ملفات وتقارير

هل يتأثر السيسي بخروج نتنياهو من رئاسة حكومة الاحتلال؟

قال مراقبون إن "علاقة نتنياهو بالسيسي علاقة نظامية وليست شخصية"- جيتي

على مدار ثماني سنوات ومنذ انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح السيسي، منتصف 2013، ظلت علاقات النظام الحاكم في مصر كأفضل ما يكون مع حكومة رئيس وزراء الكيان المحتل بنيامين نتنياهو، بل وعقدا سويا شراكات عديدة أهمها الاتفاقية الاقتصادية القاضية بشراء مصر للغاز من إسرائيل.


نتنياهو، قدم ومنذ اللحظة الأولى الدعم الكامل لانقلاب السيسي، وخاطب العالم بأن بديل السيسي هو جماعة الإخوان المسلمين، فيما التقى السيسي ونتنياهو عدة مرات وفق تسريبات عديدة.


واليوم وبعد خروج نتنياهو من السلطة الإسرائيلية يثار التساؤل، حول احتمالات اختلال علاقة النظام المصري مع الكيان المحتل بخروج نتنياهو من السلطة، ومدى خسارة السيسي حليفا قويا وداعما استراتيجيا مع قدوم حكومة أخرى في تل أبيب.


علاقة نظامية


مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبد الله الأشعل، يرى أن "علاقة نتنياهو بالسيسي علاقة نظامية وليست شخصية؛ وبالتالي فإن إسرائيل نفسها تدعم كل الوجوه التي أتت وستأتي بعد الثورات العربية، وقامت بتشجيع ودعم القيادات العسكرية بمصر".


وفي حديثه لـ"عربي21"، توقع الأشعل، أن تكون "الحكومة القادمة بإسرائيل ضعيفة وغير متناسقة وفي الغالب ستفشل، ويعود نتنياهو عبر انتخابات جديدة". وأضاف: "لذا فإنه لا يجب أن نفرح بإزاحة مؤقتة لنتنياهو، ونبني عليها التوقعات".


وحول احتمالات تعثر مشروعات نتنياهو مع الإمارات والتي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد مصر وقناة السويس بشكل خاص، يعتقد المرشح الرئاسي السابق، أن "مصر هي الأساس لإسرائيل"، لافتا إلى "نظرة إسرائيل الدائمة لمصر وكذلك الإمارات أنها بقرة حلوب، وأنها ساحة للاستثمار والاقتصاد"، وفق قوله.

 

اقرأ أيضا: NYT: لا تغيرات تجاه الجيران العرب مع تولي حكومة بينيت-لابيد


ولذلك يرى الأشعل، أن "نظرة الإمارات لإسرائيل التي دفعت أبوظبي لكي ترتمي بأحضانها هي ما يؤثر على المشروعات التي أعلنت عنها مع إسرائيل"، متوقعا "ألا تتأثر علاقة الإمارات بإسرائيل بخروج نتنياهو".


سياسات لا تتغير


وفي رؤيته، قال السياسي المصري وليد مصطفى: "شيء محزن أن نتحدث عن تغيير نظام لكيان احتلال لأراض عربية، وأن يكون هناك حسابات لدينا لتغيير الأنظمة هناك بشكل ديمقراطي ونرصد تأثيرها على النظام المصري الحالي".


عضو حزب الوسط المصري المعارض، أكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "كيان الاحتلال بالرغم من أنه على أرض ليست أرضه، فإنه رسخ الممارسة الديمقراطية وأصبح دولة لها مؤسسات، وبالتالي فما يصدر عن رئيس وزراء إسرائيلي سابق أو حالي فهو وفقا لسياسات كيانهم".


وأوضح أن "تقارب النظام المصري مع نتنياهو، الذي دعمه بصورة كبيرة واستفاد فعليا خلال السنوات السابقة من تأييد نتنياهو وأمريكا وأوروبا وغيرها، عامي 2013 و2014؛ لا يعني أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تدعم السيسي".


وتابع مصطفى: "وفي المقابل فقد خسرت مصر بتقارب السيسي مع نتنياهو، موردا أساسيا للاقتصاد المصري في حقول غاز شرق المتوسط التي ضاعت عبر صفقة بين كيان الاحتلال واليونان وقبرص، وخسرت ثانية باستيراد الغاز المسروق من الأراضي الفلسطينية واللبنانية بأضعاف سعره العالمي ودون الحاجة إليه".


وأضاف: "كما خسرت مصر بتقارب السعودية والإمارات مع إسرائيل نتنياهو -كانت وسيطة فيه- بظهور مشروعات تؤثر على الأمن الاستراتيجي والاقتصاد المصري وقناة السويس وتضيق على الاستثمارات بمصر".

