سياسة دولية

تبون يختار وزيره الأول.. هل تغيرت تقاليد التعيين في الجزائر؟

تبون- جيتي

لم يستغرق المراقبون في الجزائر وقتا طويلا، في فهم دوافع الرئيس عبد المجيد تبون، في اختيار شخصية من التكنوقراط مثل أيمن بن عبد الرحمن لمنصب الوزير الأول خلفا لعبد العزيز جراد.

وصبّت أغلب القراءات التي رصدتها "عربي21"، في القول بأن الظرف المالي الصعب، أملى اختيار شخصية من خلفية اقتصادية، لتقود الإصلاحات المقبلة التي يعتزم الرئيس تطبيقها بعد انتخاب البرلمان الجديد.

وكان أيمن بن عبد الرحمن، وهو من مواليد 30 آب/أغسطس 1966 بالجزائر العاصمة، يشغل لحد الآن منصب وزير المالية، وهو ثاني أهم منصب في مساره بعد أن عمل كمحافظ لبنك الجزائر مع نهاية سنة 2019.

ويعد ابن عبد الرحمن من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة بالجزائر، وهي خزان إطارات الدولة الجزائرية، وهو حائز على شهادة ماجستير في العلوم الاقتصادية والمالية وعلى عدة شهادات في الإدارة والتدقيق.

تساؤلات الصحافة الجزائرية

وذكرت صحيفة "الخبر" أن تعيين أيمن عبد الرحمن يكشف الرهان الاقتصادي للرئيس تبون، ونقلت عن خبراء ارتياحهم لهذا الاختيار في ظل خبرة الرجل الواسعة في المجال الاقتصادي.

وأبرزت الصحيفة أن ملفات شائكة تنتظر عبد الرحمن، منها تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية البشرية والاقتصادية وتأمين فرص عمل للأعداد الهائلة من البطالين ومراجعة منظومة الدعم الاجتماعي والعمل على دعم قيمة العملة الوطنية وتحسين القدرة الشرائية.

أما الموقع الالكتروني "كل شيء عن الجزائر"، فقد ذكر أن ما كان يروج عن إمكانية تولي الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي قيادة الحكومة من أجل معالجة الأزمة السياسية، ثبت اليوم خطؤه على اعتبار أن السلطات العليا لديها نظره أخرى مغايرة تماما في تقييم الوضع.

واعتمد الموقع في مقاله على تصريحات بعض السياسيين الذين استشارهم الرئيس تبون، والتي تشير إلى أنه لا شيء تغير بخصوص طريقة الاختيار في المناصب العليا، والتي يتصرف فيها الرئيس كما يشاء.

وتساءلت صحيفة الوطن من جانبها، إن كان اختيار ابن عبد الرحمن، ثمرة المشاورات السياسية التي أجراها الرئيس تبون مع الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، ثم أشارت في إجابتها إلى أن ضيوف الرئيس تبون لم يتركوا هذا الانطباع.


أغلبية مريحة داعمة

وأظهرت ردود الفعل عقب تعيين الوزير الأول، أنه يحظى بدعم من حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي ناهيك عن النواب المستقلين الذين سبق وأعلنوا ولاءهم للرئيس تبون.

وذكر السيناتور (عضو مجلس الأمة) عن حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الوهاب بن زعيم، أن أيمن بن عبد الرحمن هو اختيار اقتصادي في المستوى المطلوب، مشيرا إلى أننا نتجه نحو تنمية اقتصادية كبيرة.

من جانبه، هنأ السيناتور عاشور إلياس عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أيمن بن عبد الرحمن على توليه مهمة الوزير الأول وحصوله على ثقة رئيس الجمهورية.

ووجّه السيناتور إلياس، رسالة لمن يطمحون في تولي مناصب وزراء، قائلا: "الحكومة القادمة هي حكومة ميدان وليست حكومة تشغيل الشباب أو دار للعجزة"، على حد تعبيره.

ويتضح من خلال تركيبة المجلس الشعبي الوطني الحالية، أن الوزير الأول الجديد وحكومته التي لم يعلن عنها بعد، ستحوز على ثقة أكثر من 300 نائب، قياسا إلى الدعم الذي أظهرته الأحزاب الكبيرة.

المعارضة تنتقد طريقة الاختيار

على عكس ذلك، يرى القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش الذي اختار حزبه صف المعارضة داخل البرلمان، أن طريقة اختيار الوزير الأول توحي باستمرار نفس الممارسات القديمة.

وقال حمدادوش في تصريح لـ"عربي21"، إننا "أمام استمرار نفس الممارسات التقليدية للنظام السابق، بتجاوز الواقع السياسي، والقفز فوق الأحزاب السياسية، وعدم الاعتبار لنتائج الانتخابات التشريعية، والاستخفاف بما تبقى من الإرادة الشعبية".

وذكر النائب السابق، أن "الجميع كان يتوقع الذهاب إلى حكومة سياسية وعدم تكرار الحكومات التجريبية السابقة، بناء على رؤية سياسية واقتصادية، تنسجم مع تحديات المرحلة الراهنة وتهديدات المرحلة القادمة، ولكن الواضح هو الوفاء للعقلية الأحادية الفوقية السلطوية الغارقة في خزانة التسيير الإداري للأزمة".

واعتبر أن البرلمان دائما سيبقى مهمشا بناء على النظام الدستوري للبلاد، بما يكرس هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات والمؤسسات، ما يوحي حسبه، أن "النظام يستنسخ نفسه بنفس الأدوات التقليدية، وإن تغيرت بعض الوجوه".

ومن بين المؤاخذات التي طرحها معارضون، لجوء الرئيس مباشرة إلى اختيار وزير أول دون تشكيل تحالف داخل البرلمان يصرح بمساندته، علما أن الدستور الجديد، يحدد حالتي الأغلبية الرئاسية التي ينبثق عنها وزير أول يطبق برنامج الرئيس، والأغلبية البرلمانية التي يعين فيها رئيس للحكومة ينفذ برنامج الأغلبية.