سياسة عربية

"مذبحة رابعة".. هكذا بقيت ذكراها رغم "التواطؤ" العالمي

حاول الإعلام المصري تغيير الحقائق بشأن مجزرة رابعة

مع حلول الذكرى الثامنة لمجزرة رابعة، حاول النظام المصري على مدى السنوات الماضية محو آثار المذبحة محليا دوليا. 

وفي محاولة لإغلاق القضية، أصدرت محكمة النقض المصرية، منتصف حزيران/ يونيو الماضي، أحكاما نهائية بالإعدام بحق 12 شخصا، بينهم قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، ضمن قضية اعتصام رابعة العدوية، التي يعود تاريخها إلى عام 2013.


وخففت المحكمة ذاتها العقوبة على 32 متهما، من الإعدام إلى مؤبد (25 عاما)، وقضت بانقضاء الدعوى للقيادي الراحل عصام العريان؛ بسبب الوفاة.

وفي رمضان الماضي، أنتجت السلطات المصرية مسلسلا دراميا ضخما بمشاركة فنانين مشهورين، حمل اسم "الاختيار 2"؛ بهدف قلب الحقائق واحتكارها، وسط انتقادات حقوقية وسياسية واسعة.

والمسلسل من إنتاج شركة "سينرجي" المملوكة للمجموعة "المتحدة للخدمات الإعلامية"، التابعة للمخابرات العامة المصرية، وفق تقارير صحفية متعددة، ويبرز أحداث ما بعد انقلاب 30 تموز/ يوليو 2013 وفض اعتصام "ميدان رابعة" من وجه نظر النظام. 

اقرأ أيضا: أرقام في مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية بمصر (إنفوغرافيك)

المجزرة التي راح ضحيتها المئات من المواطنين خلال اعتصامهم السلمي، تضمنت شهادات مروعة عن اقتحام قوات الجيش والشرطة الاعتصام فجر يوم 14 آب/ أغسطس 2013، كانت أشبه بحرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم.

ورغم توثيق جميع المنظمات الحقوقية الدولية والمستقلة تلك المجزرة، ووصفها بـ جريمة حرب وإبادة غير مسبوقة، لكنها لم تحرك ساكنا لدى دول العالم من شرقه إلا غربه، باستثناء بعض الإدانات التي لا ترقى إلى حجم المجزرة.


لماذا رابعة باقية؟

في سياق تعليقه، قال الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة، الدكتور جمال عبد الستار: "الذي يجعل مذبحة رابعة باقية هو الاستمرار في الإفساد والاستبداد حتى عم الطغيان كل الخلق، وطال من تورطوا بتأييد رابعة، فلا مجال للنسيان أو التناسي، فالجرائم بحق المصريين لم تتوقف، والمحن يستدعي بعضها بعضا.

وأضاف القيادي السابق في التحالف الوطني لدعم الشرعية، لـ"عربي21": ثم إن بعض الخسائر قد تنسى، أما الدماء فلا يمكن نسيانها، وستظل هذه الجريمة وصمة عار في جبين مصر، ثم هذا الفشل الذي يلاحق الانقلاب في كل المجالات يجعله دائما موضع سقوط وانحدار"

بحسب عبد الستار، فقد "ظلت رابعة تؤرق النظام بعد كل هذه السنوات لعدة اعتبارات، أولا أن الباطل دائما خائف لا يعرف الطمأنينة، ثانيا أنه يدرك أن القضية ما زالت حاضرة في النفوس، ثالثا: لأنه أكثر الناس إدراكا لخطورة جريمته ومعرفة بتفاصيلها، رابعا: "لأن إسالة الدماء أمر غريب على الشعب المصري ومن الصعب أن ينساه، خامسا: لأنه يوقن أن أنصاره انفضوا من حوله إلا قلة، وأخيرا، لا يمكن أن تحكم القوة بلدا إلى الأبد".

"حملت أسباب وجودها"
اعتبر مدير مؤسسة شهاب الحقوقية، خلف بيومي، أن "مجزرة رابعة حملت في طياتها أسباب بقائها، فقد ارتكبها النظام باستخدام مفرط ومميت للسلاح، واستخدم فيها المدرعات والمجنزرات والقناصة، فترتب على ذلك وفاه 1000 مواطن".

مضيفا لـ"عربي21": "وارتكابها بهذه الصورة يجعلها جريمة ضد الإنسانية وفق نظام روما، والجرائم المصنفة بأنها ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ويظل مرتكبوها قيد الملاحقة، ولا يمكن إفلاتهم من العقاب".

أما السياسي والحقوقي المصري عمرو عبد الهادي، فقال: "الذي يجعل ذكرى رابعة باقية هو شهود هذه الواقعة ممن حضرها ومن نجا منها، وكل مؤمن بالقضية، بل وكل مؤمن بثورة يناير، وأن 3 يوليو انقلاب عسكري".

وتابع لـ"عربي21": "إذا أفلت عبد الناصر و السادات ومبارك بجرائمهم، فسوف يكون السيسي ونظامه عبره لمن يعتبر، وستخلد هذه المجزرة في التاريخ، حيث إن الجيش المصري في معاركه مع العدو الصهيوني لم يقتل ٢٠٠٠ إسرائيلي، وفي ١٢ ساعة قتل الجيش آلاف المصريين بدم بارد".

في تقديره، رأى السياسي المصري حاتم أبو زيد أن "مذبحة ما زالت مستمرة حتى بعد ما مر من سنوات، ترى هذا ليس في مجرد التنكيل بالتيار الإسلامي في السجون والمحاكمات، بل أيضا بالتنكيل بعموم الشعب المصري في شتى مناحي الحياة، وبدأ في رابعة، وما زال مستمرا".

وأكد لـ"عربي21": "الذين قضوا نحبهم في رابعة كانوا الطليعة التي كانت تدافع عن الشعب، والتي كانت تهدف لأن يحيا الشعب في بلده حياة كريمة، وما تم كان القضاء على هذه الطليعة، ثم استدار على الباقين، والثأر لتلك الطليعة هو الأمر الذي سيوقف المذبحة ويمنع دوران عجلاتها على من بقي من شعب مصر".

 

"لم ينجو منها إلا من مات فيها"

قال الإعلامي المصري في قناة "الحوار" أسامة جاويش، إن مذبحة رابعة لم ينجو منها إلا من مات فيها.

 

وتابع بأن عملية فض الاعتصام تمت بأوامر من النيابة العامة، مضيفا: "8 سنوات ولم تجف الدماء، ولم يتوقف القاتل عن جرائمه".

 

وأضاف: "ما زال هناك من يكتب عن رابعة، ويستذكر مشاركته فيها، بفخر رغم مرور 8 سنوات على ذلك".

 

وعلى الصعيد الآخر، هاجم جاويش الإعلام المصري الذي لا يزال يتغنى بجرائم الجيش في رابعة، واصفا إياهم بأنهم "أشباه الرجال الذين رقصوا على الدماء".

 

وتابع: "8 سنوات على التحريض الإعلامي بالقتل، والتحريض على الإبادة".