ملفات وتقارير

هكذا عمل الشيخ رائد صلاح على حفظ الهوية الفلسطينية

تحدث المنسق الإعلامي لمكتب الشيخ رائد صلاح عن بصمات كبيرة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية- جيتي

بعد احتلال فلسطين عام 1948، تصاعدت حدة الصراع بين الشعب الفلسطيني صاحب الأرض وبين الاحتلال الإسرائيلي؛ الذي حاول طمس معالم الهوية الفلسطينية، لكن محاولاته وجدت من يصدها ويكشف خطورتها، ويفني حياته لتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية.


وضمن ملفي "يوم الأرض" و"فلسطينيو 48.. صمود في وجه الاقتلاع"، تفتح صحيفة "عربي21" ملف الحفاظ على الهوية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ودور رئيس الحركة الإسلامية الشيخ الأسير رائد صلاح في هذا الجانب.


غياب القادة وحضور التهويد


وللوقوف على أدق التفاصيل والدور الذي قام به الشيخ رائد صلاح، تحدثت "عربي21" مع الشخصيات الأقرب للشيخ، والتي التصقت به خلال مسيرته الزاخرة بالنضال والإنجازات المتعددة، وأكد الشيخ كمال الخطيب، وهو نائب رئيس الحركة الإسلامية، والأقرب لرئيسها المعتقل في سجون الاحتلال، أنه "بمجرد أن حمل الشيخ رائد راية الفكر الإسلامي، فقد وضع بذلك اللبنة الأولى لمواجهة المشروع الصهيوني بأبعاده السياسية والاجتماعية والأخلاقية".


وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "المؤسسة الإسرائيلية ومنذ النكبة 1948 وعقب تهجير 940 ألف فلسطيني وبقاء نحو 154 ألفا، عملت من اليوم الأول على مشروع تهويد وأسرلة ومسخ هوية من تبقى من الفلسطينيين، واستمر الأمر حتى منتصف الستينيات عبر مشروع الحكم العسكري، علما بأن هذه السنوات غابت فيها القيادة السياسية والدينية عن فلسطينيي الداخل".


وتابع: "غابت العناوين التي توجه بوصلة شعبنا، الأمر الذي جعله مستباحا لمشاريع المؤسسة الإسرائيلية، عبر التعليم والإعلام في ظل غياب العلماء والدعاة عن منابر المساجد، الذين هم وسيلة مواجهة مثل هذا المشروع التهويدي".

 

اقرأ أيضا: قمع وقفة تضامنية بالمغرب مع الفلسطينيين بذكرى يوم الأرض


ونوه الخطيب إلى أن محاولات الاحتلال "مسخ الهوية الفلسطينية استمرت حتى ظهر مشروع الصحوة الدينية مطلع السبعينيات، وبرزت الحركة الإسلامية بمشروعها الواضح عام 1985، الذي كان هدفه أولا وأساسا؛ الإنسان ومن ثم الأرض، وهنا بدأت حالة إعادة التحصين والثقة بالهوية، وإزالة ما علق بها من شوائب مشاريع الأسرلة والتهويد"، مضيفا أنه "بمجرد وجود المشروع الإسلامي؛ والذي كان الشيخ رائد أحد أعمدته وبناته، فقد كانت هذه هي اللبنة الأولى في إفشال مشاريع المؤسسة الإسرائيلية".


وعن أهم المشاريع التي قادها الشيخ لمواجهة تهويد المجتمع العربي الفلسطيني، فقد نبه إلى أنه "لا يمكن الفصل بين الشيخ والحركة الإسلامية التي امتدت من أقصى النقب (جنوبا) وحتى أقصى الجليل (شمالا)، فكان مشروع "المجتمع العصامي"، الذي عمل على خلق البديل للنقص الناتج عن إهمال المؤسسة الإسرائيلية المتعمد لداخلنا الفلسطيني، ودعا هذا المشروع لإقامة المؤسسات المدنية المختلفة والمشاريع التي تعنى بالجانب الصحي والتعليمي والثقافي والرياضي".


مشاريع متعددة وهدف وطني


وتابع: "هناك أيضا مشروع الحفاظ على هوية المسجد الأقصى المبارك وصرخة "الأقصى في خطر" عام 1996، الذي كان يمثل زخما ونقطة ضوء وانطلاق للأمة كلها، لتلتف من جديد حول هذه الرمزية الدينية، وكان هناك مشروع "أبناؤنا في خطر"، الذي أردنا من خلاله تحصين أبناء الداخل الفلسطيني أمام موجة التغريب والتهويد التي كانت تكتسح الداخل، وعمل على إصدار مجلة حملت ذات الاسم".


وفي خضم هذه المواجهة المتواصلة والمتصاعدة لصد مخطط تهويد وأسرلة المجتمع الفلسطيني، ظهرت بحسب نائب رئيس الحركة الإسلامية، العديد من المؤسسات منها: تأسيس مجلة اجتماعية موجهة للأسرة والمرأة تحت اسم "إشراقة"، كما صدرت مجلة تربوية "أبناؤنا في خطر" حتى أوقفت بعد حظر الحركة عام 2015، وعملت العديد من المشاريع والمعسكرات على تثبيت أهلنا بالداخل عبر التواصل مع المدن الساحلية، يافا وعكا واللد والرملة".


