قضايا وآراء

عبير موسي.. واجهة من زجاج

1300x600

عبثا يحاول المتربصون بتونس وثورتها تشويه التجربة الديمقراطية فيها خلف واجهة من زجاج تظهر بها البرلمانية عبير موسي وأنصارها المنضوون تحت لواء كتلة الدستوري الحر (16 نائبا)، ورغم اتخاذهم الدستور اسما إلا أنهم يرفضون احترام مبادئ الدستور التونسي التي انبثق عنها القانون الذي وصلوا من خلاله لقبة البرلمان.

عبير موسي تحظى بمكانة مميزة في بعض وسائل الإعلام المحسوبة على السعودية والإمارات، وتوصف بالشجاعة في محاربة التطرف والتصدي لعنف الإخوان، على حد افترائهم!!

وفي حادثة سخيفة ليست الأولى وَلَن تكون الأخيرة اقتحمت عبير موسي، وأنصارها، الثلاثاء، مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في ‫تونس مطالبين بحلّه، وعاثوا فيه فساداً مردّدين بشكل غوغائي اتهامات للعلماء بالإرهاب. ويأتي هذا تتويجا لفشلهم تشريعيا وقضائيا في النيل من الاتحاد.

 

عبير موسي تحظى بمكانة مميزة في بعض وسائل الإعلام المحسوبة على السعودية والإمارات، وتوصف بالشجاعة في محاربة التطرف والتصدي لعنف الإخوان، على حد افترائهم!!


بل وصل بهم الأمر إلى منع إدخال ‬الطعام للمجموعة التي تزامن وجودها داخل الاتحاد أثناء حصارهم للمقر.

وقد تدخلت أخيرا قوات الأمن بكثافة وفضت الاعتصام، ونزعت خيمة الفتنة التي وضعتها موسي ومن معها أمام مقر الاتحاد.

عبير موسي لا تخفي عداءها لثورة 2011 وترفض تسميتها بثورة، وتتمدد بمساحة الحِلم الذي يبديه رئيس البرلمان الشيخ راشد الغنوشي وكتلته الأكبر فيه الممثلة لحركة النهضة التونسية، والتي فاز المناصرون لها والمقربون منها مؤخرا بالانتخابات الطلابية في الكليات العلمية بعدة جامعات تونسية عبر الاتحاد التونسي العام للطلبة، مجددين تأكيد شعبية وحضور النهضة في الشارع التونسي رغم كل محاولات التشويه، وما المظاهرات الحاشدة التي خرج بها أنصار النهضة في الشارع قبل أسابيع إلا تأكيدا لذلك، وقد فاق الحضور الحاشد في الشارع لمؤازري النهضة توقعات الأصدقاء فضلا عن الأعداء.

 

تتمدد بمساحة الحِلم الذي يبديه رئيس البرلمان الشيخ راشد الغنوشي وكتلته الأكبر فيه الممثلة لحركة النهضة التونسية، والتي فاز المناصرون لها والمقربون منها مؤخرا بالانتخابات الطلابية في الكليات العلمية


والمراقب لأداء موسي، عدوة النهضة وخصمها الذي يجعجع ضدها صباح مساء، يلاحظ عدة أمور لا مجال للتشكيك بها، ومنها:

- حصولها على دعم كبير من المتربصين بتونس وثورتها وتجربتها الديمقراطية، وبالذات نظام محمد بن زايد في الإمارات وشواهد ذلك كثيرة، كالترويج شبه الدائم لها عبر وسائل الإعلام المقربة منه.

- تجنب موسي مهاجمة الرئيس قيس سعيّد، وإصرارها بشكل عبثي على مهاجمة رئيس البرلمان الشيخ راشد الغنوشي.

- إصرار موسي وفريقها على تشويه صورة البرلمان ومن وراء ذلك العملية الديمقراطية برمّتها، فتارة ترفع بوقا وتنادي به داخل قبة البرلمان وهي تتجول مثل بائعي الخضار والقطع المستعملة - مع الاعتذار لهم عن هذا التشبيه - وأخرى تقوم باعتصام في البرلمان، وثالثة في مكتب رئيس البرلمان، ورابعة ترفض قراءة الفاتحة على الضحايا.. وخامسة وسادسة من تصرفات رعناء لا حصر لها.

