صحافة دولية

"ساينس مونتيور": ضغوط على عباس بالرحيل.. والرد بالقمع

المنظمة قالت إن الضغط على عباس زاد في ضوء تأجيل الانتخابات البرلمانية والمواجهات في القدس وغزة- جيتي

قالت منظمة "كريستيان ساينس مونيتور" الإخبارية؛ إن الضغط على الرئيس الثمانيني محمود عباس يتزايد منذ سنوات وسط ارتفاع نسب البطالة، والقيود على الحرية والفشل على المسرح العالمي، وزاد أكثر في ضوء تأجيل الانتخابات البرلمانية والمواجهات في القدس وغزة.


وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21"؛ إن نقطة التحول في الاحتجاجات جاءت بعد مقتل الناشط نزار بنات، الناقد لعباس والمرشح في الانتخابات، الذي كان في الأربعينيات من عمره، وقد هاجمته قوات الأمن الفلسطينية في بيته الأسبوع الماضي، ومات وهو محتجز لديها بعد ساعة. 


وانتشرت التظاهرات مباشرة في كل أنحاء الضفة الغربية، وتواصلت بشكل يومي ضد حكم عباس الذي حملوه مسؤولية القتل وزيادة الفساد والعجز.


ونقلت المنظمة عن متظاهر رفض كشف اسمه، قوله؛ إنهم "قتلوا نزار بنات لأنه تكلم بصوت عال، ولم أكن أتفق دائما مع ما يقوله، ولكن عندما قتل بهذه الطريقة الوحشية فقد كانت رسالة لنا جميعا بالصمت".


وأضاف: "وضعت السلطة وتحديدا فتح نفسها في هذا الوضع وكعدو للشعب"، وقام شرطة بزي مدني باقتياد المتظاهر أمام مراسلة المنظمة التي لم تستطع العثور عليه بعد الحادث.


ويرى عدد من الفلسطينيين أن قتل بنات هو خرق لقانون التضامن الذي يعمل به في الضفة الغربية، حيث يتم حل الخلافات بين الفصائل الفلسطينية بالحوار، ويعد الاغتيال والقتل الذي يطبع حركات التحرر في المنطقة محرما.

 

اقرأ أيضا: ابنة نزار بنات: هذه البلد بدها تضحية لآخر نفس (شاهد)

وقالت سلوى حمد، المدافعة عن حقوق الإنسان في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان: "تم اعتقال وتعذيب المعارضين والنقاد بمن فيهم الصحفيين من قبل، وكمنظمة حقوق إنسان وثقنا الكثير من الحالات".


وعلقت على مقتل بنات بالقول: "لكن هذا غير مسبوق، ليس بسبب وحشيته فقط، ولكن الطريقة التي شعرت قوات الأمن أنها تستطيع القيام بإعدام كهذا". 


بدوره، تساءل الكاتب الفلسطيني المقيم في عمان داوود كتّاب قائلا: "هناك سؤال فيما إن كان هذا انحرافا وحادثا واحدل، أم إنه تعبير عن توجه متزايد نحو الفاشية والطرق العنيفة لتسوية الخلافات الداخلية والمعارضة"، مضيفا: "لهذا السبب يعد القتل أمرا كبيرا للكثير من الناس".


من جهته، يرى المحلل السياسي في رام الله، جهاد حرب، أن "الظروف الاقتصادية السيئة والبطالة العالية وغياب الأفق لدى الشباب والنظام الشمولي، كلها عناصر لانفجار محتمل".


ويعتقد أن "هذه اللحظة مشابهة لنقطة الغليان التي انفجر فيها الربيع العربي عام 2011".
وشددت المنظمة على أنه "مثل الحكام العرب في 2011، رد عباس بقمع المتظاهرين ورميهم بالغاز المسيل للدموع وضربهم بالعصي. وأطلق العنان لرجال الأمن بالزي المدني لملاحقة المتظاهرين وضربهم بالهراوات والأنابيب ورشقهم بالحجارة".


واتهمت السلطة المتظاهرين بأنهم من أنصار حركة حماس في غزة، أو أنهم "عملاء للولايات المتحدة والقوى الأوروبية". ولم يتصل عباس مع عائلة بنات أو وعدها بتحقيق مستقل.


