كتاب عربي 21

البعثة الأممية والخلاف المحتدم في مجلس الأمن

1300x600

انتهى اجتماع مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي حول ليبيا بقرار يمدد للبعثة الأممية لليبيا إلى 30 نيسان (أبريل) 2022، ويعكس قصر التمديد الخلاف الحاد بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في طرف، وروسيا في الطرف الآخر.

الطرف الغربي في مجلس الأمن يريد التمديد للبعثة إلى فترة أطول وهذا ما تضمنه مشروع القرار البريطاني المدعوم من الولايات المتحدة والذي اقترح التمديد للبعثة إلى 15 أيلول (سبتمبر) المقبل، إلا أن التحفظ الروسي عليه أسقطه، بالمقابل اقترحت روسيا حث الأمين العام على تعيين مبعوث خاص لليبيا في غضون شهر وطلبت أن يكون المدى الزمني ملزما للأمين العام إلا أنه رفض من قبل الأطراف المناوئة لها في المجلس، وعندما يتأزم الموقف يتجه الجميع إلى الحل الوسط فكان أن تقرر التمديد لثلاثة أشهر فقط وتأجيل البت في تعيين المبعوث الخاص.

الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجلس الأمن يريدون إطارا زمنيا يكون بمثابة غطاء للبعثة بوضعها الحالي لإنجاز خارطة طريق جنيف، بمعنى آخر هم يرغبون في استمرار ستيفاني ويليامز الممثل للأمم المتحدة في ليبيان وهي التي أشرفت على وضع خارطة الطريق وكانت وراء التطور الذي وقع في الملف الليبي مطلع العام الماضي، فيما تتحفظ موسكو على وجود ستيفاني ويليامز وقد رفضت تعيينها كمبعوث خاص مما اضطر واشنطن للضغط على الأمين العام فتم تعيينها مستشارة له للشأن الليبي.

الأجل الذي تم التوافق عليه يتوافق والأمد المضروب لستيفاني كمستشارة، وهو ما يؤكد أن الروس يريدون إبعاد ويليامز من خلال تعيين مبعوث خاص بعد انتهاء الأجلين في نهاية أبريل، ويدرك الأمريكان والأوروبيون غاية روسيا وهو ما دعاهم إلى التعبير عن إحباطهم من قرار التمديد.

 

أعتقد أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها على الموقف من النزاع الليبي، ولأن الوضع حرج في أوكرانيا فهذا يعني أن التوافق الدولي حول ليبيا ليس في الأفق القريب، وليس أمام واشنطن والعواصم الأوروبية إلا الضغط المباشر على عقيلة صالح وخليفة حفتر لتغيير مواقفهم من ستيفاني ومن خارطة طريق جنيف

 



الخلاف حول التمديد للبعثة وتعيين المبعوث الخاص في مجلس الأمن محتدم ويعكس إدراك الطرفين الحاجة للتحرك من خلال الأطر الشرعية الدولية، ويتمترس الروس بقوة ويتصلبون في موقفهم تجاه أي مقترح أمريكي أوروبي بخصوص ليبيا لهذا السبب، ولسان حالهم يقول أنهم سيقفلون الأبواب أمام الخطط الأمريكية الأوروبية، وفي رفض موسكو مقترح قرار ألاماني أمريكي يدين "الكانيات"، تلك المجموعة المسلحة بمدينة ترهونة التي تحالفت مع حفتر في عدوانه على طرابلس في أبريل 2019م وتورطت في جرائم خطيرة تنبأ عنها المقابر الجماعية التي ضمت المئات من الضحايا، رسالة للجبهة الغربية في مجلس الأمن أنها لن تتساهل في التعامل مع مواقفهم مهما كانت غير ذات أهمية سياسيا.

الخلاف الحاد في مجلس الأمن يلقي بظلاله على الداخل الليبي، حيث يشتد النزاع حول ترميم المسار السياسي بعد فشل الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في 24 ديسمبر الماضي، وإصرار عقيلة صالح وحفتر ومن يناصرهم في الشرق والغرب على الإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية مؤشر على أصداء التدافع في مجلس الأمن، فقد رفض عقيلة صالح توجه ويليامز لترميم المسار السياسي وقلل من تحفظها على مطلب تغيير الحكومة وإصرارها على التركيز على تحديد موعد للانتخابات العامة، واحتج عقيلة صالح بأنها غير مخولة للتدخل في النزاع الليبي وواجها بالقول أنها مستشارة وليست مبعوثا خاصا.

إذن الأشهر القادمة ستكون صعبة إذا لم يتم التقارب في المواقف بين الأطراف المتنازعة في مجلس الأمن، وأعتقد أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها على الموقف من النزاع الليبي، ولأن الوضع حرج في أوكرانيا فهذا يعني أن التوافق الدولي حول ليبيا ليس في الأفق القريب، وليس أمام واشنطن والعواصم الأوروبية إلا الضغط المباشر على عقيلة صالح وخليفة حفتر لتغيير مواقفهم من ستيفاني ومن خارطة طريق جنيف والتخلي عن تغيير الحكومة لأنه سيدفع الأزمة الليبية إلى مستوى أكبر من التأزيم الذي مظهره المواجهات المسلحة.