سياسة عربية

باشاغا.. "تاجر الإطارات" الذي تحالف مع أعداء الأمس (بورتريه)

أوقف باشاغا عن العمل كوزير للداخلية وسط احتجاجات بطرابلس في العام 2020- عربي21
تكليفه برئاسة حكومة جديدة أثار الشكوك والمخاوف من إطالة الفترة الانتقالية بعد عملية خلط الأوراق بين أعداء الأمس وحلفاء اليوم.

 

ليبيا منقسمة أمام رئيسين للوزراء بعد أن منح مجلس النواب الليبي الثقة له في ظل رفض رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة.

يحاول أن يطرح خطابا تصالحيا فبعد أن كان القائد العسكري خليفة حفتر من وجهة نظره "مجرما"، يحظى الآن بثقته ودعمه، مؤكدا أنه "لن يكون هناك مجال للانتقام".

يتشارك فتحي باشاغا المولود عام 1962 في مدينة مصراتة مع الدبيبة بأنهم من المدينة ذاتها.

تخرج باشاغا من الكلية الجوية برتبة ملازم طيار مقاتل، واختير لتدريب الطلبة بعد اجتيازه لدورة التدريب وبقي هناك إلى أن استقال من سلاح الجو عام 1993 وانتقل لاستيراد الإطارات ومستلزمات البناء من خلال شركته باشاغا للإطارات.

بعد قيام الثورة الليبية عام 2011، تشكلت اللجنة القضائية وهي اللجنة التي استدعت الضباط العاملين والمتقاعدين لتكوين لجنة عسكرية، فكان أحد أعضاء المجلس العسكري لمصراتة. 

التحق بالمجلس العسكري رئيسا لقسم المعلومات والإحداثيات، ثم ناطقا باسم المجلس العسكري لمصراتة، وانضم إلى اللجنة الاستشارية في هيئة المصالحة الوطنية، وأصبح عضوا بمجلس شورى مصراتة عام 2012.  

يعد باشاغا أحد داعمي عمليات "فجر ليبيا" وشارك بها (عملية عسكرية مدعومة من المؤتمر الوطني الليبي، تقودها كتائب الثوار والدروع) في مواجهة "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.  

ارتقى في صفوف السياسة المحلية لمصراتة، وفي وقت من الأوقات كان يسيطر على اثنين من أقوى قوات مصراتة، وهي كتائب "المحجوب" و"الحلبوص". 

انتخب لعضوية مجلس النواب عن مدينة مصراتة عام 2014، وفي نفس العام قرر مقاطعة مجلس النواب ضمن مجموعة من نواب مصراتة.  

رشح في عام 2015 لرئاسة مجلس الدفاع والأمن القومي بحكومة الوفاق الوطني الليبية التي تأسست برئاسة فايز السراج استنادا إلى الاتفاق الموقع بين الأطراف الليبية في مدينة الصخيرات المغربية، لكنه اعتذر عن قبول المنصب. 

وما لبث أن شارك في عام 2016 في لجنة الحوار السياسي، وبعدها بعامين قررت حكومة الوفاق تكليفه بمهام وزير الداخلية في حكومة عبد الحميد الدبيبة. وقاد بعض الإصلاحات الأمنية. 

 

 

اقرأ أيضا:  أزمة تغيير حكومة ليبيا تتواصل.. وباشاغا أمام خيارات صعبة

أوقف عام 2020 عن العمل كوزير للداخلية وسط احتجاجات في العاصمة طرابلس، وأعيد إلى العمل بعد تحقيق إداري على صلة بإطلاق النار على تظاهرات شهدتها طرابلس. 

ومع فشل الدبيبة في إدارة ملف الانتخابات، صوت مجلس النواب الليبي في شباط/ فبراير الحالي بالإجماع على اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة خلفا لحكومة الدبيبة مع إبقاء المجلس الرئاسي المكون من 3 أعضاء هم محمد المنفي وموسى الكوني وعبد الله اللافي في السلطة التنفيذية، وهو القرار الذي اعتبر توافقا نادرا بين مجلسي النواب والدولة. 

ونظرا إلى أن الساحة الليبية باتت تشهد تقلبات في التحالفات بناء على المصالح، فقد رحب بالحكومة الجديدة، كل من القائد العسكري في شرق ليبيا حفتر (عدو الأمس)، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح. 

هذا الترحيب من حفتر لم يأت مصادفة فقد سبق أن قام باشاغا أواخر العام الماضي بزيارة مدينة بنغازي والتقى حفتر في أول لقاء يجمع بينهما. 

وتناولت وسائل إعلام عديدة الزيارة بوصفها "أمرا لافتا"، خاصة في ضوء أن باشاغا كان وزيرا للداخلية في حكومة السراج عندما تعرضت العاصمة طرابلس لحملة عسكرية قوية من قبل قوات حفتر عام 2019. 

واتهم باشاغا قوات حفتر حينها بالتحرك نحو طرابلس بعد تلقيها "ضوءا أخضر لتدمير العاصمة" من دولة عربية لم يسمها، كما نقلت عنه تصريحات وصف فيها حفتر بـ "المجرم"، وطالب فرنسا بـ "التوقف عن دعمه" وتحدث عن ضرورة "كسر الحاجز الأخير"، من أجل مستقبل ليبيا. 

ويرفض رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عبد الحميد الدبيبة التنازل عن السلطة إلا بعد إجراء انتخابات وتشكيل حكومة منبثقة عنها. 

الدبيبة يتصرف بوصف حكومته مستمرة في عملها، فهو لن يسمح بـ"مرحلة انتقالية جديدة"، كما "لن يسمح للطبقة السياسية المهيمنة طوال السنوات الماضية بالاستمرار لسنوات أخرى". بحسب قوله. 

متهما "الإخوان" و"العسكر" بالتآمر على حكومته لإخراجه من المشهد السياسي بعد تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كانون الأول/ ديسمبر الماضي والتي حملت حكومته، وهو شخصيا، مسؤولية فشلها ومن ثم تأجيلها. 

ويعد باشاغا منافسا سياسيا للدبيبة في أكثر من موقع، مثل انتخابات ملتقى الحوار السياسي عام 2021. كما أنهما طرحا اسميهما كمرشحين في الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في البلاد نهاية العام الماضي. 

تكمن خطورة دولة الحكومتين في أن الدبيبة وباشاغا كلاهما من مدينة مصراتة ويحظيان بدعم جماعات مسلحة في طرابلس لا تزال مؤثرة للغاية في الغرب الليبي وأجزاء من وسط ليبيا.


الدبيبة يواجه ضغوطا دولية وإقليمية للانسحاب من السلطة، والتأييد الدولي له تآكل مع الوقت وبات الحديث عن ضرورة تجاوز الانقسام وبأن "الوقت تجاوزه". 

رغم ذلك فإن منتقدي باشاغا يرون أن التحرك لتعيينه رئيسا للوزراء لن يساعد كثيرا في تمهيد الطريق للانتخابات، ولن يؤدي إلا إلى حدوث دورة جديدة من الفوضى السياسية. 

لكن كل ذلك يبقى في غرفة الانتظار، فأطراف ليبية كثيرة، بدلت البندقية من الكتف إلى الكتف الأخرى، والتحالفات الجديدة التي تنسج، محليا ودوليا، ستجدد المسار الجديد.