ملفات وتقارير

في يومها العالمي.. معاناة المرأة اليمنية مستمرة منذ سنوات

المرأة في اليمن تعاني من الانتهاكات والاعتقال والقتل والأسر والنزوح المستمر- جيتي

تعيش المرأة في اليمن، ظروفا بالغة التعقيد والقسوة، نتيجة الحرب الدامية منذ سبع سنوات، وكانت هدفا للقتل والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، فضلا عن النزوح من منطقة إلى أخرى.  

وعلى مدى سنوات الحرب، تعرضت المرأة اليمنية، لانتهاكات واسعة، حيث وثقت تقارير حقوقية مقتل وإصابة 116 امرأة بحوادث قصف أحياء سكنية وانفجار ألغام، إضافة إلى تهجير قسري طال 125 أسرة من منازلها.

"واقع صعب"

وفي هذا السياق، قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات، إنه آن الأوان لأن يتخذ المجتمع الدولي والأجهزة الأممية دورا حقيقيا وفعالا لحماية المرأة اليمنية، بعد أكثر من سبع سنوات على الصراع الدائر الذي كان معظم ضحاياه من المدنيين.

ودعت المنظمة في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الثلاثاء، إلى العمل على تمكين النساء اليمنيات من الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي وتحقيق السلام لهن، وضمان تقديم مرتكبي تلك الانتهاكات للعدالة الجنائية نظير ما ارتكبوه من جرائم طوال تلك السنوات.

وذكرت المنظمة في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، أنها رصدت طوال السنوات الماضية انتهاكات متعددة ومركبة تجاه النساء اليمنيات في مختلف المناطق، بل وحتى في مناطق اللجوء خارج اليمن.

وتابعت: "أثرت تلك الانتهاكات بشكل خطير وغير مسبوق على تمتع المرأة اليمنية بحقوقها الأساسية"، لا سيما في ظل استمرار تلك الانتهاكات من قبل أطراف الصراع وغياب أي بوادر سياسية أو إرادة دولية لحل الأزمة الممتدة منذ سنوات.

وعبرت عن مخاوفها من انتهاكات مقبلة قد تطال شريحة أكبر من النساء مع استمرار الأوضاع في اليمن على ما هي عليه.

وأشارت "سام": وبالرغم من مشاركة النساء اليمنيات في ثورة الـ 11 من فبراير (2011) وسعيهن لتأسيس مرحلة جديدة من النضال المجتمعي من أجل حقوقهن، وإثبات ذاتهن في المشهد السياسي، إلا أن سقوط العاصمة صنعاء بيد "مليشيات الحوثي" حال دون ذلك.

ورصدت المنظمة تراجعا مستمرا ومقلقا في مستوى احترام حقوق الإنسان في اليمن بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص، وتضافرت سياسات أطراف الحرب خاصة جماعة "الحوثي" في خلق وضع معقد للمرأة، وفق قولها.

 

اقرأ أيضا: في اليوم العالمي للمرأة: نحو 10 آلاف معتقلة أو مفقودة بسوريا

واستطردت: "أجبرت المليشيات الحوثية ملايين النساء على أن يعشن واقعًا صعبا وظروفا قاسية، في أغلب مناطق اليمن، إذ إنهن يعشن دون خدمات، ويعانين في سبيل الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء وكساء ودواء".

وقالت: "زيادة على هذه المعاناة، تخوض الآلاف من النساء محنة فقدان معيليهن من الرجال السجناء والمختفين قسريا في سجون الحوثي شمالا، والمليشيات المدعومة من السعودية والإمارات في الجنوب".

وأوضحت منظمة سام للحقوق، أنها سجلت أرقاما صادمة عن حجم الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة اليمنية. فخلال عام 2021 وثقت أكثر من 150 حالة انتهاك بحق النساء، شملت: القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب، والمنع من التنقل.