ومن بين تلك المشاريع الوطنية المهمة، ترميم المنازل القديمة والحفاظ على المساجد والمقابر وتقديم المساعدات للعائلات، وإقامة معسكر "التواصل" في النقب، للفت الانتباه لما يجري ضد أهلنا هناك، واشتمل على إقامة مشروع توأمة، حيث كانت تقوم قرى الداخل بإقامة مشاريع لها في قرى النقب مثل: شق شوارع، بناء مساجد وبيوت، إقامة رياض أطفال، إيصال خطوط ماء وملاعب للأطفال وغيرها.. وكل ذلك بحسب الخطيب "لإشعار أهلنا في النقب بأنهم ليسوا وحدهم في معركة مواجهة المشروع الصهيوني في سعيه لتهويد النقب".

 

اقرأ أيضا: عائلات شهداء يوم الأرض تعيش الذكرى كل يوم


وذكر القيادي البارز، أن "الشيخ رائد والحركة الإسلامية، حينما رأت حرص المؤسسة الإسرائيلية على مشاريع التهويد ومسخ هويتنا عبر السماح بالمشاركة في انتخابات الكنيست منذ 1949، وحرص المؤسسة الإسرائيلية على إذابتنا ضمن المعترك السياسي، رفضت الحركة المشاركة وأعلنت عدم جدوى المشاركة في هذه الانتخابات".


الحفاظ على الهوية بشكل عملي


وشدد على أن "المشاركة العربية في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، تصب في صالح المشروع الصهيوني وتجميل صورته، وكان هذا الموقف (من الشيخ رائد والحركة الإسلامية) من أهم وسائل الحفاظ على الهوية الفلسطينية وذوبانها في مستنقع المشروع الصهيوني".


من جانبه، قال المنسق الإعلامي السابق للحركة الإسلامية ولمكتب الشيخ رائد صلاح، توفيق محمد: "كان للشيخ رائد والحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، بصمات كبيرة جدا في الحفاظ على هويتنا، وهذا لم يقتصر على الكلام والتصريحات، وإنما حقيقة على أرض الواقع، من خلال المؤسسات العديدة التي أقامها الشيخ رائد والحركة التي عملت على الحفاظ على الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية لهذه الأرض".


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "تمت إقامة العديد من المؤسسات التي تعنى بالمسجد الأقصى والقدس والأوقاف والعديد من المقابر التي حوت رفات أجدادنا".


ولفت إلى أن "الشيخ رائد كان صاحب فكرة "مسيرة البيارق" التي عملت على نقل أهلنا من الدخل إلى مدينة القدس، للصلاة في المسجد الأقصى والتسوق من أسواق القدس التاريخية، من أجل تثبيت ودعم تجارها، أمام محاولات الاحتلال السيطرة على محلاتهم وبيعها للمستوطنين".


ونوه القيادي محمد وهو عضو لجنة المتابعة العليا بالداخل، إلى أهمية "الخطاب الديني والوطني والقومي، الذي تميز به الشيخ رائد صلاح، لذا فإنك كثيرا ما تجد في مقالات وأدبيات وكتب الشيخ التي تجاوزت الثلاثين كتابا، أنه يقرن ما بين ثلاثة مصطلحات، الفلسطيني والعروبي والإسلامي، ليثبت هوية لهذه الأرض ولهذا الشعب، وبذلك رسخ في خطابه، هذه الهوية لدى أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني".

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يمدد العزل الانفرادي للشيخ رائد صلاح 6 شهور


وعن أساليب الاحتلال لإفشال جهود الشيخ رائد صلاح المعتقل حاليا في سجون الاحتلال، في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، أكد أن "هناك العديد من الوسائل التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية لعرقلة وتفكيك خطاب الشيخ عبر المستوى الاجتماعي والوطني والسياسي، فقامت بحظر الحركة الإسلامية ومعها عمل نحو 30 مؤسسة أهلية كانت تقدم خدماتها لنحو نصف مليون فلسطيني بالداخل لترسخ الهوية والثوابت الفلسطينية، وعملت أيضا على نشر العنف والجريمة، والسماح لأحزاب عربية بالمشاركة في انتخابات الكنيست، وغيرها من الأمور".


وأحيا الفلسطينيون أمس الذكرى الخامسة والأربعين لـ"يوم الأرض"؛ حين انتفض الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل سنة 1948، في 30 آذار/ مارس 1976؛ للدفاع عن أرضه ومنع الاحتلال الإسرائيلي من سرقة آلاف الدونمات في منطقة الجليل، ما أدى إلى ارتقاء ستة شهداء، وعدد من الجرحى، واعتقال المئات، وإضراب عام عمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى تراجع الاحتلال عن مصادرة تلك الأراضي.