حول العالم

هكذا انتهت أحلام عائلة هندية بين الحدود الكندية الأمريكية

العائلة الهندية عثر عليها متجمدة في حقل ناء بين الحدود الأمريكية الكندية- جيتي

شكلت حادثة مقتل عائلة هندية وسط البرد القارس على الحدود الأمريكية، نهاية الشهر الماضي، صدمة في الأوساط الهندية والكندية على حد سواء، وسلطت الضوء على الدوافع والأسباب التي رمت بهذه العائلة إلى هذه المخاطرة، التي انتهت بموتهم متجمدين في حقل مفتوح.

وانطلق فايشاليبن باتال وزوجها جاغديش مع طفليهما باتجاه الحدود الأمريكية الكندية، وارتدوا معاطف شتوية ثقيلة وأحذية جديدة خاصة بالثلج، ليواجهوا ظروفا جوية قاسية  ودرجة حرارة بلغت 35 تحت الصفر في المكان الذي انطلقوا منه بقرية إيمرسون الكندية.

ويبدو أن هذه العائلة الشابة لم تمر بتجربة التعرض لدرجات حرارة منخفضة إلى هذا الحد، حتى في أبرد الأيام التي عاشوها في الهند، حيث لا تنخفض درجة الحرارة في قرية الأسرة في غرب الهند أكثر من 10 درجات تحت الصفر. وفقا لتقرير نشرته "بي بي سي".

وفي أثناء سير العائلة المكونة من الزوج وزوجته وابنتهما 11 عاماً، وابنهما ثلاثة أعوام، حملت الرياح الشديدة الثلوج وحطام الجليد عبر السهول، ما أدى إلى انعدام الرؤية تماماً، وعثرت الشرطة الكندية على أربعتهم متجمدين في حقل مفتوح.

وصدم الحادث المأساوي، الذي راح ضحيته أسرة هندية شابة شقت طريقها من قرية فقيرة في كوجارات بالهند إلى النصف الآخر من العالم، الكنديين والهنود على حد سواء، وكشف عن الضغوط الشديدة التي أدت إلى هذه المأساة.


اقرأ أيضا: تقرير حقوقي ينتقد نهج اليونان تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء

وقال المسؤولون إنهم يعتقدون أن الأسرة كانت ضحية الاتجار بالبشر، ولا تزال السلطات في الولايات المتحدة وكندا تحاول تحديد كيفية وصول أسرة باتيل إلى إيمرسون، ومن الذي قادهم إلى هناك حيث وجدوا ميتين.

وتنحدر العائلة من قرية دينغوتشا في غرب الهند، وتضم حوالي 3500 من السكان، معظمهم من المزارعين والعمال أبناء الطبقة الوسطى في ولاية كوجارات.

ويبدو أن بعض السكان كانوا على علم بخطط باتيل للسفر، وأخبروا خدمة "بي بي سي" في كوجارات أنهم ذهبوا إلى كندا بتأشيرات الزيارة.

في 11 كانون الثاني/ يناير الماضي، وصلت الأسرة إلى تورنتو في كندا في رحلة جوية قبل السفر مسافة ألفي كيلومتر غرباً إلى مانيتوبا.

لم تعرف الشرطة كيف وصلت الأسرة إلى إيمرسون؛ هل وصلت براً أم جواً؟ ولا يوجد أسماء أفراد الأسرة في سجلات الرحلات الداخلية داخلية، وتستغرق الرحلة 22 ساعة على الطريق السريع عبر كندا.

وكان من المفترض أن يتسللوا عبر الحدود بين كندا والولايات المتحدة، متجاوزين البحيرات المتجمدة في جنوب أونتاريو، قبل أن يصلوا إلى الحقول الجرداء مترامية الأطراف، حيث تحمل الرياح الثلوج عبر الهواء مثل الدخان.

بحلول 18 كانون الثاني/ يناير، وصلت الأسرة إلى إيمرسون  التي يبلغ عدد سكانها 700 نسمة، تضم القرية صيدلية واحدة ومحل بقالة ومدرسة واحدة.

والوقوف في الخارج في شتاء إيمرسون أمر لا يحتمل، مهما أكثرت من طبقات الصوف والجلد التي ترتديها، إذ يدخل الهواء البارد إلى الرئتين، ويسبب حرقة مع كل نفس حتى عندما تكون درجة الحرارة أعلى بمقدار 15 درجة من اليوم الذي حاولت فيه عائلة باتيل عبور الحدود.

وتحدث العديد من سكان المنطقة عن ضغط اجتماعي مكثف وشائع للانتقال إلى الخارج، ويجري تحديد الوضع الاجتماعي للشخص على ضوء عدد أفراد أسرته الذين يعيشون في الخارج.

في وينيبيغ، قال كنديون من أصول هندية، إنهم يدركون جيداً موجة "جنون" الانتقال إلى الخارج بين الهنود أبناء الطبقة الوسطى والعليا.


اقرأ أيضا: MEE: أوروبا ترصد كافة قوارب المهاجرين لكنها تتركهم يغرقون

وقال ميتش تريفيدي، كندي من كوجارات: "يتخيل الناس أن هناك أشجارا تثمر دولارات، كنت أتخيل ذلك أيضاً عندما أتيت إلى هنا في عمر الـ 26 عاماً".

استقر تريفيدي، البالغ من العمر الآن 59 عاماً، في كندا منذ ثلاثة عقود، وأتى إليها بتأشيرة زواج، وأصبح مواطناً كندياً في عام 2000.

ولفت تريفيدي إلى شبكات السفر السرية التي تخطط لنقل الناس بين الولايات المتحدة وكندا، وتنشط في الهند وكندا والولايات المتحدة، وتتولى تسهيل عمليات العبور هذه، حيث أصبح أقارب وأصدقاء الذين تم تهريبهم بنجاح بمثابة شهود على نجاح مهربين محددين.

ويمكن لهذه الشبكات أن توفر بيوتاً آمنة في الخارج، حيث يوفر المهاجرون الهنود الذين يقيمون بشكل نظامي مكاناً للإقامة أو فرص عمل غير رسمي للوافدين حديثاً.

ومن غير الواضح لماذا لم تكن كندا الوجهة النهائية لأسرة باتيل، لكن أبناء كوجارات في كل من الهند وكندا يقولون إن سكان دينغوتشا لديهم صلة خاصة بالولايات المتحدة.

المشتبه به الوحيد في هذه المأساة حتى الآن هو ستيف شاند، البالغ من العمر 47 عاماً، وهو مواطن أمريكي من فلوريدا، وألقي القبض عليه الشهر الماضي.

وقالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إنه يشتبه بأن شاند قد لعب دوراً في "عملية أكبر لتهريب البشر"، وله علاقة بوفاة عائلة باتيل.