مقابلات

ماهر المذيوب لـ عربي21: قيس سعيّد غرس بذور الاحتراب الأهلي

المذيوب: خريطة طريق سعيد لإنهاء الأزمة التونسية بأنها "عقيمة"- عربي21

قال مساعد رئيس مجلس النواب التونسي، ماهر المذيوب؛ إن بلاده في ظل حكم الرئيس قيس سعيد تعيش أخطر مرحلة في تاريخها الحديث، مشيرا إلى أن "سعيد غرس بذورا خطيرة للاحتراب الأهلي".


ووصف، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، خريطة طريق سعيد لإنهاء الأزمة التونسية بأنها "عقيمة، ولن تتقدم خطوة على طريق الحوار الحقيقي، وهي جزء من برنامجه الهلامي القاعدي المُستلهم من الكتاب الأخضر للقذافي".


وأضاف المذيوب أن "قصر قرطاج الرئاسي، شهد منذ دخول قيس سعيد له قصصا وحكايات وروايات خطيرة ومؤسفة للغاية، تفوق كل الانحرافات التي عاشتها الجمهورية منذ تأسيسها قبل 65 عاما".


وأشار مساعد رئيس مجلس النواب التونسي إلى أن "البرلمان منذ أول انتخاب حر وديمقراطي في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، حقّق أشياء عظيمة، وأنجز منجزات تشريعية مهمة لكل التونسيين".


واستدرك قائلا: "مع بدء الولاية الجديدة للبرلمان في 2019، وانتخاب الغنوشي رئيسا له، جُنّ جنون يتامى وأرامل النظام القديم وعبدة الثورة المضادة والمتسلقين الانتهازيين، الذين أقسموا على تدمير الثورة التونسية، حتى وإن كان الثمن تدمير الجمهورية التونسية".


وشدّد المذيوب على أن "مجلس نواب الشعب سيواصل عمله حتى تسليم الأمانة لمجلس نواب الشعب القادم المنتخب انتخابا حرا وشفافا وديمقراطيا، وستتواصل الجلسات الافتراضية للبرلمان خلال الفترة المقبلة"، موضحا أن البرلمان "في حالة انعقاد دائم في هذه اللحظات العصيبة من تاريخ بلادنا".


وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


كيف تنظرون لإعلان قيس سعيد تشكيل لجنة لوضع دستور جديد للبلاد لتأسيس جمهورية جديدة؟ وما الذي يقصده بهذه "الجمهورية الجديدة"؟


ما تقدم جزء جديد من المشروع الشخصي وأجندة قيس للسيطرة على الدولة التونسية، وتدمير الأسس العميقة للدولة التونسية، والإجهاز بالكامل على القيم الجميلة للثورة التونسية السلمية المدنية.


ما تقدم لا يعني التونسيين في شيء. التونسيون اليوم يبحثون عن حلول عاجلة لواقعهم المادي والاجتماعي، وتقديم تصورات مجتمعية ومشتركة لتحمل عبء الدَّين والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة من أجل الخروج من المأزق الحاد للمالية العمومية، وإنقاذ تونس من الإفلاس واقعيا وفعليا.


أما خريطة طريق قيس هذه فهي عقيمة، ولن تتقدم خطوة على طريق الحوار الحقيقي، بل جاءت بعد فشل استشارته الإلكترونية، وهي نوع من المخاتلة والمغالطة لإغواء الخارج لا غير. وكأن السيد قيس سعيد مفصول عن الواقع أو غير واع بأن هذا الخارج يعلم علم اليقين عدم جديته في أي حوار حقيقي تشاركي، خاصة في ظل إصراره الشديد على تجسيد برنامجه الهلامي القاعدي المُستلهم من الكتاب الأخضر للقذافي.

