سياسة عربية

ماذا وراء دعوات نقل مظاهرات وسط وجنوب العراق إلى الأنبار؟

توقع المساري أن "تفشل دعوات الخروج بمظاهرات في الأنبار"- عربي21

أثارت محاولات نقل الاحتجاجات الشعبية في العراق من محافظات الوسط والجنوب إلى محافظة الأنبار غرب البلاد، تساؤلات عديدة حول الأسباب التي تدفع للتحشيد في هذه المدينة التي تشهد استقرارا أمنيا، وحركة بناء وإعمار منذ استعادتها من تنظيم الدولة عام 2017.

ومنعت القوات الأمنية، الجمعة، مجموعة من متظاهري وسط وجنوب البلاد يقودهم الناشط ضرغام ماجد من محافظة بابل، إلى دخول الأنبار، للتظاهر هناك، في معقل رئيس البرلمان، وزعيم تحالف "تقدّم" محمد الحلبوسي، للمطالبة بتوفير الخدمات وإسقاط الدعاوى الكيدية ضد الناشطين.

غايات سياسية


من جهته، قال السياسي العراقي رئيس حزب "الحق" أحمد المساري لـ"عربي21" إن "هناك أهدافا سياسية حول هذا الموضوع، وإلا لماذا تنقل هذه المظاهرات إلى الأنبار".

وأضاف المساري: "إذا كان أهالي الأنبار يريدون التظاهر فهم يتظاهرون في محافظتهم، لكن لماذا تسعى محافظات أخرى لنقل مظاهراتها إلى الأنبار؟ إلا إذا كانت لديهم غايات سياسية".

ورأى البرلماني السابق أن "ثمة محاولات لجر محافظة الأنبار في الوقت الحالي إلى التظاهر والاحتجاجات تمهيدا لإشعال العنف كما حصل في محافظات الوسط والجنوب".

وتوقع المساري أن "تفشل دعوات الخروج بمظاهرات في الأنبار، لأن أهالي المحافظة لن يسمحوا بمثل هذه المحاولات التي تؤثر على استقرار الأنبار، فهي اليوم تشهد حركة بناء وإعمار".

وشدد على أن "من يريد التظاهر والمطالبة بالحقوق فليذهب إلى بغداد فهي عاصمة القرار، لأن الأنبار اليوم مستقرة ومحاولات جرها للتظاهر في هذا الوقت الذي يسبق الانتخابات يحمل أهدافا سياسية".

وعلى الصعيد ذاته، كتب البرلماني العراقي عن تحالف "تقدم" ظافر العاني تغريدة على "تويتر" قال فيها: "الشباب القادمون من بابل للتظاهر في الأنبار ليتكم تتظاهرون داخل جرف الصخر من أجل معرفة مصير مغيبي الأنبار ولإعادة إخوانكم مهجري الجرف، وهم أبناء محافظتكم أم إن هذا الموضوع ليس من اختصاصكم؟".

دوافع طائفية


لكن المحلل السياسي حسين السبعاوي، قال في حديث لـ"عربي21" إنه "لا شك ثمة دوافع أخرى من الأحزاب الطائفية، التي دفعت بعض جمهورها مع المحتجين للمشاركة في المظاهرات بمحافظة الأنبار".

وأضاف: "على الجميع إدراك حقيقة أن يحتوي على مكونات، والأنبار لا تحتمل الإيذاء من الحكومة والمليشيات، وهي اليوم تتعرض إلى أكثر من جميع المحافظات إلى هجمة طائفية من الإعلام الذي ينتمي إلى المليشيات الولائية".

ورأى السبعاوي أن "من حق الأنبار الاعتذار عن المشاركة في المظاهرات، مع العلم أن تأييدها لحقوق الإنسان والمواطن العراقي لا غبار عليه، لكن دفعها للخروج بمظاهرات في هذا التوقيت فأعتقد أن ثمة مآرب سياسية وراء ذلك".

ولفت إلى أن "جميع السيناريوهات واردة لأن الأنبار مستهدفة سواء من الحكومة أو المليشيات، لأنه إذا سمح للخروج بمظاهرات في الأنبار وأصيب أحدهم فسيرتفع منسوب الطائفية ساعتها، علما بأن حادثة دفع عشائر الأنبار دية أحد عناصر الحشد الشعبي بحجة مقتله بالمحافظة ليست ببعيدة".

