كتب

العلاقات الأردنية ـ الفلسطينية.. تاريخها وواقعها ومستقبلها

قراءة هادئة في تاريخ العلاقات بين فلسطين والأردن

الكتاب: "العلاقات الأردنية الفلسطينية 1974- 2004م"
الكاتب: محمد منصور أبو ركبة
الناشر: دار كلمة، فلسطين، 2022م

عدد الصفحات: 311

يقدم الكاتب في دراسته فحوى العلاقات الأردنية ـ الفلسطينية، وطبيعة الهزات التي تعرضت لها تلك العلاقة، التي تخللها صراعات متعددة بين الطرفين، وصلت حد الاشتباك المسلح، الذي أود بحياة آلاف الأبرياء من اللاجئين الفلسطينيين، وانتابت تلك العلاقة فترات السكون والعمل النضال المشترك ضد المحتل، حيث أبدعت المقاومة والجيش الأردني في صد الهجوم الإسرائيلي على منطقه الكرامة؛ لتبقى تلك المعركة شاهداً على قوة ومكانة العلاقة الأردنية الفلسطينية لمواجهة الخطر الإسرائيلي.

يرجع مرد تذبذب العلاقة بين الطرفين لطبيعة التوجهات السياسية والطموحات الأردنية والفلسطينية، وتوجس كل طرف من الآخر، وتغذية الصراع من أطراف خارجية، وكان للعلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة التي ربطت بين الطرفين، أسست فعلياً وواقعياً بوتقة اجتماعية وثقافية واقتصادية يستحيل فصلها.

بناء على ذلك سجلت المملكة الأردنية عام 1950م، هدفاً لها باعتبار الضفة الغربية جزءا من أراضيها تم استعادته، وليس وديعة مؤقتة لجيش استرداد الحقوق الفلسطينية وفق ما قررت جامعة الدول العربية آنذاك، التي أقرت بعدم وجوب إجراء أية تغييرات على هويتها الفلسطينية، ولكن الأردن اعتبرت نفسها الوصي على الشعب الفلسطيني، الأمر الذي ولد صراعات سياسية بين الطرفين، فالملك الأردني يقول: "لئن كانت القضية الفلسطينية مقدسة بالنسبة للأمة العربية فهي مسألة حياة أو موت بالنسبة للأردن على الرغم من إدراك الأردن محدودية إمكانياته المادية المحدودة" (ص9).

سجل الكاتب العلاقات الأردنية الفلسطينية 1948 ـ 1973م، في الفصل الأول من دراسته، حيث طرح موقف الأردن من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، والتعامل معها، ثم عرج على أحداث أيلول الطاحنة عام 1970م.

 

النكبة والهجرة إلى الأردن

أسفرت حرب النكبة عام 1948م، عن هجرة 145000 لاجئ فلسطيني إلى المملكة الأردنية، تاركين بيوتهم وممتلكاتهم تحت وقع المجازر الإسرائيلية، واتخذت الأردن سلسلة إجراءات إدارية وعسكرية وقانونية؛ لضم القسم المتبقي من فلسطين للمملكة، فعين عمر مطر حاكماً عسكرياً أردنياً عاماً عليها، وخلال تلك الفترة الحرجة ظهر تيار من القيادات الفلسطينية التقليدية الموالية للنظام الأردني، الذين دعوا لوحدة أردنية فلسطينية عبر مؤتمر عمان عام 1948م .

لكن المؤتمر الأخطر الذي عقد في مدينة أريحا كانون الأول (ديسمبر) عام 1948م، الذي أعطى حق تمثيل الشعب الفلسطيني للمملكة الأردنية؛ لتبدأ مرحلة التنافس على مسألة التمثيل الفلسطيني بين الحكومة الأردنية والهيئة العربية العليا؛ مما يعني منافسة حكومة عموم فلسطين التي أعلنت عنها في مؤتمر بغزة، ومثل مؤتمر أريحا ضربة قاسمة للحاج أمين الحسيني" عندما غير العشرات من أتباعه في حكومة عموم فلسطين ولاءهم، وأيدوا الملك عبد الله، ومن بين هؤلاء أربعة وزراء في حكومة عموم فلسطين، وهم أحمد حلمي عبد الباقي، وكان رئيساً للحكومة، عوني عبد الهادي، وحسين الخالدي، وسكرتير مجلس الوزراء أنور نسيبة" (ص17).