وأضافت أن أكثر من 900 ألف امرأة نازحة في مخيمات النزوح، تعرضن لانتهاكات ارتكبتها أطراف الصراع في اليمن.. وتصدرت جماعة الحوثي قائمة أكثر الأطراف المنتهكة لحقوق المرأة إذ إنها تسببت في 135 انتهاكا تلتها 6 انتهاكات بسبب الانفلات الأمني و5 انتهاكات لتشكيلات خارج الشرعية، إضافة إلى انتهاكين على يد الحكومة وانتهاكين لجهات مجهولة توزعت بين قتل متعمد وإصابات بالغة بحق المدنيات والناشطات.

وشددت على أن تلك الانتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. 

وقالت إن "ضعف مؤسسات الدولة وانعدام الرقابة الأمنية عرضا المرأة اليمنية لاستهداف مباشر وغير مباشر بما فيها الاحتجازات غير القانونية والحرمان من التظاهر والوقفات الاحتجاجية وإعاقة المرأة من الحصول على حقوقها في التعليم والرعاية الصحية". 

وامتدت تلك الانتهاكات، وفقا للمنظمة، لتحرم المرأة من دورها القيادي في المؤسسات الرسمية والحكومية في الوقت الذي أثبتت فيه المرأة اليمنية قدرتها القيادية في العديد من المحافل الدولية حتى نالت جائزة نوبل.

وطالت تلك الانتهاكات حق المرأة في العمل وفرض قيود صارمة على حقها في افتتاح المحال التجارية وإدارتها، إضافة إلى فرض نمط محدد من اللباس على المرأة في الجامعات والمؤسسات التي تتبع إدارة تلك القوات.

ولفتت منظمة سام للحقوق والحريات إلى أن الحوثيين فرضوا حالة الإقامة الجبرية على عشرات الناشطات والقيادات النسائية اللاتي منعن من ممارسة أي نشاط في صنعاء وعدد من المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتعرضن للتهديد بالتصفية الجسدية في حال مخالفتهن لذلك، ما اضطر الكثير منهن إلى النزوح إلى أماكن بعيدة عن سيطرة الجماعة.

وأكدت المنظمة في بيانها أن النسبة الأكبر من أعداد النازحين غالبيتها من النساء؛ حيث تشكل النساء والأطفال ما يقرب من 76 بالمئة من النازحين، مشيرة إلى أنهن أكثر عرضة للعنف القائم على النوع في الظروف غير العادية.

وأظهرت الأرقام التي نشرها صندوق الأمم المتحدة للسكان أنه في صنعاء وعدن وحجة -المحافظات التي تستضيف أكبر عدد من النازحين داخليًا- ما يقرب من 800 ألف نازح هم من النساء والفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا، وهن معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب، بحسب ما جاء في البيان.

وقالت: "أدى النزوح وانهيار آليات الحماية إلى زيادة تعرض النساء والفتيات للعنف بشكلٍ كبير، فأكثر من ثلاثة ملايين شخص نزحوا بسبب الصراع، أكثر من نصفهم من النساء والفتيات". 

ولفتت المنظمة إلى أن تأثير الانتهاكات التي رصدتها من الناحية الاقتصادية على المرأة تحمل عدة مستويات، أولها حرمانها من تقلد الوظائف العامة، ومن العمل في معظم الحالات، وحتى في مجال العمل الخاص والحر".

واختتمت منظمة سام بيانها بدعوة المجتمع الدولي والمنظمات الأممية إلى تحمل مسؤولياتها وواجباتها القانونية والأخلاقية والتدخل العاجل من أجل توفير الحماية والحصانة الكاملة للنساء في اليمن والعمل على الضغط على كافة أطراف الصراع من أجل وقف انتهاكاتهم المتكررة.

"ضحايا اختطاف وإخفاء"

وفي مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، جنوبا، نظمت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، الثلاثاء، في مقرها هناك، جلسة استعراض أمهات وزوجات المعتقلين لآثار الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري على واقع المرأة. 

