صحافة إسرائيلية

تحذيرات من مكافحة "الشاباك" للعنف بالداخل الفلسطيني

جهاز الشاباك والجيش متورطان كليا في استفحال الجريمة- أرشيفية

حذر بروفيسور إسرائيلي، من تداعيات إشراك جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، في مكافحة "العنف والجريمة" في المناطق العربية بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، مؤكدا أن هذه "فكرة سيئة جدا". 

وقررت حكومة الاحتلال أمس، إشراك "الشاباك" في مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي، حيث أيدت تلك الخطوة المستويات العليا، بما في ذلك رئيس الوزراء نفتالي بينيت، وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة. 

وأوضح بوعز سنجيرو، وهو بروفيسور ومؤسس موقع "مراقبة جهاز القضاء الجنائي"، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "الكبار، يرون أن القدرات الاستخبارية لجهاز المخابرات ستقلص حيازة السلاح في المجتمع العربي". 

ورأى أن "الفكرة سيئة جدا لعدة أسباب: أولا؛ مثل إشراك الشاباك في إنفاذ قيود كورونا، نحن وقفنا أمام منحدر سلس في نهايته أضرار شديدة بحقوق المواطنين، ثانيا، يستخدم الشاباك وسائل متطرفة تمس بحقوق الفرد، والتي أقرت بشكل لا مفر منه، بصفته جهاز أمني يحبط العمليات (المقاومة)، وهذه ليست ملائمة للتحقيق في الجريمة، فالجهاز مخول بأن يجمع بشكل جارف معطيات اتصالات عن كل المواطنين والبحث في المخزون دون حاجة لأمر قضائي". 

ثالثا، أن "الشاباك يعمل بشكل سري، بينما الديمقراطية تفترض الشفافية وترفض الشرطة السرية.. رابعا، أنه يقضي قانون جهاز الأمن العام لعام 2002، وظائف الجهاز، فهو مسؤول عن الحفاظ على أمن إسرائيل والنظام ومؤسساته من التهديدات والتخريب والتآمر والتجسس وكشف الأسرار، كما أنه يعمل على الحفاظ على مصالح رسمية حيوية أخرى للأمن القومي". 

 

 

 


وعن السبب الخامس؛ ذكر سنجيرو، أنه "من غير المعقول تعريف نشاط الشاباك، بحيث يتجه لأقلية معينة (عرب الداخل المحتل)، فهذا أمر شاذ من ناحية أخلاقية، قانونية ودستورية وديمقراطية أيضا، وفي وقت قريب من مثل هذا النشاط، من المتوقع أن ينتشر لكل بيت في اسرائيل، فدوما سيوجد نوع آخر من الجريمة، سيرغبون بأن يعلنوا ضده الحرب". 

وسادسا؛ "التصدي للجريمة، التي توجد في كل المجتمعات وعلى مدى العصور، من غير المتوقع أن يعطي نتائج جيدة، ولكن من الضروري أن تعالج المشاكل الاجتماعية التي تغذي الجريمة، وتخصيص مقدرات للتعليم، للرفاه، للتشغيل وغيرها، وبالنسبة لوظيفة الشرطة في الحفاظ على أمن المواطنين العرب من العنف، فهذه وظيفتها المركزية، والمفتش العام مطالب بأن يحرص على أن يؤديها، لا أن ينقل المسؤولية للشاباك". 

وفي السبب السابع، نبه البروفيسور، إلى أن "الفصل بين التصدي للعمليات بوساطة الشاباك وبين التصدي للجريمة بواسطة الشرطة، أمر ضروري ومحظور طمسه، فنحن لا نريد أن نودع لدى الشاباك مسؤولية التحقيق في الجريمة، الأمر الذي من المتوقع أن يصل لكل بيت في إسرائيل، وهذا سيحطم حقوق الإسرائيلي، بل إنه سيصرف الجهاز الأمني عن مهمته الضرورية". 

وتابع: "وأخيرا، عن السخافات التي في طمس الحدود، يمكن أن نتعرف أيضا على إمكانية إدانة أبرياء على أساس اعترافات عابثة أدلوا بها في الشرطة، ولتقليص الظاهرة يجب طلب "المساعدة"؛ دليل هام آخر، مستقل ولم يأت من أقوال المتهم أو من سلوكه". 

 

 

 


ولفت إلى أنه "من المهم أن نتذكر أهداف الأجهزة مختلفة؛ فهدف الشاباك، إحباط العمليات، وعليه فهو لا يمكنه أن يكتفي بالاعتراف، أما في الشرطة بالمقابل، ففي أحيان قريبة، ما أن ينتزع الاعتراف حتى يتوقف التحقيق، وبعد كل شيء، هدف الشرطة فقط حل لغز الجرائم، والقضاة يكتفون بالاعتراف، وبسبب طمس الحدود تؤدي الاحتياجات الخاصة بالشاباك لأن نكون "عالقين" بأحكام متخلفة جدا". 

