صحافة دولية

"الغارديان": سياسيون إسرائيليون يتفقون مع تقرير "أمنستي"

رفضت المنظمات واللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة تقرير "أمنستي"- جيتي

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في مقال لمراسلها السابق، الصحفي كريس ماغريل، إن الكثير من السياسيين الإسرائيليين، يتفقون مع تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي"، والتي وصفت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري.

 

وذكر المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه "بينما ينكر البعض في واشنطن، وفي وسائل الإعلام الأمريكية ما خلصت إليه العفو الدولية، إلا أن الحكاية مختلفة في وسط بعض الزعماء الإسرائيليين".

 
وتاليا ترجمة المقال كاملا: 


من الذي ينطق باسم إسرائيل؟ تسعى مجموعات اللوبي اليمينية في واشنطن وكذلك السياسيون الأمريكيون إلى إقناع الأمريكان بأنهم هم الذين ينطقون باسم إسرائيل – وليس رؤساء الوزراء الإسرائيليين السابقين وغيرهم ممن يعيشون فعلاً داخل الدولة اليهودية.
 
في وقت مبكر من هذا الأسبوع نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً يتكون من 280 صفحة تثبت من خلاله أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين ترقى إلى الأبارتيد. كان الرد في الولايات المتحدة عبارة عن سخط متناغم – سخط لا يكتفي بإنكار ما يقول كثير من الإسرائيليين البارزين إنه صحيح، بل ينكر فعلياً حقهم في أن يعبروا عما يعتقدون أنه الصواب.
 
في بيان مشترك صادر عن المجموعات الأمريكية التي تزعم أنها تناصر إسرائيل – بما في ذلك لجنة الشؤون الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، منظمة اللوبي اليمينية المتنفذة – اتهمت منظمة العفو الدولية بالسعي "لشيطنة دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية ونزع الشرعية عنها"، وهي صيغة كثيراً ما تستخدم للإيحاء بوجود سلوك معاد للسامية.
 
والآن تسارع المجموعات التي قلما انتقدت تعاون إسرائيل مع نظام الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، إلى التعبير عن خشيتها من أن تقرير منظمة العفو الدولية يقلل من معاناة الأفريقيين السود تحت حكم نظام الأبارتيد.
 
عندما كنت أعمل مراسلاً لصحيفة الغارديان في القدس أثناء الانتفاضة الفلسطينية في السنوات الأولى من الألفية الثالثة، أي الانتفاضة الثانية، بعد أن كنت قد غطيت أحداث نهاية حكم البيض في جنوب أفريقيا، ذهلت بكثرة مما شاهدته من قيام شخصيات إسرائيلية بارزة بإجراء مقارنات بين الاحتلال والأبارتيد. كما أني لاحظت كم كان شاقاً نضال المجموعات المناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة لنزع الشرعية عن مثل ذلك النقاش.
 
ومع ذلك قالت أمنستي بشكل صريح إنها لا تجري مقارنات مباشرة مع جنوب أفريقيا القديمة، وإنما يتهم تقريرها إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك المعاهدة الخاصة بالأبارتيد لعام 1973 وقانون روما لعام 1998 الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، والذي يعرف الأبارتيد بأنه هيمنة عنصرية منتظمة.
 
لم يحل ذلك دون أن ينهال السياسيون الأمريكيون بالتهم ضد منظمة العفو الدولية بأنها "تكره إسرائيل"، مع أن مثل هذا الاتهام لا يفضي دائماً إلى أفضل النتائج. فهذا عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس طوم قطن يكشف عن مدى هزالة استيعابه للوضع من خلال إدانة منظمة حقوق الإنسان لأنها "تهاجم نظاماً ديمقراطياً حراً يعيش في كنفه اليهود والمسيحيون والمسلمون في أمن وسلام."
 
لو أن منتقدي التقرير قرأوه بالكامل لكان من المستبعد أن يتطرقوا لما أورده من تفاصيل حول نظام الحكم العسكري الإسرائيلي وما يفرضه من فصل عنصري وطرد قسري للفلسطينيين وكيف يعاملهم باعتبارهم مجموعة عرقية دونية. إلا أن النقاد يركزون بدلاً من ذلك على تشويه سمعة منظمة العفو الدولية.

 

اقرأ أيضا: كوربين يدعو لمحاسبة إسرائيل على معاملتها القاسية للفلسطينيين

 

في مقالها الافتتاحي، وفي تجاهل تام لمحتوى التقرير، تصفه صحيفة ذي وول ستريت جورنال، بأنه "تشهير" موجه ضد إسرائيل وتزعم أن منظمة العفو الدولية تقف في خندق واحد مع حركة حماس وحزب الله وإيران لأن خلاصة ما تقوله منظمة حقوق الإنسان هو "ما كان ينبغي للدولة اليهودية أن توجد."
 