وتطبيقاً لقرارات مؤتمر أريحا، الذي بايع الملك عبد الله ملكاً على فلسطين تحت شعار الوحدة الأردنية الفلسطينية، واعتبار فلسطين وحدة لا تتجزأ، أعلنت الوحدة الأردنية الفلسطينية عام 1950م، تحت التاج الهاشمي الموحد، وقوبلت تلك الخطوة بمعارضة عربية.
 
شكلت خطوة المملكة الأردنية تلك مخاطرة جسيمة يمكن رصدها في:
  
1 ـ إحباط أول محاوله لظهور كيان فلسطيني تمثل في حكومة عموم فلسطين.
2 ـ حلول الهوية الأردنية محل الهوية الفلسطينية. 
3 ـ تمثيل الأردن للفلسطينيين في مجال العمل السياسي العربي والدولي.
4 ـ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1964م، واستقطاب ولاء الفلسطينيين وتدخل المنظمة في الشؤون الداخلية للنظام الأردني.
5 ـ اغتيال الملك عبد الله بن الحسين 1951م في القدس.

وحول ذلك يشير الكاتب إلى أن" ضم الضفة الغربية إلى الأردن يعني محاولات واعية من الملك عبد الله لطمس القضية الفلسطينية عبر كسب تأييد الفلسطينيين في الضفة، والعمل على دعم الرموز الفلسطينية الموالية له"، وذلك ما أدركه غالبية الشعب الفلسطيني.

رفض الأردن الطرح العراقي والمصري في فكرة إنشاء كيان فلسطيني منفصل فيما تبقى من أرض فلسطين، ولإفشال ذلك الطرح" ذهب الأردن أبعد من ذلك، حيث تم إكمال عملية منح الجنسية والمواطنة الكاملة لجميع الفلسطينيين المقيمين في الأردن، بما في ذلك إعطاءهم جوازات سفر أردنية عادية، وعرضت المواطنة على أي فلسطيني لاجئ في البلاد العربية يريد الانتقال إلى الأردن"(ص25)، الأمر الذي انسحب على موقفها من إنشاء منظمة التحرير، وكي يسمح الملك عبد الله بن الحسين بعقد مؤتمرها في مدينة القدس، اشترط الملك على الشقيري أن تصرف المنظمة النظر عن كل ما له صلة بتنظيم وتسليح الفلسطينيين داخل المملكة، وأن المنظمة ليست لها أهداف في الضفة الغربية.

 

أحداث أيلول وتداعياتها

وعن أحداث أيلول عام 1970 م، بعد اكتظاظ المعسكرات الفلسطينية بالمتطوعين والمجندين، مما أوحى بقرب مواجهة مباشرة بين الفلسطينيين والنظام الأردني "تحدى الفدائيون الفلسطينيون السلطات الأمينة والعسكرية الأردنية بحمل السلاح حالاً في الشوارع، ووضعت المنظمة النظم والقوانين المعمول بها، داخل معسكرات اللاجئين، وأقام مسلحون من أعضاء المنظمة متاريس على الطرق؛ ليبدأ فصل جديد من الخلاف بين الطرفين" (ص31)، ولنا أن نتساءل لماذا صبرت الأردن على المقاومة الفلسطينية كل هذا الوقت؟

ويمكن إرجاع ذلك لطبيعة الدور الذي قامت به المقاومة في صد الهجوم عن المملكة في معركة الكرامة عام 1968م، التي رفعت من معنويات الجيش الأردني الذي تعرض لهزيمة مدوية في عام 1967م، ثم أن الملك أراد ان يستغل المقاومة الفلسطينية لتحسين شروط التسوية.

