صحافة دولية

ذي هيل: قانون منع المسلمين بأمريكا ذريعة للتحيز ضدهم

أقر الرئيس الأمريكي السابق ترامب القانون عام 2018 - جيتي

نشر موقع "ذي هيل" مقالا لمحامي الهجرة والدبلوماسي الأمريكي السابق الذي خدم في نيجيريا وباكستان ونيكاراغوا وإسبانيا، كريستوفر ريتشاردسون، عن استمرار رفض المحكمة العليا الاعتراف بأن قانون منع المسلمين الذي أصدره دونالد ترامب قبل أربعة أعوام كان مدفوعا بعداء الرئيس الأمريكي السابق للدين الإسلامي.


واعتبر الكاتب أن هذا القرار يجعل القانون حاضرا، وهو ما من شأنه أن يترك أثره على المسلمين، بل وغيرهم ممن يمكن استخدامه ضدهم.


 ففي 26 حزيران/ يونيو 2018، قررت المحكمة العليا تثبيت قرار ترامب ضد هاواي لمنع المسلمين، رغم الأدلة القوية على أن الرئيس ترامب كان مدفوعا بعدائه للمسلمين عندما قرر منعهم من دخول أمريكا، إلا أن المحكمة تغاضت عن هذا الجانب، واعتبرت قرار المنع محايدا، وكان أمرا متعلقا بالأمن القومي الأمريكي.


وبالنسبة للكثيرين، فإن انتخاب جو بايدن وإلغاءه "منع المسلمين" جعله قضية خلافية. وبعد أربعة أعوام من الإدراك المتأخر، فإن رفض المحكمة العليا للاعتراف بأن السياسة كانت مدفوعة بعداء ترامب لا تزال حاضرة بيننا. فلم يعمل قانون ترامب ضد هاواي على تثبيت "منع المسلمين" فقط، بل ووضع سابقة خطيرة ستؤثر على المسلمين -المواطنين الأمريكيين وغيرهم- ولسنوات طويلة وبعد ذهاب ترامب وبايدن. 


وقال الدبلوماسي إن إعلان ترامب رقم 9645 لم يظهر من فراغ، ولم يكن توضيح هدفه أكثر من الرئيس نفسه، فقد وعد بـ"منع شامل وكلي للمسلمين" من دخول البلد، وأعلن أن "الإسلام يكرهنا"، ودعا إلى إغلاق المساجد، ورغب ببناء قاعدة بيانات عن المسلمين، بل وقارن "منع المسلمين" باحتجاز اليابانيين الأمريكيين في أثناء الحرب العالمية الثانية. 


إلا أن حكومة ترامب ناقشت أن هذه التصريحات لا علاقة لها بالمنع الذي قام على حماية الأمن القومي. ورغم محاولات مئات من المسؤولين بالأمن القومي الجمهوريين والديمقراطيين إبطال فكرة الأمن القومي، إلا أن المحكمة العليا تجاهلت العداء الديني في القانون، وركزت على ما ينص عليه القانون. وقال: "نص (المنع) لا يتضمن شيئا عن الدين"، ويجب على المحاكم بناء عليه القبول بتبرير الرئيس المتعلق بالأمن القومي، وأنه السبب وراء هذه السياسة.


كل هذا، رغم حديث الرئيس عن "تشكيل هيئة" للمساعدة في كتابة مسودة ترمز على بعد الأمن القومي في "منع المسلمين" وتحويل ما هو غير قانوني إلى قانوني. ولم يعط القانون الرئيس أقصى قوة ومساحة عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، بل ويمنح أي ترامب قادم – ترامب في المستقبل وربما ترامب الحالي في عام 2024  لتوسيع قانون منع المسلمين، الذي يشمل خمس دول لكي يضم 15، 20، 30 دولة ذات غالبية مسلمة. 


وربما لن يتوقف رئيس في المستقبل عند هذا الحد، فيمكن منع الأفارقة أو ذوي الأصول الأفريقية مثل الهايتيين باستخدام ذريعة الأمن القومي. وهذه ليست مبالغة، فقد حدثت بالفعل، ففي أعقاب قرار ترامب ضد هاواي، وسع ترامب القانون ليشمل 13 دولة، واستهدف دولا أفريقية، ومنع المهاجرين وطالبي اللجوء، وحظر دخول المهاجرين بحجة أثرهم على وضعية العلاج الصحي وضررهم على الاقتصاد الأمريكي، كل هذا بذريعة حماية الأمة. وعندما طالب ترامب بـ"منح المسيحيين أولوية الدخول كلاجئين إلى الولايات المتحدة"، ذلك أنه من "غير العدل" تمتع المسلمين بهذه المميزات التاريخية.


ومن المتوقع أن يقوم رئيس يشبه ترامب في المستقبل بهذا الأمر تحت غطاء الحيادية. وربما شاهدنا ترحيل عشرات الألاف من الأفغان الذين فروا من طالبان إلى الاضطهاد الذي فروا منه، والفضل بالنهاية يعود إلى قانون ترامب ضد هاواي. 


وربما قام ترامب المستقبلي بتفريق المهاجرين المسيحيين عن المسلمين، واستهدف ترامب المهاجرين الأفغان، وتعهد بمنع دخولهم، لذلك قد يكون الأمر مسألة وقت. وربما شاهدنا ولايات وحكومات محلية تحضر نفسها للتحرك. 


وأقرت عدة ولايات قوانين تقدمت بها جماعة معادية للمسلمين. ومن النادر ما تم تحدي هذه القوانين. وربما شاهدنا حكام ولايات يطالبون بتسجيل المسلمين ويستهدفون مساجد، تماما كما طالب ترامب. ولماذا لا تقوم ولاية بتشكيل عملية "متابعة خاصة لتحديد الهوية" كما طالب ترامب، وباسم مراقبة التهديدات على الأمن القومي؟ وربما تم منع المسلمين من دخول الكونغرس، كما طالبت النائبة الجمهورية مارجوي تيلور غرين. 


وأي قانون قادم "لا يحتاج للقول إن على المسلمين ألا يتعبوا أنفسهم ويقدموا طلبات"، بل وسيختفون وراء أي مبرر قانوني يعطي المحكمة العليا الذريعة لعدم التدخل. وسيكون الساسة الذين دعموا هذه الأمور أكثر انفتاحا وصراحة في شيطنة وقصد التمييز؛ لأن قانون ترامب ضد هاواي يعطيهم الرخصة. 

 

اقرأ أيضا: صحيفة: بريطانيا تاريخيا تتحول من التجارة بالرقيق إلى اللاجئين

وفي تثبيتها قانون ترامب ضد هاواي، قالت إن قانون كوريماستو ضد الولايات المتحدة الذي ثبت حق الحكومة باحتجاز اليابانيين الأمريكيين، ليس مشابها للحالة الأخيرة، إلا أن الحالة اليابانية كانت مثالا عن أجيال من المحاكم التي غضت الطرف عن التحيز. 


وسيكون قانون ترامب ضد هاواي مثالا آخر عن استمرار هذا الإرث. وإلى جانب مكانه الشائن في كتب التاريخ، فإن قانون ترامب ضد هاواي سيعطي فرصة لطرق إبداعية جديدة لشيطنة المسلمين وغيرهم من الأمريكيين طالما لم يكن التمييز واضحا في نصه.