إذا ما أريد للمرء أن يصدق هذه التهم فلا مفر من أن يعتقد بأن إسرائيل ما فتئت تحكم من قبل معادين للسامية يكرهون بلدهم. من خلال التشنيع على أولئك الذين يرون من خلال أدلة منطقية أن إسرائيل مذنبة بممارسة الأبارتيد بموجب القانون الدولي، فإن المنتقدين الأمريكيين يغضون الطرف عن سنوات من الأحكام المنددة الصادرة عن الزعماء الإسرائيليين أنفسهم.
 
وذلك ما عبر عنه يوسي ساريد، وهو الوزير الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة السابق وعضو الكنيست لما يقرب من 32 سنة، حين قال في عام 2008: "ما يعمل مثل الأبارتيد ويدير الأمور مثل الأبارتيد ويؤذي مثل الأبارتيد، فهو ليس بطة – وإنما أبارتيد."
 
وكان سياسيون إسرائيليون بارزون قد حذروا لسنين من أن بلدهم ينزلق نحو الأبارتيد، ومن بين هؤلاء رؤساء وزراء سابقون مثل إيهود باراك وإيهود أولمرت، والذين لا يمكن بحال اتهامهم بمعاداة السامية أو بأنهم يكنون الكراهية لإسرائيل.
 
في عام 2010، قال إيهود باراك: "طالما أنه لا يوجد في هذه الأرض إلى الغرب من نهر الأردن سوى كيان سياسي واحد يسمى إسرائيل، فإنه إما أن يكون غير يهودي أو غير ديمقراطي. وإذا كان لا يمكن لهذه الكتلة من ملايين الفلسطينيين التصويت، فإن تلك ستكون دولة أبارتيد."
 
أما المدعي العام الإسرائيلي السابق، مايك بن يائير، فكان أشد وضوحاً حين قال في عام 2002: "لقد أقمنا نظام أبارتيد في المناطق المحتلة مباشرة بعد استيلائنا عليها، وما زال ذلك النظام القهري موجوداً حتى اليوم."
 
وقال عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي الشين بيت إن بلاده لديها "مواصفات الأبارتيد". بينما أخبرتني شولاميت ألوني، ثاني امرأة تتقلد منصباً وزارياً بعد غولدا مائير، وكذلك آلون ليل، السفير الإسرائيلي السابق في جنوب أفريقيا، إن بلدهما تمارس شكلاً من أشكال الأبارتيد.
 
كما أن بيتسيليم، منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية الرائدة، نشرت هي الأخرى تقريراً غير مسبوق في العام الماضي تحدثت فيه عما قالت إنه "نظام تفوق عنصري يهودي" يحكم الفلسطينيين ويرقى إلى الأبارتيد، بينما تقدمت منظمة حقوقية إسرائيلية أخرى، هي ييش دين، برأي قانوني جاء فيه أن "جريمة الأبارتيد المعادية للإنسانية يجري ارتكابها في الضفة الغربية."
 
ولا يقتصر مثل هذا التقييم على الطبقة السياسية. ففي عام 2020، قال إيه بي يهوشوا، أحد أعظم الكتاب الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة: "يحفر هذا الأبارتيد أكثر وأكثر عمقاً في المجتمع الإسرائيلي ويترك أثراً كبيراً على إنسانية إسرائيل."
 
قد يعارض تلك الآراء كثيرون داخل إسرائيل، وقد يكون المعارضون هم الأغلبية، ولكن إيباك وغيرها من الجماعات الأمريكية – التي قضت أعواماً وهي تستنفر الدعم داخل أمريكا لصالح الحكومات الإسرائيلية اليمينية المصرة على الحفاظ على نمطها الخاص من الأبارتيد – لا تهمها الحقيقة.
 
يأتي هجوم المجموعات المتشددة المناصرة لإسرائيل في هذا الوقت خشية أن يطرأ تغير على السردية داخل أمريكا. فالأمريكان لم يعودوا يقبلون دون نقد أو تمحيص فكرة أن إسرائيل حريصة على تحقيق السلام وأن الاحتلال أمر مؤقت. كما أن أعداداً متزايدة من الأمريكيين باتت ترى أن النظام الذي أقامته إسرائيل نظام قهري وأن حكوماتها مراوغة.
 
لعل أكثر ما يقلق المدافعين عن الحكومة الإسرائيلية هو أن أعداداً متزايدة من الأمريكيين اليهود باتوا يرون ذلك. ويشير استطلاع للرأي أجري وسط الناخبين اليهود في الولايات المتحدة العام الماضي إلى أن 25 بالمائة يوافقون على أن "إسرائيل دولة أبارتيد." وأخيراً يبدو أنها باتت معدودة أيام اليمينيين المدافعين عن إسرائيل والساعين بكل الوسائل لفرض سرديتهم الزائفة.  
  

للاطلاع على النص الأصلي (هنا)