مستلزمات الحماية على مستوطنات الشمال".

وقال: "أبلغت أولمرت بأننا بحاجة للتحضير لهجوم لتدمير المفاعل، وفي نفس الوقت الاستعداد لحرب شاملة في صمت تام، دون تسريب، والتأكد أن الأسد لديه مساحة ضرب تسمح له بامتصاص تدمير المفاعل في صمت، دون رد فعل، ما جعلها واحدة من أكثر العمليات المتخيلة تعقيدًا، أي كيف تستعد لحرب شاملة بهدوء، وفي الوقت ذاته نقوم بالتفكير في أسوأ السيناريوهات التي قد تحدث؟ لأنه عندما يطلق السوريون مئات الصواريخ علينا، وتندلع الحرب، فسيظن العالم أننا مجانين لأننا بدأناها". 

وكشف أن "التقدير العملياتي تركز في عدم وقوع الحرب في الشتاء، لأن الطقس سيحرمنا ميزة جوية، أي يجب ألا ندخل شهري أكتوبر ونوفمبر، الوقت كان قصيرًا، مع العلم أن الخطة استندت إلى أن ندمر أيضًا مع المفاعل النووي نظام الصواريخ السوري بأكمله، من أجل منع الضرر الاستراتيجي الذي يلحق بنا في حالة الحرب، لكن عددا من أقطاب المؤسسة العسكرية، أمثال عاموس يادلين ومائير داغان اعتقدوا أن المطلوب إغلاق ملف المفاعل بهدوء دون رد فعل السوريين". 

وأوضح أن "بديل الهجوم الجوي كان عملية برية من قبل وحدات خاصة، وكانت بالفعل جاهزة بالكامل، لكن قوة العمل الجوي أكبر بكثير، فقد أسقطت الطائرات 17.2 طن من المتفجرات على المفاعل، أما في عملية برية فسيكون تأثيرها أقل بكثير، فضلا عن التخوف من مسألة إعادة الجنود الذين سيكونون داخل مئات الكيلومترات في عمق أرض العدو، فضلا عن أن القوات البرية في الجيش لم تكن تعلم أيضًا بالعملية، رغم أن الهدف تمثل في تدمير المفاعل، وليس إدخال المنطقة في حرب". 

 

اقرأ أيضا: صور جوية لآثار قصف إسرائيلي على موقع سوري (شاهد)

ورغم الدعاية الواسعة التي تحاول دولة الاحتلال تسويقها بشأن مهاجمتها للمفاعل النووي السوري، فإن أسئلة عديدة مشروعة تطرح عما يمكن اعتباره الإخفاق الأمني والاستخباري الذي منيت به قبيل تفجير المفاعل، وكيف تمكنت سوريا من إقامته دون أن تكتشفه مخابراتها، ما دفع رئيس جهاز الموساد السابق تامير باردو إلى وصف ما حصل بأنه فشل مدوّ، لأنه لم تتوفر لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية معلومات تشير إلى أن سوريا تحوز خططا نووية، فليس لديها البنية التحتية اللازمة.

ويتساءل الإسرائيليون: كيف نجحت سوريا بإقامة مفاعل نووي لأغراض عسكرية على بعد مئات الكيلومترات من إسرائيل، التي تتفاخر أجهزتها الأمنية بأنها تعلم ما يحصل في كل ملليمتر على الساحة السورية، مع العلم أن ما حصل في المفاعل السوري عام 2007 أعقب ما حصل لنظيره الليبي عام 2003، حين تم تسليمه للولايات المتحدة، ولم تكن إسرائيل تعلم بوجوده من الأساس، ما يجعل اكتشافهما المتأخر الإخفاق الأمني الأخطر في تاريخ دولة الاحتلال.