وخلال الجلسة العلنية التي عقدت بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، قدمت 22 امرأة شهاداتهن لحوادث اعتقال وإخفاء أزواجهن وأبنائهن وسلسة المتابعة والإجراءات التي خاضتها النساء في البحث عن المعلومات وتعرضهن للابتزاز والعنف النفسي والمادي في ظل شح المعلومات حول مصير ذويهن. 

وقدمت أمهات وزوجات المختطفين والمخفيين قسريا، سردا لحياتهن كضحايا غير مباشرات للاعتقال والإخفاء القسري، من خلال حالة الضياع الاجتماعي والقانوني والاقتصادي الذي كلفهن الكثير من العناء وتحمل مسؤوليات وأعباء مختلفة، على مستوى رعاية الأسرة والأطفال وتوفير حالة الأمان والحماية. 

وطالبن الجهات التي تمارس الإخفاء والاحتجاز بالإفراج عن المحتجزين الذين طالت فترة احتجازهم وكشف مصير المخفيين منهم، والنظر بعين الإنسانية للأضرار النفسية والصحية والاقتصادية التي أضرت بالأسر خصوصا الأمهات والآباء والأطفال. 

 

اقرأ أيضا: حقوقيات مصريات يكشفن حقيقة وضع المرأة في عهد السيسي

وخلال الفترة من يناير 2021 وحتى يناير 2022، فقد وثقت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان،  مقتل 56 امرأة وإصابة 60 أخريات بحوادث قصف أحياء سكنية وانفجار ألغام، وتهجير قسري طال 125 أسرة، فيما تعرضت 155 أسرة للحرمان من الحق في السكن نتيجة القصف والتفجير الذي تعرضت له منازلها. 

فيما دعت كافة الأطراف والجهات المسؤولة عن عملية الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري للالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وكفالة الحق في الحرية والتوقف عن تقييد الحريات بالمخالفة للقانون. 

 

"المرأة تدفع ثمن الحرب"

وقالت الناشطة الحقوقية، وعضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إشراق المقطري، إن المرأة في اليمن، دفعت الثمن قبل الحرب كمقدمة على وضعها المستمر لانتقاص حقوقها.

وأضافت المقطري في تصريح لـ"عربي21": "في الحرب كانت الكلفة كبيرة جدا، إذ وصل الأمر إلى المساس بحقها في الحياة وحقها في السلامة الجسدية والسلامة النفسية.

وأشار عضو اللجنة الحكومية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان إلى أنه تم استهداف البيئات الخاصة بالنساء مثل مناطق الاحتطاب وآبار المياه، والأماكن التي تمارس فيها النساء اليمنيات الزراعة، إضافة إلى مناطق الموارد الاقتصادية التي كانت بالنسبة لهن فرصة لاستمرار العيش.

وتابعت: "لقد تم استهداف تلك البيئات إما بالقصف أو بزراعة الألغام والمتفجرات".

غير أن عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان، أكدت أن انتهاكا جديدا، طرأ في حياة النساء اليمنيات وهو "الاعتقال التعسفي بسبب آرائهن أو انتمائهن أو انتماء أسرهن كنوع من سياسة الحرب وكسلاح من أسلحته التي تم استخدامها في سبيل الانتصار على الخصوم.

وقالت الناشطة المقطري إن المرأة اليمنية دفعت ثمنا باهضا خلال الحرب؛ "حياتها وسلامتها وسلامة أطفالها، وأسرتها بشكل عام، فضلا عن فقدانها حقها في السكن والأمان، بعدما تعرضت منازلهن للتدمير بصورة لم تكن متوقعة، وفي مناطق عرفت بأنها مناطق محافظة" وسط وشمال وشرق اليمن.

 

يشار إلى أن اليمن، بات واحدا من أصعب البلدان في العالم للنساء، وفقا لما نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي على "تويتر".