 

اقرأ أيضا: WSJ: بعد خروجه من السلطة نتنياهو يخطط للعودة


وأكد أن "مصر خسرت كذلك بأزمة السد الإثيوبي الذي يعني إعلان حرب على المصريين، وحدث توافق بين السودان وكيان الاحتلال يؤثر على علاقات الجارتين والأمن المائي لمصر ودورها بأفريقيا؛ ولذا فنظام نتنياهو هو الرابح وطوال 8 سنوات كانت مصر هي الخاسرة لكل شيء".


صناعة الكنوز


وفي تقديره، قال السياسي المصري رضا فهمي: "كان مبارك الكنز الاستراتيجي لإسرائيل، وعندما ذهب وجدوا كنزا استراتيجيا آخر، وهو ما يدفعنا لفهم كيفية حصول الاحتلال على هذه الكنوز الاستراتيجية".


رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا أضاف بحديثه لـ"عربي21"، أن "المؤسسة العسكرية المصرية لديها أنبوب ضيق يخرج منه القيادات العليا للقوات المسلحة، وقبل أن تمر من الأنبوب تمر بمجموعة اختبارات، جزء منها مرتبط بالقيادات التي تذهب للولايات المتحدة الأمريكية".


ولفت إلى أن "أغلب القيادات العسكرية يتم تدريبها بأمريكا، وتصدر تقارير الأجهزة الأمنية الأمريكية حول هؤلاء المتدربين، وبالتالي تبقى دائما بمصر شخصيات تراهن عليها إسرائيل، ولكن السيسي الذي مر بهذه المراحل أتى بدعم ورغبة إسرائيلية، وظني أن دعم إسرائيل له غير مرتبط بوجود نتنياهو".


فهمي، جزم بأن "هناك توجها إسرائيليا عاما بأن بقاء المؤسسة العسكرية في حكم مصر هو أكبر ضمانة للحفاظ على أمن إسرائيل، وهم يدركون أن قيادات المؤسسة الآن يعتبرون الاحتلال جزءا من الخريطة، وأن إسرائيل وقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، ولم تعد عدوا، والعدو الاستراتيجي هو الإرهاب أو الإسلام السياسي".


وأكد السياسي المصري أن "هذه أصبحت مشتركات بين أغلب القيادات العسكرية المصرية، التي تمت برمجة نحو 90 بالمئة منها على أن إسرائيل جزء من المنظومة، وأن الدعم الأمريكي لن يحصلوا عليه إلا بالرضا الإسرائيلي، ولذا وجب تحقيق مصالحها خوفا على مستقبلهم وحفاظا على امتيازاتهم، فيصبحون بذلك ترسا بماكينة صناعة القرار الصهيوأمريكي".

 

اقرأ أيضا: NYT: هل تنحرف السياسة الأمنية والدفاعية لبينيت عن نتنياهو؟


وفي بعد ثان، يرى أن "إسرائيل يهمها ممن يحكم مصر أن يبقيها بحالة ضعف، وتحت السقف الإسرائيلي بمسافة كبيرة، ولا تتجاوز في قدراتها العسكرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية"، جازما بأنه "لا يستطيع أحد أن يحقق ذلك للاحتلال كما حققه السيسي الذي صنع تركيبة لدولة فاشلة".


وأشار إلى أن "الشعب على مشارف العطش، وملايين الأفدنة تبور، وخسرنا جزيرتي (تيران وصنافير)، وهما من أدوات الأمن المصري بعدما أصبحت بحوزة إسرائيل عبر الوسيط السعودي، وضاع غاز شرق المتوسط، والأوضاع بسيناء غير مستقرة، وهناك فشل وكساد اقتصادي، وبطالة، وتدهور للعملة".


الأمر الثالث وفق فهمي، هو خسارة مصر لصالح إسرائيل نتنياهو دورها المؤثر بالمنطقة وبأفريقيا والخليج، وتمدد الكيان بمنطقة القرن الأفريقي، ولعبها دورا مؤثرا بملف السد الإثيوبي، وأصبح الوضع المصري مرتهنا لصالح الآخرين".


وختم حديثه بالتأكيد على أن "تغيير الحكومة الإسرائيلية لن يحدث فارقا كبيرا مع السيسي أو سينتج عنه تحولات كبيرة في علاقته بإسرائيل، لأنها في النهاية حكومات احتلال مجرمة، وقد تكون أكثر دموية من نتنياهو".


صفحة بائسة


الأكاديمي المصري الدكتور حسن نافعة، قال إنه "برحيل نتنياهو، تطوى صفحة بائسة من تاريخ المنطقة"، مضيفا عبر "تويتر"، أن "لرحيله علاقة بأوضاع إقليمية ودولية وليس فقط إسرائيلية، فقبله سقط ترامب ومعه صفقة القرن، ثم جاءت معركة سيف القدس لتجهز عليه".