اقتصاد عربي

مشروعات مليارية أرهقت موازنة مصر في 2021.. هذه أبرزها

ديون مصر الخارجية بلغت 137 مليار و850 مليون دولارحتى نهاية يونيو 2021- جيتي

رغم معاناة الاقتصاد المصري على مدار السنوات الماضية، إلا أن نظام الانقلاب العسكري الحاكم أنشأ العديد من المشروعات والاحتفالات الكبرى "المثيرة للجدل" بتكاليف مليارية، ما أثار التساؤل: هل تخدم تلك المشاريع مصر أم تفاقم معاناتها؟

 
ورغم أن تلك المشروعات التي نفذها نظام السيسي في 2021، روج لها الإعلام المصري بشكل كبير، لكنها كلفت مصر ملايين الدولارات، في وقت يواجه فيه المصريون والاقتصاد المصري تحديات ضخمة، ويحتاج فيه المصريون لما هو أهم، خاصة أن هذه المشروعات نفذت وقت جائحة كورونا، حيث تحتاج مصر لتنفيذ مشروعات صحية، ربما أهم مما تم، كمجمع السجون، وموكب المومياوات، وطريق الكباش.. فكم كلفت مصر هذه المشاريع؟ وهل استحقت أم لا؟

أكبر مجمع سجون

رغم أن نظام السيسي أعلن عن بنائه أكبر مجمع سجون بالشرق الأوسط، ودشن لذلك حملات إعلامية ضخمة عربيا ومحليا، واعتبره إنجازا كبيرا وصرح لإصلاح "الإنسان" الذي يدخله، لكن هل استحق هذا الاحتفاء وتلك التكلفة؟

في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أُطلقت بالقنوات التلفزيونية المصرية أغنية تحت عنوان "فرصة للحياة"؛ وذلك احتفالاً بافتتاح أكبر مجمع سجون بمصر بمنطقة وادي النطرون غرب مصر، وقبل إطلاق الأغنية دعت الداخلية المصرية وفود عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية لزيارة السجن، الذي بُني وفقاً للنظام الأمريكي في بناء السجون.


وحسبما أعلن السيسي في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، فإن المجمع لن يكون الأخير، وسيتم بناء 7 أو 8 أخرى، وسيتبع فيها الأسلوب العلمي والتكنولوجيا المتطورة، وفق تصريحاته، ويقع مجمع السجون المصري على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي عند الكيلو 110، وبدأ إنشائه نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وخلال 5 أشهر فقط تم تشييد معظم مبانيه، وبلغت مساحة مجمع السجون مليوناً و700 ألف متر مربع؛ ما جعله أكبر سجن تم تشييده في مصر، ويفوق حجم سجن طرة مرة ونصف المرة.


وفي نيسان/ أبريل 2021، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كشفا عن الأوضاع الصعبة للسجناء والسجون في مصر، موضحا أن عدد السجون الجديدة التي صدرت قرارات بإنشائها بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 حتى 2021 بلغ 35 سجنا، تضاف إلى 43 سجنا رئيسيا قبل الثورة.


وقدّرت المنظمة الحقوقية عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى آذار/ مارس 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي. كما بلغ التكدس داخل السجون نحو 160% من القدرة الاستيعابية لهذه السجون، وداخل مقرات الاحتجاز في أقسام الشرطة بلغ 400% من السعة الاستيعابية لها.


في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، نشرت صور هزلية مع بداية العام الدراسي في مصر لبعض المشاهد الهزلية بالمدارس الحكومية التي تفتقد تجهيزات بديهية كالمقاعد الدراسية وعلم الدولة المصرية، التي كانت بعض المدارس تمسك بدلا منها العلم الفرنسي، وأخرى لمدارس أهملت خروج طلاب المراحل الابتدائية الأولى، وعرضتهم للخطر، وأخرى تفتقد للحدود الأدنى من حماية الطلاب داخل أسوارها.


ورغم أن التعليق الرسمي من وزارة التعليم المصري بمنع التصوير داخل المدارس، إلا أنه لاحقا لم تصدر أي قرارات رسمية من النظام المصري بتطوير هذه المدارس على غرار السجون.


وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أنباء بشأن وجود نقص في مخزون الأكسجين في المستشفيات الحكومية، وكذلك في أدوية البروتوكولات العلاجية لفيروس "كورونا" المستجد، بالتزامن مع الموجة الرابعة للفيروس، مؤكدين أيضا افتقاد بعض هذه المستشفيات للأسرة العلاجية ومستلزمات التعقيم اللازمة. 