وأعرب السبعاوي عن اعتقاده بأن "انسحاب التيار الصدري من الانتخابات أربك البيت الشيعي في العملية السياسية، ما جعله يتخبط في المرحلة المقبلة، وكذلك تحركات رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في المحافظة، والتي يظهر فيها وكأنه مدعوم خارجيا وداخليا، كل ذلك جعل هؤلاء يستهدفون الأنبار".

وتابع: "علينا أن ندرك أن من يطالب بحقوق العراقيين جميعا يقف معهم سواء في الأنبار أو الموصل، ومواقف أهل الأنبار مشهود لها، ولا سيما في عام 2012 فهم خرجوا في اعتصام استمر طويلا ولم يستجب لهم أحد، بل استهدفوهم وشيطنوهم في عهد نوري المالكي".

رفض أنباري


وبخصوص رفض عشائر الأنبار إقامة مظاهرات في محافظتهم، أكد السبعاوي أن "من حق الأنبار عدم الخروج في المظاهرات، رغم أنها داعمة لمطالب المتظاهرين، لأن المحافظة مستهدفة من بعض القوى التي تعيش حالة من الإرباك".


وأشار إلى أن "البيت السني اليوم يشهد حالة من الاستقرار السياسي، أكثر من البيت الشيعي عكس الأعوام السابقة، لأن الأخير بدأ يتلاشى وينقسم على بعضه منذ عام 2010، وجاءت مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، فقصمت ظهر الدكاكين الطائفية ولم يبق لها جمهور".

ورأى السبعاوي أن "على الأنبار النأي بنفسها عن هذا الصراع، وعليها التعامل بحكمة ودبلوماسية لأن هذه الاستفزازات لن تكون الأخيرة فهم معرضون لاستفزازات كثيرة خلال المرحلة المقبلة".

وفي بيان صدر الخميس الماضي، اعتذر "مجلس شيوخ عشائر الأنبار" عن استقبال المتظاهرين الذين ينوون القدوم من مختلف المحافظات العراقية، لإقامة تظاهرات في الأنبار.

وقال المجلس: "إلى الشباب الواعي من أبناء العراق العظيم، ونحن إذ نبارك لكم سعيكم في ممارسة الحقوق التي كفلها الدستور العراقي ومنها حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، بما لا يؤثر على المصالح العليا للبلاد وأمنها واستقرارها، ولكون محافظتنا الأنبار الغالية، خرجت للتو من أتون حرب طاحنة شنتها عصابات إرهابية تكفيرية عالمية وإقليمية كادت أن تؤدي إلى تمزيق البلاد وتدميره، وجعلت محافظتنا منكوبة وأهلها مشردين ومهجرين ومنهم من قضى نحبه شهيدا مدافعا أو محررا أو مغدورا ومنهم المصاب الذي يعاني مخلفات تلك الحرب الضروس التي أتت على الأخضر واليابس".

وأضاف أنه "حرصا منا على إدامة الاستقرار والأمن المستتب في محافظتنا، فإننا نرحب بمن يأتي زائرا للاطلاع على تجربة الأنبار في الإعمار والاستقرار في كافة المجالات، بعيدا عن التظاهرات أو التجمعات ولغتها السياسية، أو رسائلها التي جعلتنا ندفع ثمنا باهظا من دماء العراقيين ومقدراتهم في سبيل الخلاص من براثن الإرهاب الذي ما زال يتربص بنا ويريد بنا شرا".

وتابع البيان، بأنه "إيمانا منا بحديث نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) وأننا ما زلنا إخوانكم في محافظة الأنبار نعاني من آثار اللدغات السابقة، فلا يمكن لنا الاستمرار في الأسلوب السابق، ونعتذر عن استقبال المتظاهرين لأي سبب كان، فإن أمن واستقرار ونهضة محافظتنا بحاجة إلى الاستمرار بالهدوء والتروي بعيدا عن ضجيج السياسة ودهاليزها".

واختتم بالقول: "ندعو أجهزتنا الأمنية لأخذ دورها في منع أي تظاهرة وعدم السماح بمثل هذه النشاطات في عموم محافظة الأنبار، علما بأن القانون حدد ممارسة التظاهرات وأسبابها ولا يجوز نقل جماهير من محافظة معينة للتظاهر في محافظة أخرى".

من جانبه، قال زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر خلال تغريدة عبر "تويتر" الجمعة، إن "محاولة التظاهر في محافظة الأنبار من قبل بعض الجهال، إنما هي محاولة لإثاره الفتنة الطائفية ليتغذى عليها بعض الساسة الفاسدين". وأضاف أن "الفتنة نائمة لعن الله من (يحاول إيقاظها)".