سياسة تركية

أردوغان يطرق أبواب الحوار مع أوروبا من جديد.. لماذا الآن؟

بعد محادثة ثنائية مع ماكرون، أجرى الرئيس التركي مكالمة عبر الفيديو مع المستشارة ميركل- جيتي

تشهد العلاقات التركية-الأوروبية، حركة دبلوماسية جديدة، بدأت باتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد قطيعة وتوتر دام أشهر بسبب أزمة شرق البحر الأبيض المتوسط والموقف الفرنسي المعادي للإسلام.

 

وتأتي التحركات التركية، بالتزامن مع القمة الأوروبية المزمع عقدها في 26 و27 آذار/ مارس الجاري، والتحركات لفرض عقوبات على أنقرة قد تم إرجاؤها سابقا.

 

وفي القمة السابقة والتي عقدت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كلف قادة الاتحاد الأوروبي، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، لتقديم تقرير في موعد أقصاه آذار/ مارس 2021 حول تطورات الأوضاع في شرق المتوسط واحتمالية تنفيذ العقوبات ضد تركيا.

 

ونقلت صحيفة "ًصباح" التركية، في تقرير ترجمته "عربي21"، عن مصادر دبلوماسية، أن المفاوضات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي هذه المرة أكثر إيجابية.

 

ولفتت إلى أنقرة ستكثف من اتصالاتها مع دول الاتحاد الأوروبي في الأيام المقبلة، ومن المتوقع أن تزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل، في الوقت القريب تركيا.

 

ولفتت إلى أن جدول الأعمال بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي سيناقش تجديد اتفاقيات الهجرة، وتحديث الاتحاد الجمركي، وإلغاء التأشيرات، والمقترح التركي لمؤتمر حول شرق البحر الأبيض المتوسط، وفتح فصول جديدة بالعلاقات.

 

وأشارت إلى أن العمل جار بشأن خريطة الطريق التي سيتم إنشاؤها لتحديد الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

 

اقرأ أيضا: سلاطين عثمانيون في لقاء أردوغان بماكرون.. ذكّره بـ"القانوني"
 

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال زيارته لبروكسل في كانون الثاني/ يناير الماضي، قال إنهم لمسوا الجدية نحو تحسين العلاقات لدى نظرائهم الأوروبيين، مؤكدا رغبة أنقرة في ترجمة ذلك عمليا.

 

ولا يمكن فصل الخطوات التركية الجديدة والتي تأتي في ظل التوتر في شرق المتوسط، عن تسلم الديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض ووصول جو بايدن إلى رئاسة الولايات المتحدة.

 

وتعد أهم أجندة بايدن التي تحكمه بعلاقات ليست بجيدة مع أنقرة، هي التقارب مع دول أوروبا وإعادة ترميم العلاقات عبر الأطلسي، سواء الثنائية مع أوروبا، أو تحت مظلة تحالف شمال الأطلسي "الناتو".

 

وبعد محادثة ثنائية مع ماكرون، أجرى الرئيس التركي مكالمة عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتعد فرنسا وألمانيا الدولتين الرئيستين لمفتاح العلاقات مع باقي الدول الأوروبية بالنسبة لتركيا. 

 

الاتصال الثنائي بين أردوغان وميركل، هيمنت عليه الأجواء الإيجابية، كما أن الرئيس التركي باتصاله بنظيره الفرنسي ألقى برسائل أكثر إيجابية نحو تطبيع العلاقات بين أنقرة وباريس وفتح صفحة جديدة.

 

الكاتب التركي، برهان الدين دوران، قال في مقال على صحيفة "صباح"، إنه من الجيد أن تتحول المساعي الإيجابية بين تركيا وأوروبا إلى سياسات ملموسة قبيل قمة قادة الاتحاد الأوروبي.

 

وأضاف رئيس مركز سيتا للدراسات، أن ميركل من المعلوم أنها كانت تتصرف بشكل بناء، آخذا بعين الاعتبار مكانة أنقرة في قضايا الهجرة والأمن بالنسبة لأوروبا، لكن المثير للاهتمام هو الليونة التي أبداها ماكرون مؤخرا.

 

وأوضح أن باريس التي كانت على خلاف مع أنقرة بشأن قضايا سوريا وليبيا وشرق المتوسط وناغورنو قره باغ، تبدي الرضا الآن على تشكيل بيئة من المحادثات حول شرق المتوسط وحل الأزمة القبرصية والعلاقة مع اليونان.

 

ولفت إلى أن العملية الانتقالية في ليبيا، ساهمت في تقليل التوتر بين أنقرة وباريس، كما أن الأخيرة التي أظهرت دعما لليونان من خلال بيع الطائرات والأسلحة، ترى أن تضامنها معها يأتي في إطار محدود، وتحاول التوافق ما بين مصالحها مع تركيا وفرصة الحد من التوترات في شرق المتوسط.

 

اقرأ أيضا: ماكرون يوجه رسالة ودية لأردوغان يستهلها باللغة التركية

 

ورأى أنه لا يمكن لعواصم الاتحاد الأوروبي، أن تغض الطرف عن الأهمية الاستراتيجية لأنقرة، في الوقت الذي تجري فيه الولايات المتحدة إعادة تقييم جديد، بإشراك تركيا في العديد من الملفات (في إشارة إلى الملف الأفغاني والسوري).

 

وأشار إلى أن عناوين اللفات المشتركة بين تركيا وأوروبا لا تنتهي، مثل ملف اللاجئين، ومكافحة الإرهاب، وسوريا والعراق وإيران وليبيا، وشرق المتوسط والقوقاز، وروسيا وغيرها، لافتا إلى أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ، محق في القول إن الاتحاد الأوروبي وحده لا يستطيع الدفاع عن أوروبا، وأن تركيا في الجنوب الشرقي تلعب دورا مهما للغاية في الدفاع عن الناتو، وخاصة في الحرب ضد تنظيم الدولة.

 

وأضاف أنه لم يتضح بعد إلى أين سيقود هدف إدارة بايدن المتمثل في تعزيز العلاقات عبر الأطلسي، العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، وكيف يمكن لجانبي المحيط الاتفاق على التهديد الصيني والتنافس الروسي، لافتا إلى أن عواصم الاتحاد الأوروبي ليست على استعداد لزيادة الإنفاق الدفاعي.

 

وحول العلاقة مع أنقرة، قال دوران، إنه ليس من السهل على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التوصل لنقطة مشتركة تجاه السياسة التركية، موضحا أنه لأسباب اقتصادية لدى ألمانيا أو إيطاليا أو إسبانيا، فإن دول أوروبا الشرقية لا ترغب في علاقات مستقرة مع أنقرة بسبب القلق من موجة جديدة من اللاجئين.