كتاب عربي 21

الانتخابات العامة.. نزاع حاد وغموض ومقلق

1300x600

يوم يفصلنا عن المؤتمر الصحفي الذي ستعلن فيه المفوضية العليا للانتخابات عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والذي قررت خارطة الطريق عقدها في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، إلا إن معطيات جديدة ستدفع إلى تعديل الموعد.

عماد السايح، رئيس المفوضية، أو هكذا بدا لنا وذلك بعد تشكيك خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في شرعيته محتجا بأنه لم يصدر قرار بتعيينه كرئيس بعد استقالة الرئيس السابق، أعلن أن النقاط الفنية بقانون انتخاب الرئيس والتي كانت محل تحفظ المفوضية قد تم التعديل عليها، دون أن يذكر ماهية هذه النقاط وكيف تم التعديل عليها.

المتابع للحراك العام المتعلق بإجراء الانتخابات يقف على مسألتين جوهريتين، الأولى أن الخلاف حولها حاد، والثانيى أن الغموض التي يكتنفها كبير حتى إن المتابع الجاد يصعب عليه فهم ما الذي يجري.

السايح لم يبين في تصريحه لمواقع إخبارية ليبية ما إذا كانت النقاط محل تحفظ المفوضية تتعلق ببنود تضمنها قانون انتخاب الرئيس، أو جدلية التزامن بين انتخابات الرئاسة وانتخابات مجلس النواب، فعلى سبيل المثال تقضي المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس بضرورة توقف المترشحين للرئاسة ولعضوية مجلس النواب عن ممارسة أعمالهم سواء، كانوا موظفين مدنيين أو عسكريين، لمدة ثلاثة أشهر قبل إجراء الانتخابات، وإذ يفصلنا عن الموعد المقرر للانتخابات نحو خمسين يوما، فسيكون متعذرا الالتزام بهذا الشرط، وسيكون من الضروري تأجيل الانتخابات لشهرين على الأقل أو إلغاء هذا البند من القانون.

البرلمان، أو ثلة متحكمة فيه، قررت أن تجرى انتخابات مجلس النواب بعد الانتخابات الرئاسية، دون أن يحدد موعدا لها، فيما فهم من تصريح السايح أن الانتخابات ستجرى بالتلازم، فهل كانت هذه المسألة من ضمن تحفظات المفوضية، وإذا كانت كذلك فكيف تم التعديل عليها ومجلس النواب لم يلتئم ولم نسمع عن جلسة مخصصة لمثل هذا الإجراء؟!

السايح أعلن أن انتخابات مجلس النواب ستكون وفق النظام الفردي وليس القوائم الحزبية، عملا بقانون انتخاب مجلس النواب، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية تشكل عشرات الأحزاب رغبة في المشاركة في الانتخابات، ويزداد الوعي بدور الأحزاب في العملية السياسية بعد التجربة المريرة للبرلمان الحالي الذي استبعدت منه الأحزاب وغلب عليه الطابع الجهوي والمناطقي والقبلي.

 

إن سيناريو قريب لما وقع عند توقيع اتفاق الصخيرات يمكن أن يتكرر، حيث انقسمت الجبهة الغربية إلى طرف معارض للاتفاق تم تحجيمه مع مرور الوقت برغم وزنه المهم، وآخر مؤيد للاتفاق ومنخرط فيه أعطى الشرعية للاتفاق فصار أمرا واقع منذ 6 سنوات.

 



خالد المشري صعد من موقفه من الانتخابات وصار واضحا أن موقف المجلس الأعلى سينتهي إلى مقاطعتها في حال لم يتم التوافق على قانوني انتخاب الرئيس ومجلس النواب، وتحدث المشري عن مكونات الجبهة التي تعارض الانتخابات وفق الإطار القانوني الذي تبنته المفوضية والتي تضم أعضاء في مجلس النواب والأعلى للدولة ومجالس بلديات ومكونات سياسية وعسكرية، إلا أن الناظر إلى عدد من أعلنوا عن رغبتهم للترشح لانتخابات الرئاسة وانتخابات مجلس النواب من المنطقة الغربية يلاحظ أن العدد غير قليل وكاف لإعطاء الشرعية التي يبحث عنها من قادوا مشهد الانتخابات وفق الأساس القانوني الراهن.

بمعنى أن الجبهة الغربية ليست موحدة في موقفها، وهناك من الشخصيات البارزة في المشهد من غرب البلاد من يرغبون في الترشح لانتخابات الرئاسة، وهناك شخصيات نشطة ومحسوبة على الجبهة التي يقودها المجلس الأعلى للدولة، بعضهم أعضاء في المجلس الذي يترأسه المشري، أعلنوا عن رغبتهم في الترشح لانتخابات مجلس النواب، وعليه فإن سيناريو قريبا لما وقع عند توقيع اتفاق الصخيرات يمكن أن يتكرر، حيث انقسمت الجبهة الغربية إلى طرف معارض للاتفاق تم تحجيمه مع مرور الوقت برغم وزنه المهم، وآخر مؤيدا للاتفاق ومنخرطا فيه أعطى الشرعية للاتفاق فصار أمرا واقعا منذ 6 سنوات.

ما يدعم هذ السيناريو هو الاندفاع الكبير للأطراف الدولية، بقيادة واشنطن، لإجراء الانتخابات دون النظر إلى صحة أساسها الدستوري والقانوني ودون الالتفات إلى حجم النزاع حولها، واستجابة قطاع واسع من الرأي العام الليبي لهذه الضغوط، والتماهي معها كونها في نظر شريحة واسعة السبيل الوحيد لتغيير الواقع الراهن، بغض النظر عن ما إذا كان هذا التغيير إيجابيا أم سلبيا.