أخبار ثقافية

آلية اختيار "أمير شعراء" العرب تثير غضب أدباء مصريين.. لماذا؟

نسخة 2021، شهدت منافسة 6 شعراء من 5 دول- تويتر

سبب تعرض الشاعر والأكاديمي المصري الدكتور السيد خلف أبو ديوان، لخسارة المركز الأول في مسابقة "أمير الشعراء" التي تجرى بالإمارات، على الرغم مما قدمه أمام لجنة المسابقة، صدمة بالأوساط الأدبية المصرية، بسبب الآلية التي اتبعت في عملية التصويت.

 

"أمير الشعراء"، مسابقة تلفزيونية تعنى بالشعر الفصيح تنظمها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بإمارة أبوظبي؛ اختتمت موسمها التاسع، الثلاثاء 6 نيسان/ أبريل 2021، من مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، وبثتها قناتا "بينونة" و"الإمارات".

 

نسخة 2021، شهدت منافسة 6 شعراء من 5 دول، وهم المصري السيد خلف أبو ديوان، والعراقية زينب جبار، والسعودي سلطان الضيط، والمغربي عمر الراجي، والموريتاني محمد المامي، والسعودية حوراء الهميلي، أمام لجنة التحكيم المؤلفة من: الإماراتي علي بن تميم، والمصري صلاح فضل، والجزائري عبد الملك مرتاض.

 

ويتم تقييم لجنة التحكيم للمتسابقين عبر 60 درجة، فيما تمنح المسابقة 40 درجة لتقييم الجمهور للمتسابقين عبر موقع برنامج أمير الشعراء بالإنترنت، فيما تعتمد الأدوار الأولى من المسابقة على تصويت الجمهور بنسبة 50 بالمئة.

نقاد وأدباء وشعراء مصريون، انتقدوا خضوع المسابقة لتصويت الجماهير المشروط بدفع مقابل مادي، واعتبروها إساءة كبيرة للشعر العربي أن يكون التصويت هو المعيار الأساسي في التمايز بين مراكز الشعراء، مشيرين إلى أن "قواعد اللعبة غير سليمة وغير منصفة"، وأشاروا لإعجاب لجنة التحكيم بالشاعر المصري الذي جاء رغم ذلك بآخر الترتيب.

 

 

الجمهور المصري لم يتمكن بشكل كاف من التصويت لأبو ديوان، على صفحة المسابقة بالإنترنت لأنه كان مشروطا بدفع أموال، وهو ما أخر تقدم الشاعر المصري ومنع آلاف الأصوات من الوصول إليه.


وفاز بلقب دورة 2021، السعودي سلطان الضيط، وتلاه الموريتاني محمد المامي، ثم السعودية حوراء الهميلي، والعراقية زينب جبار، والمغربي عمر الراجي، وحل سادسا المصري السيد خلف أبو ديوان.

"تجرعنا الظلم"

"عربي21"، تواصلت مع الشاعر المصري والأكاديمي السيد خلف أبو ديوان، وطرحت عليه التساؤل حول مدى رضاه عن اعتماد التصويت الجماهيري المدفوع ماديا بمسابقات الشعر، وتقييم أمير شعراء العرب عبره، وتقييم الشعراء من العامة مع المختصين في الشعر والأدب العربي.

الشاعر الذي لفت أنظار لجنة التحكيم وحاز قبولها، ونال المركز السادس على غير المتوقع بفوزه باللقب التاسع لأمير الشعر العربي؛ اعتذر قائلا: "لست في مزاج يسمح لي بالكلام"، مشيرا إلى ما تعرض له من غبن، قائلا: "تجرعنا الظلم في كل لحظة".

"إيجابي.. ولكن"

أمير الشعراء العرب في نسخة الجائزة لعام 2013، المصري علاء جانب، يعتقد في حديثه لـ"عربي21"، أن "وضع نسبة من درجات الفوز بمسابقة شعرية في يد الجمهور شيء إيجابي جدا؛ لكن هو كأي شيء في الدنيا يمكن أن يكون هدف واضعه جميلا ثم يستغل استغلالا سيئا".

الشاعر والأكاديمي المصري، قال: "لقد تحول الشعر منذ فترة إلى طلسمات ومعادلات تشبه معادلات الكيمياء، وابتعد عن قضايا الناس ووجداناتهم، وأغرقنا الشعراء في عوالم تغيظ أكثر مما تريح، بدعوى إثارة التساؤلات، ودعوى أن الشعر يجب أن يتجاوز الراهن والبسيط والسطحي".

وأكد أن "كل ذلك جميل نظريا لكن عند التطبيق استهلكوا وقتنا ومشاعرنا في البحث عن لا شيء، والرجوع دون جدوى، وبذل الجهد دون طائل، خاتما حديثه بالتأكيد على أن "الجمهور حكم حقيقي إذا ابتعدنا عن العصبيات".