تغيرات وتطورات عربية كان لها أثرها على العلاقات الأردنية الفلسطينية 1974 ـ 1978م، فصلها الكاتب في الفصل الثاني، فما بين تداعيات حرب عام 1973م، ومؤتمر الرباط عام 1974م، حول تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، وتزامن تصاعد الحضور السياسي والشعبي لمنظمة التحرير مع وقوع حرب عام 1973م، إلا أن المملكة أثارت عدم الدخول على خط المواجهة، وعن ذلك يقول الكاتب: "حالت دون قيام كتيبة جيش التحرير المتمركزة في الأردن، بالعمل عبر الحدود الأردنية، وتسديد الضربات لأهداف العدو في الضفة الغربية، وصحراء النقب؛ لتشتيت جبهة العدو العسكري في الجولان وسيناء" (ص38).

 

ما بين تداعيات حرب عام 1973م، ومؤتمر الرباط عام 1974م، حول تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، وتزامن تصاعد الحضور السياسي والشعبي لمنظمة التحرير مع وقوع حرب عام 1973م، إلا أن المملكة أثارت عدم الدخول على خط المواجهة،

 



أكد مؤتمر عام 1974م على وحدانية التمثيل الفلسطيني "جاء مؤتمر الرباط أساساً لتصويب الوضع الشرعي للفصائل الفلسطينية المشتتة هنا وهناك؛ لصبغها بصبغة تنسجم مع الساحة العربية، شكل هذا منعطفا في السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية التي خرجت من إطارها العربي للإطار الوطني البحت، وأصبحت تخص منظمة التحرير الفلسطينية، وجاء القرار الأردني بقبول ذلك على مضض للحفاظ على علاقته العربية بعيداً عن مصادر التوتر، وإخلاء مسؤولية الأردن تجاه تصرفات وسلوك منظمة التحرير مستقبلاً على الساحة العربية والدولية" (ص61). 

وبناء على ذلك خط الملك حسين بعد المؤتمر "خطوة من أجل أردنة المملكة الأردنية وإزاحة الفلسطينيين عن المراكز الهامة في الوزرات والإدارات؛ ويتضح ذلك من قيامه بتعطيل البرلمان الأردني، ولكنه أبقى على الارتباط الإداري والقانوني للضفة الغربية"، بهدف إعادة ترتيب أمور البيت الأردني، وإعطاء قرار مؤتمر القمة في الرباط مضمونه ومعناه. (ص60)

ناقش الكاتب التوافق الفلسطيني الأردني على الانفصال في الفصل الثالث، حيث بدأت مرحلة التقارب والمصالح المشتركة بين الطرفين حينما رفضا اتفاقية كامب ديفيد، وصدر القرار العربي في مؤتمر بغداد عام 1978م؛ لدعم صمود أهالي الأراضي المحتلة، عن طريق اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة التي تم تشكيلها، حيث وضع الطرفان إطاراً للعمل المشترك، الذي ألزم منظمة التحرير الفلسطينية بإجراء أنشطتها السياسية في الأردن، وفقاً للقانون الأردني وتطوير موقف دبلوماسي موحد"، ورأى العرش الأردني أن القرار العربي بدعم التعاون الأردني الفلسطيني تضمن إقراراً عربياً بدور الأردن، وبالتالي بحصته في الضفة الغربية.. وضمن ذلك إلى حد بعيد امتناع المنظمة عن المطالبة بمهاجمة إسرائيل عبر الأراضي الأردنية" (ص92)، أظهرت نتائج المؤتمر طبيعة العلاقة الفلسطينية الأردنية أن خلافهم كان خلافا ماليا تم تسويته عبر المعونة المالية التي قدمت في المؤتمر، وهي المعونة التي رفضها السادات لحثه على عدم توقيع اتفاق كامب ديفيد.

 

