سياسة عربية

هل تستجيب الأحزاب لدعوة الرئيس التونسي بتغيير نظام الحكم؟

يرى قيس سعيد أنه لا وجود إلا لرئيس واحد وأن قول رؤساء ثلاثة بدعة- الرئاسة التونسية

دعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى عقد حوار وطني ينتهي إلى الاتفاق على نظام سياسي جديد وتعديل دستور 2014، معتبرا أن الإصلاحات السياسية هي الحل للخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد منذ أشهر طويلة.


ويرى سعيد أن الإصلاحات السياسية تكون عبر وضع نظام سياسي جديد، وكذلك انتخابي.

 

لم تكن دعوة سعيد الأولى، فطالما هاجم النظام السياسي القائم حاليا شبه البرلماني، داعيا إلى نظام رئاسي تكون فيه الصلاحيات موسعة لرئيس الدولة، معتبرا أن النظام الحالي هو سبب الصراع بين السلطات وتعطل سير دواليب الدولة، وأنه لا وجود إلا لرئيس واحد، وأن قول رؤساء ثلاثة بدعة.


تصطدم رغبة الرئيس سعيد بمسالك دستورية حتى تتحقق، وأساسها غياب المحكمة الدستورية، التي رفض ختم قانونها تخوفا من عزله عبرها في حالة الخرق الجسيم.


"فخ المحكمة الدستورية"


اعتبر النائب عن التيار الديمقراطي لسعد الحجلاوي في تصريح خاص لـ"عربي 21" دعوة الرئيس لتغيير النظام بأنها لا تستقيم منطقيا.


وأوضح أن " تغيير النظام السياسي يكون بالأطر القانونية، أي بوجود المحكمة الدستورية وثلثي أعضاء مجلس النواب؛ لأن التعديل يعني تعديل الدستور وهو له شروط قانونية".

 

وتابع: "في يوما ما كان الرئيس يقول؛ إن المحكمة الدستورية ليست ضرورة، فيما اليوم يعتبر أن تغيير النظام السياسي ضرورة، وهو ما يعني وجود عدم انسجام في الموقف" .


وحذر النائب من أن " تغيير النظام السياسي في المطلق وخارج الأطر القانونية يصبح تهديدا للمسار العام للدولة، وكأنها إعادة صياغة جديدة للدستور، وخسرنا عشر سنوات في دستور قديم إذا هو موقف غير سليم".


بدوره قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي في تصريح خاص لـ" عربي 21" في رد منه على دعوة سعيد إلى تغيير النظام السياسي: "نحن ننتظر حوارا وطنيا لتجاوز الأزمة، ولا نرى الآن ضرورة مفيدة للدخول في حوار طويل وشاق على حساب القضايا المستعجلة لتونس مثل الحوار حول الدستور والنظام السياسي".


وعلل العيادي ذلك قائلا: "لا وجود لوضوح في منهجية حسم هذه القضايا، ولا في الآليات المعتمدة، ولا في طريقة إجراء هذا الحوار".


النظام الرئاسي انتهى


وفي حديثه لـ"عربي 21"، هاجم النائب عن حزب "قلب تونس"، رفيق عمارة، دعوة الرئيس تغيير النظام السياسي قائلا: "في كل مرة يخرج ويتحدث ولكن لا ينتظر منه شيء، هو لا يريد إلا الخراب للبلاد، عليه بالتواضع مع الجميع ومراجعة حساباته، لماذا قامت ثورة وتمت الإطاحة بابن علي؟ يريد مرحلة بها رئيس جمهورية وأخرى بها برلمان، الثورة أنهت النظام الرئاسي".


واستنكر النائب بشدة دعوة سعيد، متسائلا: "كيف يتحدث رجل القانون عن تعديل النظام السياسي هكذا، لماذا يريد النظام الرئاسي؟ هناك دستور في البلاد لماذا يريد تغييره؟".

 

وتابع: "الدستور هذا جعلك رئيسا للبلاد، أقول صراحة: هذا ليس رئيسا لخدمة مصالح الشعب".


من جهته قال النائب عن ائتلاف الكرامة أحمد موحى لـ"عربي 21": "الرئيس ترشح على نظام معين عليه احترامه، على أساس هذا النظام فليقدم قوائم انتخابية، وإذا فاز بأغلبية من حقه تقديم أطروحته ويصوت له المجلس ويغير النظام، يريد فرض أفكاره بالضغط وتأزيم الوضع وتعطيل القوانين".


وأضاف النائب موحى: "لن يجد الرئيس أحدا يقف معه، حتى من كان يتعاطف معه تخلى عنه ورفض الأسلوب الذي يعتمده".


القراءة الدستورية 


وقالت أستاذة القانون العام، هناء بن عبدة، في توضيح خاص لـ"عربي 21"؛ إن "تغيير النظام السياسي لا بد أولا أن يتم عبر نقاش وطني بخصوصه، أي إن تقييم النظام الحالي وأسباب فشله أو الأزمات التي أنتجها ثم اختيار النظام الأقل إشكالا حسب الواقع التونسي".


واستطردت بن عبدة: "صحيح هناك دعوات كثيرة لتغيير النظام نحو النظام الرئاسي، ولكن هناك تجربة ديمقراطية وحيدة ناجحة في العالم تعتمد على النظام الرئاسي وهي الأمريكية؛ نظرا لوجود مؤسسات أخرى تعمل وتخلق توازن صلاحيات، بينما الأنظمة البرلمانية هي الأكثر شيوعا في الديمقراطيات الناجحة".


وتابعت بن عبدة: "من بعد النقاش في مشاكل النظام، يتم تعديل الدستور ولا يمكن ذلك إلا من خلال مبادرة من الرئيس أو ثلث أعضاء مجلس النواب، وفي الحالتين لا بد من أن تحظى المبادرة بموافقة ثلثي الأصوات بالبرلمان، ومن ثم يمكن المرور إلى الاستفتاء الشعبي، وهذا ما يقوله الدستور".


وعن إمكانية مرور الرئيس أو بعض الأطراف السياسية إلى الاستفتاء مباشرة، حذرت أستاذة القانون العام قائلة؛ إن "ذلك يعتبر خروجا عن الدستور، حيث لا بد من اتباع جميع المسالك الدستورية عبر المبادرة والتصويت على مبدأ التعديل ثم التصويت على التعديلات، وفي تلك الحالة فقط يمكن للرئيس الدعوة للاستفتاء".


وأوضحت ابن عبدة أن "مرور الرئيس مباشرة للاستفتاء، لا يمكن في ظل المنظومة الدستورية الحالية".

 

وأردفت: "أما عن دور المحكمة الدستورية الغائبة التي نحتاجها في مسألة تعديل الدستور، فأظن أنه سيتم اللجوء إلى نظرية الإجراء المستحيل، مع ما يمثله ذلك من خطر على الديمقراطية".