موكب المومياوات


وفي نيسان/ أبريل 2021 احتفت مصر بحدث ضخم روجت له عربيًا وحتى عالميًا ومحليًا، وهو نقل 22 مومياء مصرية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارات الجديد في منطقة مصر الفاطمية.
الحدث كلف الدولة مليارات الجنيهات، قدرها وزير السياحة والآثار المصري بـ 17 مليار جنيه مصري، بخلاف تكاليف نقل المومياوات في الموكب المهيب الذي شمل أيضاً افتتاح ميدان التحرير بتجهيزاته الجديدة، وعروض موسيقية وضوئية، وطلاء كل المباني المطلة على مسار الموكب بلون موحد، وأزياء تم تصميمها لـ1600 شخص، فضلاً عن البدء في تطوير المنطقة المحيطة بمتحف الحضارات في منطقة الفسطاط. 


وكان مقررا أن تكون تكلفة إنشاء متحف الحضارات ببداية إنشائه بـ4 مليارات جنيه، وبحسب مسؤولين بوزارة الآثار المصرية، فقد تضخمت تكاليف بشدة في الشهور الأخيرة؛ بسبب ضيق الوقت المخصص لنقل المومياوات، الذي لم يتجاوز 10 شهور فقط، لتلبية طلبات السيسي بإقامة موكب جنائزي فخم يليق بالمناسبة، حتى يكون دعاية جيدة لمتحف الحضارات في الغرب.


طريق الكباش

وفي 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، افتتحت مصر طريق الكباش الرابط بين معبدَي الكرنك والأقصر في أقصى جنوبي البلاد، وأقيم حفل فني كبير لإلقاء الضوء على أهمية المشروع، وحسب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، فبلغت تكلفة مشروع ترميم، والكشف عن "طريق الكباش" الذي كان يصل يوما بين معبدي الأقصر والكرنك 60 مليون جنيه مصري (11 مليون دولار).
 
وبحسب المسؤول المصري، فنصف المبلغ سينفق في تعويض نحو 2000 أسرة مصرية يجب نقلها إلى أماكن أخرى لإفساح الطريق أمام عمليات الكشف، وأشار إلى أنه لا يتم إجبار أحد على الانتقال في إطار مشروع طريق الكباش، لكنه أكد ضرورة استكمال العمل في المشروع في آذار/ مارس المقبل، ورغم أهمية هذه المشاريع، إلا أنه كيف كانت معاناة الاقتصاد المصري في أعوام الجائحة؟

أرقام مخيفة


137 مليار و850 مليون دولار هو إجمالي ديون مصر الخارجية حتى نهاية حزيران/ يونيو 2021 مقارنة بنحو 120 مليارا 490 مليون دولار بنهاية حزيران/ يونيو 2020، وفق بيانات البنك المركزي المصري.


ويرى محللون أن ارتفاع تكلفة فوائد الدين الخارجي لمصر قد تمثل تحدياً مستقبليا أمام الموازنة العامة للدولة، رغم التزام الحكومة وعلى مدار سنوات بسداد كافة التزاماتها وأقساط الدين. 


ويصف الاقتصاديون هذه الأرقام بالكارثية، خاصة مع تجاوز نسبة ديون مصر من الناتج المحلي ما يفوق 89%، وأصبحت مصر بصدارة الدول العربية التي تواجه كارثة حقيقية بديونها، وعلى أعتاب أزمة قد تجعلها تتحمل أعباء أكثر للاقتراض .


وتصل مستويات التضخم الحالية بمصر حسب آخر التقارير في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 إلى أكثر من 7.5% وهي نسبة كارثية؛ لأنها تساهم برفع أسعار جميع السلع والخدمات بأكثر من 30% وأحيانا لما هو أعلى، وهو ما يفاقم معاناة المصريين المستمرة منذ سنوات ما قبل كانون الثاني/ يناير 2011 وتفاقمت منذ 2013.


وسجلت معدلات البطالة بمصر صعودا قويا بأكثر من 7.5%، كما اقترضت مصر 1.7 مليار دولار من إجمالي قرض تصل قيمته إلى نحو 5.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وهي أعباء تضاف للاقتصاد المصري.


ويواجه العالم تحديات اقتصادية ضخمة خلال عامي الجائحة، حيث تباطأت حركة التعافي في 2021 مع حالة عدم اليقين بتطورات الجائحة وظهور متحورات جديدة. وتحذر المؤسسات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد والبنك الدولي الدول من الاستعداد خلال 2022 لكل السيناريوهات، منها ارتفاع نسب التضخم، وحدوث ركود اقتصادي، وتباطؤ بالتنمية الاقتصادية، وارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي ارتفاع أسعار الاقتراض.