ملفات وتقارير

ماذا وراء تعيين قاضيات مصريات للمرة الأولى بمجلس الدولة؟

محكمة مصرية- جيتي

للمرة الأولى منذ نحو 75 عاما، أصدر رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، قرارا جمهوريا بتعيين 98 قاضية بمجلس الدولة (جهة قضائية)، نقلا من هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية (هيئة قضائية)، وهو القرار الأول من نوعه الذي يتضمن تعيين قاضيات نساء بمجلس الدولة.


ونُقلت 50 مستشارة من الهيئتين للعمل في وظيفة نائب (ثالث درجات السلم الوظيفي بمجلس الدولة)، إلى جانب 48 في وظيفة مستشار مساعد "ب" التالية في الترتيب الوظيفي، وهي درجات لا تتيح لهن الجلوس على منصة القضاء بعد، بحسب ما أكده مصدر قضائي لـ"عربي21".


في آب/ أغسطس 2021، وافق مجلس القضاء الأعلى على طلب النائب العام حمادة الصاوي بنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة بدرجاتهن الوظيفية المقابلة بالقضاء، خلال العام القضائي الجاري، لأول مرة منذ عام 1881.


قاضيات ولكن


وأوضح المصدر القضائي، وهو قاض بمجلس الدولة: "هناك فرق بين الجهة القضائية والهيئة القضائية، الأولى هي التي تمتلك سلطة الفصل في الدعوى، أي إصدار حكم ملزم لكافة الأطراف، أما الثانية (قضايا الدولة والنيابة الإدارية)، فهي هيئات قضائية لا تملك سلطة الفصل في الدعوى، لكن مهامها إجراءات التحقيقات س و ج".


وأكد أن "ما جرى هو نقل وليس تعيينا من أول درجات السلم الوظيفي لمجلس الدولة، والدرجات التي تم وضعهن فيها هي درجات لا تسمح لهن بعد بالجلوس على منصة القضاء، الأمر يحتاج إلى 10 سنوات على الأقل حتى يتمكّنّ من تأسيس حكم قضائي، كما لم يسمح للخريجات من الكليات المتخصصة بتقديم أوراقهن للتعيين في المجلس بعد".


وكان السيسي قد طالب، بصفته رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية (مستحدث)، في آذار/ مارس الماضي، بالسماح للمرأة بالعمل في مجلس الدولة والنيابة العامة، وبحسب المادة 11 من الدستور، فإن على الدولة أن تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها.


وكان أول تعيين المرأة كقاضية في القضاء المصري العادي عام 2007، عندما تم تعيين 31 قاضية، ثم تعيين مجموعة أخرى في عام 2008، ثم مجموعة ثالثة في عام 2015، تضم 26 امرأة كقاضيات لمحاكم الدرجة الأولى.


وبلغ إجمالي عدد القاضيات حتى ذلك التاريخ 66 قاضية من إجمالي 16 ألف قاض في مصر، أي أن نسبة القاضيات تقل عن 1%، لكن نظام السيسي يقول إنه يسعى إلى رفعها إلى 25 بالمئة خلال عام 2030، وفق استراتيجيته الخاصة لتمكين المرأة.


ورقة لا مبدأ


من جهته، قال القاضي محمد سليمان، إن "التعيينات الأخيرة ما هي إلا لذر الرماد في العيون، ومحاولة من نظام السيسي لتجميل صورة النظام، ودغدغة منظمات حقوق الإنسان النسوية في الخارج، وإنه يحرص على المساواة بين النساء والرجال في الوظائف العامة".

 

وأضاف لـ"عربي21": "كل هذه المحاولات هي ورقة بيد السيسي وليس حقا للمرأة يطالب به، وإلا ماذا عن النساء المختفيات والمعتقلات في السجون من الفتيات والعجائز، والمكسب الحقيقي هو مكسب شخصي للسيسي، والحصول على لقب تعيين قاضيات لأول مرة في تاريخ مجلس الدولة".


إطلاق حرية المعتقلات


الناشطة والحقوقية المعنية بشؤون المرأة المصرية، سلمى أشرف، قللت من شأن "حركة التعيينات النسائية في السلك القضائي"، قائلة: "تعيين قاضيات -لأول مرة بمجلس الدولة- هو صورة لتصديرها للخارج الذي يحرص على مساواة الرجل بالمرأة في شغل جميع الوظائف، من أجل تجميل صورة النظام التي تلطخت بصور المرأة المكبلة والمعتقلة بسجون مصر".


وتساءلت في تصريحات لـ"عربي21": "لماذا لا يطبق نظام السيسي قاعدته على المرأة المعارضة في السجون، أليس هو أول من كسر كل الخطوط الحمراء في أدبيات الحبس باعتقال وسجن وسحل وانتهاك حرمات المرأة والجدة والفتاة والطالبة"، مشيرة إلى أنه "الأحرى به بدلا من تعيين مئة قاضية أن يفرج عن القضاة المعتقلين، وعن النساء المعتقلات، ويغلق القضاء العسكري ودوائر الإرهاب".


لم تستبعد سلمى، مسؤولة الملف المصري بمنظمة هيومن رايتس مونيتور، أن يستغل نظام السيسي القاضيات في تشكيل لوبي "نسائي موال له، وقالت: "ما نخشاه أن تكون هذه التعيينات لها شروط، وهي أن يأتمرن بأمره، باعتباره صاحب الفضل عليهن".


وختمت حديثها بالقول: "السيسي ليس حريصا على القضاء، ولا على حقوق المرأة ومكانتها، فهو لا يكترث بالزج بهم في السجون، وملاحقتهم ومطاردتهم إذا استدعى الأمر، وليس أدل على ذلك على حبسه وفصله لعشرات القضاة والنساء ومطاردته للباقين وفصلهم من أعمالهم".