سياسة دولية

قصة موريتاني اعتُقل ظُلما بغوانتنامو تجوب العالم (شاهد)

محمدو ولد صلاحي عانى 15 سنة في سجون غوانتنامو دون توجيه أي تهمة له- حسابه بتويتر

تمكن مهندس الاتصالات الموريتاني محمدو ولد صلاحي، الذي اعتقل ظُلما في سجن غوانتنامو الأمريكي 15 سنة، من نشر قصته في أشهر وسائل الإعلام العالمية.

 

قصة ولد صلاحي المولود في مدينة "روصو" الموريتانية قرب الحدود مع السنغال عام 1970، بدأت مبكرا مطلع تسعينيات القرن الماضي، حينما توجه إلى أفغانستان للقتال ضد الروس، إلا أنه غادرها بعد نحو شهرين فقط، قاطعا صلاته بالتنظيمات الجهادية كافة.

 

درس ولد صلاحي في ألمانيا، وعاد إلى موريتانيا، إلا أنه في أعقاب هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 حدث مسار غير حياته، إذ اعتقلته سلطات بلاده دون سابق إنذار، ونقلته إلى الأردن بناء على طلب أمريكي ثم إلى أفغانستان، قبل أن يستقر به الحال في سجن غوانتنامو الذي لاقى فيه شتى أصناف التعذيب.

 

 ولد صلاحي الذي حققت معه الاستخبارات الأمريكية فور اعتقاله في موريتانيا، ظهر في ندوات إعلامية، ولقاءات تلفزيونية عديدة عبر وسائل إعلام عربية منذ إطلاق سراحه في منتصف 2016.

 

 

وصول للعالمية

مع مضي الشهور الأولى من العام الماضي 2020، بدأت قصة محمدو ولد صلاحي تنتشر بشكل أوسع، إذ تلقفتها أشهر وسائل الإعلام الأوروبية، في بريطانيا، وألمانيا، والولايات المتحدة، وغيرها.

 

المحور الأبرز في قصة ولد صلاحي أنه اعتقل 15 سنة دون أن تثبت عليه أي تهمة، وأفرج عنه بعد نحو ست سنوات بأمر قاض أمريكي بإطلاق سراحه لعدم وجود ما يلزم بقاءه في السجن.

 

ولد صلاحي، المهندس والمثقف، لم يمكث مكبل اليدين في سجنه رغم التضييق الشديد عليه، إذ ألّف كتابا بعنوان "يوميات غوانتنامو"، وأنجزه في العام 2015، قبل شهور فقط من إطلاق سراحه.

 

وأفردت صحيفة "ذا نيويوركر" الأمريكية ساعة لمناقشة ولد صلاحي في تجربته بغوانتنامو، عبر "بودكاست" نشرته قبل أيام.

 

صحيفة "Süddeutsche Zeitung" الألمانية واسعة الانتشار،  عنونت تقريرا لها عن ولد صلاحي بـ"مذنب بالشبهة"، في إشارة إلى أن 15 سنة قضاها المقيم السابق في مدينة دويسبرغ، بالسجن، كانت لمجرد الاشتباه بصلته في تنظيم القاعدة.

 

وقالت صحيفة "بوسطن غلوب" الأمريكية؛ إن فيلم "الموريتاني" الذي يتناول حياة ولد صلاحي، يسلط الضوء على "خطايا الولايات المتحدة".

 

فيما تناولت وكالة "سي بي إيه" التابعة لهيئة الإذاعة الكندية، الدور الذي أدته كندا في قضية ولد صلاحي.

 

فبعد أقل من عام من حصوله على حق اللجوء في كندا، استدرج ولد صلاحي إلى موريتانيا التي اعتقل بها لصالح واشنطن، وهو ما يفسر دورا للاستخبارات الكندية في ذلك، بحسب الوكالة.

 

 

تعذيب وحشي

يقول ولد صلاحي في مذكراته؛ إنه تعرض لتعذيب قاس، ومنع من النوم، وتم الزج به في زنزانة انفرادية لسنوات طويلة.

 

كما تعرض ولد صلاحي إلى الحرمان من الطعام لمدد طويلة، وهدد مرارا بقتل والدته، وتعرض لمضايقات جنسية.

 

يذكر ولد صلاحي أنه قال لأحد المحققين ذات مرة؛ إنه إنسان مظلوم ويتعرض للتعذيب والاعتقال دون أي ذنب، ليرد الأخير عليه: "وما ذنبي أنا؟ دولتك هي من سلمتك لنا".

 

ومن أساليب التعذيب التي تعرض إليها ولد صلاحي، أنه في ذات مرة عُصبت عيناه، وأجبر على شرب الماء المالح، ثم أخذ إلى البحر، ووضع في قارب بمحركات سريعة، وضرب لثلاث ساعات وهو مغمور في الثلج.

 

ورغم ذلك، قال محمدو ولد صلاحي؛ إنه لن يرفع أي دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة، أو أي طرف ساهم باعتقاله.

 

 

 ولد صلاحي في هوليوود

في التاسع عشر من شباط/ فبراير الماضي، عُرض لأول مرة فيلم "The Mauritanian" من إنتاج هوليوود، وإخراج الإسكتلندي كيفين ماكدونالد، وهو فيلم مقتبس من كتاب ولد صلاحي عن غوانتنامو، ويحكي قصته.

 

يركز الفيلم على العدالة المزعومة للولايات المتحدة، وكيف أن هذا المواطن الموريتاني قضى 16 سنة في السجن ظلما، وأفرج عنه دون أي إدانة تذكر.

 

يتناول الفيلم الدور البارز للمحامية الأمريكية نانسي هولاندر، ومساعدتها تيري دنكان، في إخراج ولد صلاحي من جحيم غوانتنامو، وكيف تمكنتا من إقناع المدعي العسكري ستيوارت كوتش بأن المهندس الموريتاني بريء من التهم الموجهة إليه.

 

مخرج الفيلم مكدونالد، قال لمجلة "vanityfair" الأمريكية في تصريح سابق؛ إن جميع الممثلين الذين شاركوا بالفيلم، أدوا أدوارهم "من القلب"، لتأثرهم بقصة ولد صلاحي، ومحاولتهم توصيف الظلم الذي وقع عليه بشكل دقيق.

 

وذكرت المجلة أن الممثل الفرنسي من أصول جزائرية طاهر رحيم الذي أدى دور ولد صلاحي، ربما ينافس على جائزة "الأوسكار" لأدائه المبهر في الفيلم.

 

بدورها، كانت صحيفة "الغارديان البريطانية"، أنتجت فيلما قصيرا  عن ولد صلاحي بعنوان "سجاني أخي"، فاز بجائزة مهرجان "سانتا في" بمدينة نيو مكسيكو الأمريكية في تشرين أول/ أكتوبر الماضي.

 

الفيلم يحكي كيف أن أحد سجاني ولد صلاحي، ويدعى ستيف وود، اقتنع ببراءة المعتقل الموريتاني، وأصبح صديقا له.

 

وفي 2018، استضاف ولد صلاحي، سجانه السابق في صحراء موريتانيا، كما تناولا طعام الإفطار في رمضان سويا.