صحافة دولية

تحذير أمريكي من تحول "الهول" لحاضنة الجيل المقبل من "داعش"

لم تقم سوى 25 دولة من بين 60 دولة ينتمي إليها سكان المخيم بإعادة أبنائها- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الاوسط السابق تناول فيه مخاطر عدم حل مشكلة مخيم الهول في شمال شرق سوريا، حيث يتم اعتقال عشرات الآلاف من عائلات تنظيم الدولة.

 

وأوضح في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الجنرال مايكل إريك كوريلا زار بعد توليه القيادة المركزية الأمريكية مباشرة مخيم الهول في سوريا، وكانت الزيارة محل ترحيب واهتمام بالمخيم، حيث يتم احتجاز 6 آلاف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء، ويعيشون في ظروف بائسة.

 

ومعظم الذين يقطنون المخيم هم من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة، الذين قتلوا أو ألقي القبض عليهم بعد انهيار التنظيم.


وكانت الحاجة واضحة في تخفيف مأزقهم، حيث تجول الجنرال في أرجاء المخيم، و"للأسف، فقد أصبح الهول مشكلة، فكقائد للقيادة المركزية ما بين 2016- 2019 لاحظت تخمر هذه المشكلة في نهاية عام 2018، عندما اقترب القتال ضد تنظيم الدولة من نهايته، ولم يجد ضحايا التنظيم ولا عائلاته مكانا للفرار إليه. وبحلول الربيع حيث بدأت الحملة العسكرية للحلفاء تقترب من نهايتها، بدأنا بالعمل مع حلفائنا من قوات سوريا الديمقراطية لإجلاء عائلات أعضاء تنظيم الدولة لمكان يمكن حراستهم فيه، ودعمهم وإعادتهم في النهاية للبلاد التي جاؤوا منها". 


وكان المكان هو الهول و"لم نقصد منه أن يكون معسكر نازحين طويل الأمد؛ لأن تعزيز أعضاء عائلات تنظيم الدولة ولفترة طويلة يعني زرع بذور العنف. وعلمنا أن هناك حاجة لعملية كبيرة متماسكة وضخمة لإعادة تأهيل ودمج هذه العائلات".

 

اقرأ أيضا: WP: تجاهل الغرب لعائلات تنظيم الدولة بسوريا "أمر مقلق"

وقال؛ إن عائلات التنظيم كانت، بشكل مخيف، تردد أغاني تمجد تنظيم الدولة وهي تركب الحافلات في طريقها إلى الهول، و"يذكروننا بأنهم سيعودون لذبحنا جميعا".

 

ويعتقد فوتيل أن أفضل فرصة لمعالجة مشاكل كهذه، هي في البداية عندما يكون الاهتمام بالتهديد في أعلى حالاته بشكل يقدم زخما للحلول. و"لسوء الحظ فقد فشلنا، نحن الولايات المتحدة وشركاؤنا في التحالف بعمل هذا، وظل الوضع في الهول يتقيح لمدة ثلاثة أعوام ونصف دون تقدم واضح".

 

وبحسب دراسة لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" نشرت عام 2021، لم تقم سوى 25 دولة من بين 60 دولة ينتمي إليها سكان المخيم بإعادة أبنائها، ولم يكن الرد كافيا، ولو كان شيء، فعدد سكان المخيم يتزايد بدون وجود ما يكفي لمعالجة احتياجات السكان المقيمين فيه، وحيث يولد كل شهر فيه 60 مولودا جديدا. وهناك تقارير تتحدث عن زيادة معدلات العنف في المخيم، وبـ 90 جريمة قتل في العام الماضي، حسبما قالت الأمم المتحدة. وعندما تقوم منظمات الإغاثة الإنسانية بالزيارة، يتم مقابلتها بالاحتقار والشكوك والتهديد الواضح. 


وأكثر من هذا، فقد تم تفويض عملية أمن المخيم لحلفاء أمريكا الأكراد الذين يواجهون مشاكل أمنية، في وقت يواصلون فيه ملاحقة بقايا تنظيم الدولة وبدعم سياسي قليل. وهو "وضع رديء وغير مسؤول، وأشعر بالقلق أننا نشاهد ما خشينا حدوثه قبل عدة سنوات". 


ويقول فوتيل؛ إن المنطقة تعاني من تاريخ حزين من مخيمات النازحين، ويعتبر لبنان واحدا من الدول التي وجدت فيها المخيمات ولعقود. ولكن الهول يمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي؛ لأنه يعمل على زرع عدم الاستقرار، ويروج لخطاب العنف ويثقف الجيل المقبل، ويسمح لمن يكنون الضغينة للولايات المتحدة وحلفائها لمواصلة التجنيد وزرع التشدد. وعليه، فحل هذه المشكلة سيخفف من التهديدات على الأمن القومي الأمريكي في الداخل وبالمنطقة.

 

وهناك حاجة لقوة مهام خاصة متعددة الجنسيات وتقوم بتطوير حلول صلبة، ويجب أن تقودها الولايات المتحدة أو دول غربية كبرى. وفي الوقت الذي يمكن أن تسهم الموارد العسكرية في الحل، لكن يجب ألا تقود العملية، وبدلا من ذلك يجب أن تقود الدبلوماسية والقانونية، ويجب التفكير بكل خيار من أجل دفع وتحفيز الدولة لإعادة مواطنيها وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم. 


ويعتبر العراق مشكلة محورية، فغالبية العائلات في الهول جاءت منه، وفي ظل التقلب في المشهد السياسي، فعملية إعادة العائلات لن تكون سهلة. كما ستكون هناك مشاكل قانونية للأطفال الذين لا جنسية لهم والكبار ممن ليست لديهم وثائق قانونية، وبلا شك ستكون هناك الكثير من المشاكل، لكن يجب ألا تمنعنا عن اتخاذ أمر نعرف أنه ضروري. 


فمهمة الهول لم تنته بعد، و"أضمن أننا لو سمحنا باستمرار الوضع بدون حل، ففي السنوات المقبلة فسنجبر مرة ثانية للعودة إلى المنطقة لمواجهة الجيل القادم من تنظيم الدولة، الذي كانت بدايته في مخيم الهول".