الأردن والضفة الغربية

خطوة جديدة حاولت المملكة اتخاذها للمحافظة على السيطرة الهاشمية على الضفة الغربية عبر طرحه الخطة الخمسية 1986 ـ 1990م للتنمية الاقتصادية، حيث اتجهت الأردن نحو اتخاذ خطوات اتجاه سكان الضفة الغربية، بمعزل عن منظمة التحرير، حيث أعلن الملك حسين عن خطة توسيع نطاق مجلس النواب بزيادة عدد المقاعد فيه من 60 مقعداً إلى 142 مقعدا منها 71 مقعد لسكان الضفة الشرقية، وحجز 60 مقعد لفلسطيني الضفة الغربية، و11 مقعد للمقيمين في مخيمات اللاجئين" (ص128)، وذلك يعني عودة التنافس مرة أخرى بين الحكومة الأردنية والمنظمة على كسب ولاء أهالي الضفة الغربية، وتأكيد النفوذ الهاشمي على الضفة الغربية، بل إنها أعلنت لأول مرة مساعدة رسمية إلى بلدية غزة الموالي للنظام الأردني رشا الشوا وإلا لما تقدم مساعدات للبلدية الثلاثة الأخرى في القطاع، وهو الذي لم ينتبه له الكاتب أيضاً، وأصدرت قراراً بأنه يحق للاجئ من غزة الحصول على جوزات سفر أردنية عادية صالحة لثلاث سنوات (ص128).

شرعت المملكة بالبحث عن مصادر لتمويل تلك الخطة بقيمة 461 مليون دينار أردني، من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا الغربية والخليج العربي، التي لم تبدي حماستها المرجوة للخطة، مع وجود معارضة أردنية لها محذرين من مؤامرة كبرى للتطبيع العربي مع إسرائيل، ويشير الكاتب أن منظمة التحرير قد أبدت توجسها من الخطة "واتضح أن الخطة وسيلة للضغط على المنظمة وأهالي الضفة الغربية لتغيير موقفها من الأردن، ولإضعاف دورها هناك، ومحاولة زيادة اعتماد الضفة الغربية على الأردن في مجالات الحيوية، لذا اعتبرت الخطة محاولة لعزلها عن الضفة والقطاع" (ص131).

مع اشتداد انتفاضة عام 1987م، واتساع رقعتها، وتبني منظمة التحرير الفلسطينية لها تم إلغاء تلك الخطة، وتنفيذ المملكة لقرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين في أب (أغسطس) عام 1988م، وكان من تأثير قرار فك الارتباط إعلان المنظمة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس عام 1988م، والتقدم بمبادرة سلام فلسطينية والاعتراف بوجود إسرائيل وبحقها في العيش بسلام .

 

مشاريع التسوية
  
درس أبو ركبة في الفصل الرابع، مشاريع تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وأثارها على العلاقات الأردنية ـ الفلسطينية 1982 إلى 2002م، شهدت هذه المرحلة المفعمة بالأحداث، مشاريع مختلفة لتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتعددت مشاربها ومضامينها، ولكن التأثير الأمريكي بدا الأقوى فيها، وفي تصوراته الأكثر حضوراً في ترتيبات الأوضاع في المنطقة، واستمرت مضامين كامب ديفيد مصدراً للتصورات المتجددة التي تبنتها الولايات المتحدة بشأن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي (ص156).

مع إطلاق مبادرة السلام العربية "دعا الأردن إسرائيل لقبول المبادرة العربية؛ لأنها تعالج الاهتمامات الإسرائيلية خاصة الأمنية، وأنها تضمن التوصل إلى تسوية شاملة في المنطقة، وتشكل البوابة الرئيسية لإقامة علاقات طبيعية مع العالمين العربي والاسلامي"!! (ص192).

أوضح الكاتب أن خطة خارطة الطريق التي طرحت عام 2003م "كرست التنازلات الفلسطينية بخصوص القدس واللاجئين والحدود، وقبولها بإجراء عملية تبادل للأراضي الفلسطينية، وهذا يعني ضمناً تنازل الفلسطينيين عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة" (ص203)، أظهرت الخطة تماهي الموقف الأردني والفلسطيني الرسمي، حيث قبلا خارطة الطريق بكل ما فيها، وبالتالي قبلا التخلي عن جميع الثوابت الفلسطينية.

 

شكل موضوع الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن هاجساً في سياسة الأردن الداخلية والخارجية، ورفضت الأردن الطرح الإسرائيلي، وأكدت "أن حقوق الشعب الفلسطيني هي الهدف والاستراتيجية التي يتحمل الأردن مسؤوليتها، ومع إعلان الرئيس بوش عن مبادرته، أعلن الأردن تأييده للمبادرة الأمريكية ومشاركته في عملية السلام"..

