سياسة عربية

وزير الأوقاف الأردني يثير جدلا بمقاضاة عدد من منتقديه

GettyImages-1246233649

أثارت دعاوى رفعها وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة بحق عدد من منتقديه، جدلا حول هامش حرية الرأي في البلاد، ومدى قانونية مقاضاة الوزراء لمعارضي سياساتهم، خاصة في الوقت الذي تشهد فيه البلاد حديثا رسميا عن إجراء إصلاحات سياسية تشمل توسيع قاعدة المشاركة الحزبية.

ورفع وزير الأوقاف الأردني الدكتور محمد الخلايلة مؤخرا، شكاوى لدى مدعي عام عمان ووحدة "الجرائم الإلكترونية" التابعة لمديرية البحث الجنائي، بحق كل من الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري، والناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف، والكاتب الصحفي وائل البتيري، وذلك على خلفية منشورات في صفحاتهم الشخصية على موقع فيسبوك.

وأوضح كل من الفاعوري وعساف أن الدعوى المقامة بحقهما جاءت على خلفية منشورين لهما انتقدا فيهما خطبة الجمعة الموحدة التي قررتها الوزارة في 2 تموز/ يوليو الماضي عن "طاعة ولي الأمر"، بينما قال البتيري إن شكوى الوزير كانت بسبب منشور انتقد فيه فرض الوزارة رقابة على الكتب والمطويات التي يتم إدخالها إلى المساجد، وحصر وتقييم الكتب الموجودة فيها وفي المصليات.


"نمط عرفي غير مألوف"

وقال المهندس مروان الفاعوري، إن "إجراءات وزير الأوقاف تمثل نمطاً غير مألوف، يتجاوز المرحلة التي يطلق فيها ملك البلاد عبدالله الثاني ابن الحسين حوارا سياسيا، وعملية إصلاح من المؤمل أن ترفع سقف الحرية في البلاد".

ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن تعميم "الأوقاف لخطبة تتحدث بشكل مباشر عن طاعة ولي الأمر يشكل محاولة لإدخال الفكر الوهابي السلفي المتشدد إلى البلاد"، وقال: "نحن لم نتحدث بشيء يجرح شخص الوزير، ولا تهجمنا على الوزارة، وإنما انتقدنا طرحها قضايا تجاوزها الزمن، استفزت الغالبية العظمى من الشعب الأردني".

وأعرب الفاعوري عن استغرابه من "تقزيم الموضوع، وذهاب وزارة الأوقاف بعيدا في مقاضاة من نصحوها ووجهوا لها النقد الإيجابي، بدلاً من أن تشتغل بتصويب أخطائها"، مستهجنا النمط العرفي الذي لجأ إليه الوزير، والعقلية التي تسعى لحل المشاكل من خلال استخدام السلطة، وليس من خلال الحوار والاعتراف بالأخطاء".

وأشار إلى أن وزير الأوقاف محمد الخلايلة "اتهم منتقديه في تصريحات تلفزيونية بأنهم دواعش، وهي الوصفة التي أصبحت توجه لكل من ينتقد الحكومة أو الوزارة"، مضيفا أنه كان ينتظر من الوزير أن يرفع دعاوى على الذين استهزأوا بالإسلام وشعائره وعقائده، "ولكنه لم يفعل".

وكان الخلايلة قد قال في عدة لقاءات إعلامية، إن عدداً من منتقدي خطبة "طاعة ولي الأمر" التي عمّمها على خطباء الجمعة مؤخرا، يحملون فكرا "داعشيا تكفيريا، حتى وإن نادى بعضهم بالوسطية"، ما أثار ردود فعل شعبية غاضبة.

الرأي القانوني

ويضمن الدستور الأردني حق التقاضي للجميع بنصه في المادة 101 على أن "المحاكم مفتوحة أمام الجميع، ومصونة من التدخل في شؤونها".

ولكن المحامي علي العرموطي يرى أن ثمة فرقا في ذلك بين الشخصية العامة وبين الأشخاص العاديين، "حيث يكاد فقهاء القانون الجزائي يجمعون على أن النقد للشخصيات والمؤسسات العامة يدخل في دائرة الإباحة".

وقال لـ"عربي21" إن للقضاء الأردني سوابق وأحكام عديدة اعتبرت أن ما يصدر بحق الشخصية العامة من شتم وقدح وذم أمرا غير مجرم، لافتا إلى أن ذلك مستند إلى حرية التعبير والرأي التي يكفلها الدستور، وتصونها الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الأردن.

وحول رفع الوزارة شكوى بسبب انتقاد فرضها رقابة على الكتب الموجودة داخل المساجد؛ أكد العرموطي أن "مثل هذه الرقابة فيها إهانة لبيوت الله ولكل مسلم"، مضيفا أن "هناك آلاف المنظمات التي تموَّل من الخارج، وترتبط بجهات مشبوهة، ولا تمارس بحقها أية رقابة".

وتساءل: "لماذا الرقابة فقط على مكتبات المساجد، في حين لم نسمع عن رقابة أية جهة رسمية على الكتب والمكتبات الموجودة في المدارس والجامعات والأحزاب والمؤسسات غير الربحية والاتحادات النسوية؟".

وقال العرموطي إن هناك هجمة خاصة على المساجد ودور القرآن، وتشديدا عاليا في مستوى الرقابة، وتجهيلا للخطباء والوعاظ والأئمة، لافتا إلى أن كل ما يرتبط بالمساجد أصبح يوصم بالإرهاب والداعشية، "حتى إن مسؤولين كبارا في الأردن وصفوا من يدعون للمروءة والفضيلة بالدواعش، في خطاب متهور سيؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمع".

وفي الآونة الأخيرة؛ لاقت قرارات وتصريحات لوزير الأوقاف الأردني معارضة شعبية واسعة، كإغلاق المساجد بعد فتح قطاعات واسعة في البلاد عقب حظر شامل جراء أزمة فيروس كورونا، وتشديد الرقابة على جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وتعميم خطبة جمعة حول "طاعة ولي الأمر" والتي أثارت موجة من الانتقادات اللاذعة للدولة.