واستهدفت قوات الأمن في الأيام الأخيرة الصحفيين وقامت بضربهم وكسر كاميراتهم ومعداتهم، أو استخراج رقائق "سيم" منها بالقوة؛ لمحو أي تسجيل للعنف الذي مارسوه.


واضطر الصحفيون المحليون للاختباء من العصابات المسلحة المؤيدة لعباس في حمامات البنايات، ولم توقف العمليات القمعية الاحتجاجات التي انتشرت من العاصمة الإدارية رام الله إلى الخليل وبيت لحم، فيما بات يطلق عليه "التمرد المفتوح" ضد السلطة الوطنية.


وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "ارحل" في إحياء للشعار الذي رفعه المتظاهرون في أثناء ثورات الربيع العربي في تونس ومصر قبل عشرة أعوام.

 

ويقارن الكثير من الفلسطينيين صمت عباس وعدم تحركه ضد العنف في القدس الذي اندلع في شهر أيار/مايو، بالرد الحاسم والسريع على النقد في الضفة الغربية.
وفي يوم الجمعة، تظاهر المصلون في الأقصى ضد عباس ووصفوه بالخائن. بحسب المنظمة.


اقرأ أيضا: لجنة التحقيق بوفاة نزار بنات توصي بإحالة تقريرها للقضاء

وتشير المنظمة الصحفية إلى أن مقتل بنات الذي كان مرشحا في الانتخابات التي قرر عباس تأجيلها لأمد غير محدود بذريعة القيود التي وضعتها إسرائيل على سكان القدس، حرمت الفلسطينيين من التعبير عن مظلوميتهم ومواقفهم عبر صندوق الاقتراع.


ويرى كتّاب أن الانتخابات "كانت كفيلة بتفريغ الضغط المحلي، وكانت أيضا ستقدم خريطة طريق للخلافة"، فعباس المعروف بأبي مازن في سن الـ 85 عاما ولا توجد عملية حقيقية للخلافة بعد إلغاء الانتخابات، ولم يعد لدى القيادة التفويض للعمل أو التفاوض باسم الفلسطينيين".


ورغم عدم ارتياح الفلسطينيين من السلطة وعباس، إلا أنهم كانوا مترددين في توجيه النقد للقيادة؛ خوفا من الكشف عن الانقسامات الداخلية بشكل يضر بقضية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. 


ولفتت المنظمة إلى أنه لم يعارض عباس في السنوات الأخيرة إلا الشباب، وطالبوا بديمقراطية وحرية أوسع في حركة استلهمت الربيع العربي. لكن الدعوات فشلت في الحصول على دعم في داخل مجتمع يواجه قمع السلطة. 


إلا أن مقتل بنات دفع الطبقة المتوسطة والجيل القديم الداعم تقليديا لعباس لكي ينضموا إلى المتظاهرين، وشعروا بالجرأة من ظهور الحركة المضادة لطرد الفلسطينيين في القدس من بيوتهم واقتحام قوات الأمن الإسرائيلية المسجد الأقصى، وباتوا يركزون الآن على الرئيس الذي يعدّونه جزءا من المشكلة ومعوقا للطريق إلى التحرر والدولة المستقلة.


وفي إشارة إلى تغير في مواقف الرأي العام، انضمت شخصيات بارزة إلى 100 منظمة مجتمع مدني في التوقيع على بيان يوم السبت، تطالب فيه بتنحي عباس واستبدال قادة الأجهزة الأمنية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعبد الطريق أمام الانتخابات.


وتأتي التطورات في وقت يواجه فيه عباس معركة مرة مع منافسته حماس، التي ارتفع رصيدها بين الرأي العام الفلسطيني بعد المعركة التي استمرت 11 يوما مع إسرائيل. 


ولا يعرف المدى الذي ستذهب فيه التظاهرات وتجبر عباس على الإصلاح أو الاستقالة. ولا تزال فتح تسيطر على الضفة ويمكن لعباس الاستعانة بأجهزة الأمن المدربة من القوى الدولية وكذا الجناح المسلح في فتح. بحسب "كريستيان ساينس مونيتور"