 

البعض تحدث عن وجود عالم خفي ومظلم داخل قصر قرطاج على خلفية التسريبات المنسوبة لنادية عكاشة.. فما أبعاد هذا العالم الخفي للقصر الرئاسي؟


سيكتب التاريخ، بعد أن ينتهي كل شيء، ويُرفع الستار وينكشف الغطاء، أنه منذ 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، ودخول قيس سعيد لقصر قرطاج، شهد هذا القصر والرمز السيادي الأول الجمهورية التونسية قصصا وحكايات وروايات خطيرة ومؤسفة للغاية، تفوق كل الانحرافات التي عاشتها الجمهورية منذ تأسيسها قبل 65 عاما. فهناك كذب فج، وبهتان، وتزوير للحقائق، وأفلام، وأوهام، وتعطيل لمؤسسات الدولة، وضرب كل قيم الجمهورية وسيادة القانون والحكم الرشيد. وسيكتب التاريخ أن أيام قيس سعيد من أخطر ما عاشته الجمهورية التونسية، ومن ثم فنحن نمر بأخطر مرحلة في تاريخنا الحديث.


ما تداعيات تلك التسريبات على المشهد السياسي في تونس؟


ما سمعناه هو جزء ضئيل مما عاشه ويعيشه كل العاملين في مؤسسة الرئاسة منذ قدوم قيس سعيد، حيث التقية والخطاب المزدوج يتدثر بالورع والبساطة في حضرة التكبر والأنانية والظلم، وما خفي كان أعظم.


وحقيقة وبدون أدنى تهويل، وكما يقول المثل التونسي: "يا نهار الموت يا نهار الكشفة"، الذي يعني أن الشخص بعد وفاته تتكشف أعماله أمام الجميع خيرا كانت أم شرا، وذلك بعد عمر طويل للجميع.


قيس سعيد تحدث أكثر من مرة عن اللاءات الثلاثة، وهي: "لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بمن خربوا البلاد وعاثوا فيها فسادا".. فكيف تنظرون لتلك اللاءات الثلاثة؟


على ما أعتقد أن هذه اللاءات قيلت في التعامل مع العدو الصهيوني. وحقيقة استغرب كيف لرجل يحتل مكانة رفيعة في أعلى هرم الدولة التونسية يتحدث بهذه اللاءات مع مواطنيه، مهما كان الخلاف معهم.


شيء آخر، هذه اللاءات من القرن الماضي، وأيامنا ومستقبلنا ومستقبل البشرية يقوم ويُبنى على الحوار والتشاركية، وليس على الاستئصال أو الإقصاء. هذه عقلية رجعية فجّة من القرون الوسطى.


بحسب تفسيركم، ما الدوافع والأسباب الحقيقية التي جعلت قيس سعيد يلجأ لاتخاذ تلك "الإجراءات الانقلابية"، خاصة أن البعض عوّل عليه في الإصلاح والكثيرون صوّتوا له في الانتخابات، وأنت كنت أحدهم؟


حقيقة، أنا كنت مُرتابا منه كثيرا، وليس لي أي موقف شخصي منه ولم أدع لانتخابه، وأدعو الله أن يغفر لكل من دعا لانتخابه، لسبب بسيط هو أن حجم الدمار الشامل والهدم الكامل للدولة والجمهورية التونسية، الذي قام وسيقوم به قيس سعيد، يتطلب عقودا لإصلاحه، ولعل أخطر ما زرعه قيس هو تنميته وتغذيته، وتزويده أتباعه وأوساطا مختلفة من الشعب التونسي بثقافة السب والسخط والكراهية والحقد على الناجحين وعلى الأغنياء وأصحاب الثروات وعلى كل نفس ديمقراطي. قيس سعيد جهّز وعزّز ودعّم الانقسام والتقسيم والتطهير على الفكرة في المجتمع التونسي، وغرس بذورا خطيرة للاحتراب الأهلي.