- رفع موسي شعارات تخطب ود المنظومة الدولية والغربية بحجة مناصرة المرأة ومحاربة التطرف، وقد عنونت اعتصامها الثلاثاء أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالانتصار للمرأة وحقوقها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وكأنّ الاتحاد الذي لا يتدخل في الشأن المحلي التونسي أصلا؛ له علاقة بما يرتبط بالمرأة وحقوقها في تونس، في حالة من تكرار الأنشطة السخيفة التي لا معنى لها سوى لفت الأنظار واستمرار مسلسل التشويه.

- مهاجمة قيم التدين والنيل من المساجد والمتدينين والجمعيات القرآنية في أكثر من موقف وتصريح، متهمة المؤسسات الدينية بالفساد والخضوع للإخوان على حد قولها.

 

عبثية السعي لإسقاط النظام في تونس؛ فهي تهاجم رئيس البرلمان لا رئيس الدولة، ومع ذلك فقد باءت محاولاتها بالفشل ولم تنجح بحشد عدد كاف من المتظاهرين في أكثر من مرة


- عبثية السعي لإسقاط النظام في تونس؛ فهي تهاجم رئيس البرلمان لا رئيس الدولة، ومع ذلك فقد باءت محاولاتها بالفشل ولم تنجح بحشد عدد كاف من المتظاهرين في أكثر من مرة.

وفي المقابل، يأخذ مناصرو حركة النهضة داخل تونس وخارجها على الشيخ الغنوشي وفريقه مبالغتهم في الحلم والحياد بالتعامل مع تصرفات موسي واستفزازاتها، ولسان حال الغنوشي أن التماهي مع موسي باستفزازاتها هو غاية المنى والطموح بالنسبة لها، رافضا النزول لمستواها.

من جهتي أرى الرئيس قيس سعيّد شريكا لموسي بما تقوم به، حيث لم يصادق حتى الآن على قانون تجريم تمجيد النظام السابق، والذي يمكن من خلاله وضع حد لغوغائية موسي، كما أنه لم يلمح لها بتصريحاته الناقدة واللاذعة التي يطلقها هنا وهناك ولو لمرة واحدة.

ويساهم سعيّد أيضا بدعم موسي ومن معها بشكل غير مباشر عبر عدم احترامها لاستقلالية المؤسسة البرلمانية في البلد وتعطيله لعملها، الأمر الذي يصب لصالح موسي ومن وراءها.

 

يساهم سعيّد أيضا بدعم موسي ومن معها بشكل غير مباشر عبر عدم احترامها لاستقلالية المؤسسة البرلمانية في البلد وتعطيله لعملها، الأمر الذي يصب لصالح موسى ومن وراءها

لا يبدو هناك حل سحري لهذا العبث، إلا المراهنة على وعي الشارع التونسي وتمسكه بمخرجات ثورته وتربّع بلاده على عرش التمتع بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان على مستوى الأقطار العربية قاطبة.

وصناديق الاقتراع - عندما يحين موعدها - خير حكم بين الفرقاء، المهم أن تبقى الأعين والآذان مفتوحة على ما تقوم به موسى ومن معها من تصرفات صبيانية في بلد تحكمه مؤسسات منتخبة، وفِيه فصل السلطات ويتمتع بمنظومة ديمقراطية كافية لاتخاذ القرارات، رغم التأخر الكبير بتشكيل المحكمة الدستورية التي من شأنها البت بأي خلاف بين السلطات الحاكمة في البلاد، ويتحمل الجميع بمن فيهم حركة النهضة مسؤولية تأخر خروج مثل هذه المحكمة إلى النور.

شخصيا أثق بوعي المواطن التونسي ورفضه للغوغائية، رغم التحدي الكبير الذي يواجهه على حساب اقتصاد بلاده ولقمة عيشه، والأمل معقود على تظافر جهود العقلاء والشرفاء داخل تونس وخارجها لمواجهة كل عابث كائنا من كان لا يعنيه استقرار بلاده وتطلعات شعبه.