وشدد سنجيرو، على "الأهمية الهائلة، للفصل بين الشاباك والشرطة، لأن طمس الحدود يخلق تشويهات قاسية"، محذرا بشدة من "استخدام الشاباك في التصدي للجريمة". 

 

لجنة المتابعة العربية 

بدورها أدانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل المحتل، قرار الحكومة الإسرائيلية، وما يسمى بـ"الطاقم الوزاري لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي"، بإدخال جهاز الأمن العام (الشاباك)، والجيش إلى البلدات العربية، بذريعة مكافحة الجريمة المستفحلة في المجتمع، وأكدت أنه "لا مكان لإدخال هذين الجهازين القمعييْن اللذين تمرّسا على قمع جماهيرنا وشعبنا الفلسطيني عموما وعلى ارتكاب جرائم مطروحة للتداول في الأوساط الدولية".

وأوضحت أنه "في السنوات الأخيرة، لم نسمع من أي حكومة سوى تصريحات وبيانات فضفاضة، ومخططات تجنيد شباننا، تحت يافطة مكافحة الجريمة، وكلها فارغة، لأنه لا توجد نيّة لدى الحكومة باجتثاث الجريمة، ولأن استفحالها هدف مؤسساتي حاكم، لضرب مجتمعنا العربي وتدميره من الداخل، وهذا قرار إستراتيجي يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قد اتخذته بعد هبة القدس والأقصى في العام "2000.

 

اقرأ أيضا : هكذا أفشل فلسطينيو 48 خطط جيش الاحتلال أثناء عدوانه على غزة


وأكدت كذلك أن "جهاز الشاباك والجيش متورطان كليا باستفحال الجريمة، فقبل أسابيع قالت مصادر في قيادة الشرطة الإسرائيلية إن عصابات الإجرام تحظى بحصانة من جهاز الشاباك لأن غالبية رؤوس الإجرام يعملون كمتعاونين مع جهاز المخابرات (الشاباك). وقبل هذا، صدرت العديد من التقارير الإسرائيلية الرسمية، تقول إن حوالي 90% من السلاح المنتشر في مجتمعنا العربي مصدره 'عمليات تهريب من الجيش الإسرائيلي' والحديث يجري عن مئات آلاف قطع السلاح. ولا يوجد ما يقنعنا بأن المؤسسة الحاكمة عاجزة عن وقف عمليات التهريب، التي يبدو المؤسسة الحاكمة لها مصلحة بها، طالما أن السلاح هو لغرض الجريمة وقتل العرب لبعضهم. إن الأساس 'القانوني' لعنصرية الدولة تجاه الإنسان الفلسطيني، وهو قانون القومية اليهودية، إذا أضيف له القرار بإدخال الجيش والمخابرات رسميا وبقرار معلن، إلى حياتنا وإلى قرانا ومدننا، إنما يعني ذلك اكتمال ملامح النظام العنصري والفاشي، الأمر الذي يتطلب موقفا دوليا من الأمم المتحدة، ومن كل المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان والمعنية بمكافحة العنصرية".

وتطرقت إلى أن "موقف لجنة المتابعة هو الموقف التمثيلي للمواطنين العرب وأي خروج عنه أو تساوق مع مخططات المؤسسة التي منحت الحصانة للجريمة وتستعملها لتقويض الحصانة الوطنية والمجتمعية لشعبنا، يعتبر خروجا عن ثوابت العمل السياسي والوطني".

وكان رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، قد قال في كلمته في مهرجان إحياء الذكرى الـ21 لهبة القدس والأقصى في سخنين، يوم السبت الماضي، إن "الإحصائيات تؤكد ما نقوله على مر السنين، بأن استفحال الجريمة في مجتمعنا هو بقرار حكومي إستراتيجي، بعد هبة القدس والأقصى، فالإحصائيات تقول إنه منذ العام 1980 وحتى العام 2000، كان في مجتمعنا العربي 81 ضحية في جرائم القتل، بينما منذ العام 2000 وحتى هذه الأيام، سقط 1481 ضحية في جرائم العصابات".

وأضاف بركة أنه "إذا كانت قيادات في الشرطة تقول إن الشاباك يحمي عصابات الإجرام، فهل يعقل أن يكون منا من يقبل بإدخال الشاباك لبلداتنا، بذريعة مكافحة الجريمة؟ هل يعقل أن المتهم بالجريمة هو المكلف بالقضاء على الجريمة؟ هل سنصبح وكلاء للمخابرات؟ هل علينا أن نختار ما بين عصابات الإجرام والشاباك؟". ودعا بركة كل "من يتبنى موقفا مؤيدا للشاباك إلى أن يتراجع عن موقفه".