"آثارها سلبية"

الشاعر المصري ورئيس الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة الأسبق سعد عبد الرحمن، أعرب عن أسفه أن "يكون التصويت آلية من آليات الحكم في مسابقات الأدب؛ وكأنها انتخابات يفوز فيها من يحصل على أصوات أكثر".

وقال لـ"عربي21"، إن "مثل تلك الآلية تفضي إلى نتيجة لا تعبر في الغالب عن القيمة الحقيقية للنص الأدبي، ولا تعطينا التقييم الحقيقي لصاحب النص".

وجزم بأن "آثارها السلبية خطيرة؛ لأنها تضع تاج القيمة على رأس من لا يستحقه بجدارة".

"ظلال الشك"

عضو اتحاد كتاب مصر محمود السيد، أكد أنه "لا يقيم الشعر إلا ناقد متخصص، ومن خلال لجنة مختارة إذا تعلق الأمر بمسابقة من المسابقات".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه "لا يصح أن يتم تقييم الشعر من خلال الجمهور لاختلاف الذائقة الأدبية من شخص لآخر؛ فضلا عن عدم التخصص".

وجزم بأن "ما يتم في مجال الفن لا يصح العمل به في مجال الأدب؛ إلا إذا تعلق الأمر بموضوع ترفيهي".

وختم حديثه بالقول إن "ظلال الشك أحاطت بنزاهة تلك المسابقات؛ حتى جائزة (كتارا)، أصابها ما أصاب غيرها من شكوك حول مصداقيتها؛ ولا عجب ففي ظل حالة الانحدار المجتمعي والسياسي؛ توقع كل شيء".

"الأخطر من تصويت الجماهير"

وفي رؤيته قال الشاعر المصري، عبد الرحمن يوسف، إن "الجائزة التي تسمى بأمير الشعراء تثير مشاكل أكبر بكثير، فكيف يقبل الناس أن يشاركوا في مسابقة تحمل اسم (أمير الشعراء) بينما أمير الشعراء هو أحمد شوقي؟".

وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "هناك الكثير من الأسئلة تتعلق بدور الإمارات في إفساد الحياة الأدبية كما أفسدت الحياة السياسية بالوطن العربي".

ويرى يوسف، أن "هذه الجوائز تحوّل الأدباء الشباب إلى عبيد، يكتبون لأجل الجوائز، ويعملون من أجل التقرب لأصحاب النفوذ؛ وفي الوقت نفسه يتم تهميش الأدباء الذين يحملون أي فكرة، أو لهم أي توجه، أو يعتنقون أي مبدأ، خصوصا لو كان يؤمن بالحرية والديمقراطية، أو بالعروبة والإسلام".

وقال: "لقد عرض عليّ عام 2007، أن أقدم النسخة الأولى من برنامج أمير الشعراء، وكان أمامي (شيك على بياض) ورغم ذلك رفضت، ولم يكن لذلك سبب سوى أن هذا الدور المشبوه للإمارات ينبغي أن يقاوم؛ لا ينبغي أن نقبل ببرنامج يسمي نفسه (أمير الشعراء)، لا ينبغي أن نسمح لدولة كالإمارات أن تصدر نفسها كراع للثقافة والفكر الحر".


ولفت الشاعر المصري، إلى أنه حين حاول "كتابة مقال عن رفض فكرة مسابقة باسم أمير الشعراء لم أجد مكانا ينشر المقالة؛ وحين لجأت لجريدة (أخبار الأدب) للنشر فوجئت بالأديب جمال الغيطاني، يعتذر عن النشر لأن المسابقة تنشر إعلانا بها".

ويعتقد أن "الأمر أكبر من قضية تصويت الجماهير، بل هو خطف لفكرة الأدب أصلا، تشويه لمعنى الشعر من الأساس، وتآمر على كل معاني الالتزام في الأدب؛ والمشكلة ليست تصويت الجمهور، بل في لجان التحكيم التي وضعت (تميم البرغوثي) بالمركز الخامس لتهدي الجائزة لشاعر إماراتي مغمور".

وجزم بأن "هذه المسابقة عار على الأدب والشعراء؛ وإذا كان البعض شارك في بداياتها فنلتمس لهم العذر، أما الآن بعد أن انكشف كل شيء، فإنني أتعجب من الذين يشاركون حتى الآن".

"إساءة كبيرة"

 
عضو اتحاد كتاب مصر الدكتور عبد التواب محمود، قال: "في مسابقة أمير الشعراء إساءة كبيرة للشعر العربي أن يكون التصويت هو المعيار الأساسي في التمايز بين مراكز الشعراء، وشهادة حقيقية نالها الدكتور السيد خلف أبو ديوان بحصوله على اللقب معنويا من قِبَل اللجنة وكل المثقفين العرب".


وأضاف: "هكذا يجب أن ننظر إلى الحقيقة لأننا جميعا ندرك قواعد اللعبة، وندرك أن قواعدها غير سليمة وغير منصفة فلا بد من القبول بنتائجها بصدر رحب".