إلى مَن يستند قيس سعيد في تحركاته السياسية رغم رفضها من تيار كبير من معارضي سياساته؟

 
قيس سعيد مجرد واجهة أولية للإجهاز على القيم العظيمة للثورة التونسية والدمار الشامل لقيم الجمهورية التونسية والأسس العميقة للدولة التونسية، انتقاما وكرها، بدعم وتشجيع ومساندة من أدوات الدولة العميقة لعاصمة الثورة المضادة العربية، المؤرخة في 3 تموز/ يوليو 2013.


ما تقييمكم لفترة حكم قيس سعيد مقارنة بفترة حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي؟


رحم الله الزعيم بورقيبة قائد الكفاح الوطني من أجل الاستقلال، ثم بناء الدولة الحديثة. وغفر الله لزين العابدين بن علي فيما أجرم في حقي، والتاريخ سيحكم ما له وما عليه. إلا أن قيس سعيد قيس سعيد حادث عابر في تاريخ تونس المعاصر.


وماذا عن تقييمكم لمجمل أداء البرلمان التونسي؟


مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية منذ أول انتخاب حر وديمقراطي في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، حقّق أشياء عظيمة وأنجز منجزات تشريعية مهمة لكل التونسيين.


ومع بدء الولاية الجديدة في 2019، وانتخاب الأستاذ راشد الغنوشي رئيسا لمجلس نواب الشعب، جُنّ جنون يتامى وأرامل النظام القديم وعبدة الثورة المضادة والمتسلقين الانتهازيين من الشعبويين، وأقسموا على تدمير الثورة التونسية، حتى وإن كان الثمن تدمير الجمهورية التونسية، وهذا ما حصل ويحصل.


هل هناك خطوات أو تحركات جديدة يعتزم البرلمان التونسي اتخاذها خلال الفترة المقبلة؟


مجلس نواب الشعب منذ اتخاذ قيس سعيد قراره بالعمل بالفصل 80، وهو في حالة انعقاد دائم، تطبيقا والتزاما بهذا الفصل وبالدستور. وسنواصل عملنا حتى تسليم الأمانة لمجلس نواب الشعب القادم المنتخب انتخابا حرا وشفافا وديمقراطيا، وستتواصل الجلسات الافتراضية للبرلمان خلال الفترة المقبلة.


لماذا جرى استبعاد راشد الغنوشي من رئاسة الجلسة الافتراضية التي عُقدت في 30 آذار/ مارس الماضي؟


لم يقع استبعاد الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية من أي جلسة أو أي مسؤولية، وللسيد الرئيس المحترم حرية الاختيار في رئاسة أي جلسة أو تكليف أحد نائبيه بهذا العمل؛ ومن ثم فهذا أمر عادي جدا.


هل يمكن القول إنه تم طي صفحة البرلمان التونسي أم لا؟


مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم، وعلى ذمة الأمة التونسية في هذه اللحظات العصيبة من تاريخها الحديث.


كيف تنظرون للاتهامات الموجّهة إلى بعض النواب بـ "التآمر على أمن الدولة"؟


نحن نقوم بعملنا، ونحترم قضاءنا، بخلاف ذلك ضياع وقت وجهد وجزء من الحملة الممنهجة والشرسة والظالمة، التي يقودها قيس سعيد لتشويه وترذيل وشيطنة نواب الشعب، وتكريه الشعب في الانتخابات والديمقراطية.


ما موقف البرلمانات العربية والإقليمية والدولية من البرلمان التونسي والانتهاكات التي تحدث لبعض أعضائه؟


جميع هذه البرلمانات العربية والأوروبية والإقليمية والدولية تعترف إلى حد اللحظة بشرعية مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، ولجنة حقوق الإنسان في الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان الأوروبي والألماني، عبّرت في بيانات رسمية تبنيها الدفاع عن نواب الشعب ضد الانتهاكات الحقوقية الخطيرة والجسيمة التي يتعرض لها البرلمانيون التونسيون.