 



خصص الكاتب الفصل الخامس للتسوية السلمية، والمبادرة الأمريكية لعقد السلام 1991م، وجاء فيه بالدوافع الأردنية والفلسطينية للمشاركة في مؤتمر مدريد، والمواقف الإسرائيلية والأمريكية من المشاركة الفلسطينية في مؤتمر مدريد، بدأ الأردن والفلسطينيون بالتوجه نحو العملية السلمية، وذلك بتأثير من حرب الخليج، والضغوط الأمريكية.

فظروف ما بعد أزمة الخليج الثانية، وفرت أوضاعاً مثالية لإسرائيل، وجعلت الولايات المتحدة صاحبة مصلحة في الاستقرار الإقليمي بعد أن استتبت لها الأمور في المنطقة، ذلك الاستقرار الذي لا يمكن أن يتحقق دون تسوية ما للصراع، وعن ذلك يقول: "رأت الإدارة الأمريكية في الأوضاع التي أسفرت عنها حرب الخليج فرصة سانحة للقيام بترتيب معين في منطقة الشرق الأوسط، ورأى الأمريكيون في تعاون الاتحاد السوفيتي في جهود التسوية السياسية معهم" (ص216).

شكل موضوع الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن هاجساً في سياسة الأردن الداخلية والخارجية، ورفضت الأردن الطرح الإسرائيلي، وأكدت "أن حقوق الشعب الفلسطيني هي الهدف والاستراتيجية التي يتحمل الأردن مسؤوليتها، ومع إعلان الرئيس بوش عن مبادرته، أعلن الأردن تأييده للمبادرة الأمريكية ومشاركته في عملية السلام" (ص221)، ومن ثم كشفت قضية تشكيل الوفد الأردني الفلسطيني المشترك لحضور مؤتمر مدريد مدى اتساع الهوة بين الطرفين، إذ عملت الأردن على استبعاد منظمة التحرير من التشاور مع الجانب الأمريكي مباشرة أو بالواسطة، وأعطت مسألة التمثيل الفلسطيني في هذا المؤتمر الفرصة لبعث الحديث مجدداً عن مسألة الاتحاد الكونفدرالي مع المملكة الأردنية لتغطية التمثيل الفلسطيني في المؤتمر. (ص233).

جاء توقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين الأردن وإسرائيل 26/10/1994م، في غضون يوم واحد بعد الإعلان من اتفاقية أوسلو؛ ليوضح مدى سرعة توجه الأردن للإعلان عن الاتفاق خشية أن يكون اتفاق أوسلو على حسابها" لهذا انفرد بتوقيع معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية دون أن يقيم وزناً للجانب الفلسطيني الذي سبق أن تجاهله في السابق، بل أن الأردن أيضا لم يوجه دعوة للفلسطينيين لحضور احتفالات التوقيع على معاهدة السلام، التي جرت فوق الأراضي الأردنية" (ص272).

في ختام دراسته أكد الكاتب، أن متغيرات العلاقات الأردنية الفلسطينية ومحدداتها هي التي ترسم توجهاتها، والحقيقة أن سياسات الأردن الخارجية تتجاوز وإلى حد كبير معطيات ومقدرات المملكة الأردنية، وهنا تطرح إشكالية لأزمات السياسية الأردنية الخارجية تجاه القضية الفلسطينية طويلاً، وهي جدلية العلاقة بين المكان والدور فالدور السياسي الأردني، كما في أغلبية الأحيان أكبر من المكانة التي تتمتع بها المملكة الأردنية المرتبطة بمسألة المحدودية بكل جوانبها ومتغيراتها.

 

سوف يجد القارئ والمهتمون بالتاريخ الحديث والمعاصر مادة دسمة في هذا الكتاب المهم بكل مضمونه ومحتوياتها، حيث إنه من خلال دراسته للعلاقات الأردنية ـ الفلسطينية وطبيعتها الشائكة، انعكست سلباً وإيجاباً على الشعبين، الذين تربطهم درجات من القوة والمتانة على مدى العقود السابقة والتالية، هذا الكتاب لا يسمح بفهم العلاقات الأردنية الفلسطينية فحسب، بل أيضأً يُعين على إدراك بنية تلك العلاقة وطبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في الأردن.