ملفات وتقارير

مطالب برلمانية في مصر بحجب المواقع الإباحية.. فما المانع؟

جهاز الاتصالات أعلن أن مهمة حجب المواقع الإباحية صعبة وأنها ليست مهمته

تعددت المطالبات البرلمانية في مصر بحجب "المواقع الإباحية"، إلا أن جهاز الاتصالات أعلن أن هذه ليست مهمته، وأن الأمر يتوقف على تحمل الأسرة دورها التربوي والديني، وذلك في الوقت الذي يقوم فيه الجهاز بحجب أكثر من 600 موقع إخباري بحجة معارضة النظام العسكري الحاكم.

لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب المصري، ناقشت الأحد، طلبا مقدما من النائب محمود أبو الخير، بشأن غلق المواقع والتطبيقات التي تنشر محتوى إباحيا، وأكد ممثل جهاز تنظيم الاتصالات خلال اجتماع اللجنة، أنها قضية عالمية وأن الجهاز ليست له علاقة بحجبها.

 

النائبة هند رشاد، كانت قد طالبت خلال اجتماع سابق للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بإجراءات رقابية ضد تلك التطبيقات، فما كان من النائب محمد عبدالله زين الدين، إلا أن طالب بآلية جديدة لمواجهة تأثير وانتشار المواقع الإباحية.

والاثنين، أعرب كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن أمله في إطلاق مبادرة بين المجلس ولجنة الثقافة والإعلام والآثار في البرلمان لحجب المواقع الإباحية.

وتنظر محكمة القضاء الإداري دعوى المحامي سمير صبري، لغلق التطبيقات المخالفة للقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية.

وحول مدى قدرة السلطات المصرية على حجب هذه المواقع من عدمه، والموانع الفنية أمامها، وخسائر أو مكاسب مصر من ترك مثل هذه المواقع بلا حجب، يرى خبراء مصريون تحدثوا لـ"عربي21"، أن الحجب مستحيل فنيا لأسباب عدة، وأن أثر تلك المواقع الأخلاقي على المصريين أبلغ كثيرا من تأثيرها الاقتصادي.

"لو أرادت لن تقدر"

الناشر والخبير الإعلامي المصري، هشام قاسم، قال لـ"عربي21" إن "حجب مصر لهذه المواقع من الناحية الفنية أمر مستحيل"، مشيرا إلى أن "هيئة الاتصالات المصرية قالت سابقا إنها بالفعل غير قادرة على حجب المواقع الإباحية لكثرتها".

وأوضح أنه "عندما وصل الهيئة حكم من محكمة مصرية بحجب تلك المواقع طلبت الهيئة الحكومية عناوين محددة للمواقع التي ذكرتها القضية نصا لحجبها؛ لأن حجب جميع المواقع الإباحية عملية مستحيلة لكثرتها التي يصعب معها إحصاؤها".

ولفت قاسم، إلى أن "المواقع التي تقدم إساءة للأطفال جنسيا هي التي يمكن التحكم بها بعض الشيء؛ لأن هناك تعاونا من كافة أجهزة العالم لغلقها، ولأن عددها محدود جدا بالمقارنة بالمواقع الأخرى".

وقال إن "فكرة الحجب شيء محبب للسلطة الحالية في مصر لأنهم لا يريدون وصول المعلومات إلى المواطن المصري"، مضيفا: "لكنه ومع إثارة هذا الملف بشكل دائم فهو مستحيل فنيا ومن يتحدثون فيه ويقيمون القضايا حوله كلها مواقف لا تتعدى المزايدات ولن تقدم شيئا".

وأكد أنه "برغم أن أول كلمة بمحركات البحث بمصر هي كلمة (sex)، حيث إننا نتصدر العالم بمشاهدة المواقع الإباحية، فإنه عمليا لا يقدر أحد على الوصول إلى حل فني، وحتى لو تم الحجب فإن هناك برامج يستحيل منعها ويمكنها تخطي حجب هذه المواقع كما تتخطى حجب المواقع الإخبارية التي يمنعها النظام".

ويعتقد أنه "حتى لو أرادت الدولة المصرية ورغبت في حجب تلك المواقع كما تحجب المواقع الإخبارية المعارضة؛ فلن تتمكن لأن عليها حجبها صفحة صفحة إلى ما لا نهاية، لأن تلك المواقع تتغير بانتظام وتعيد إنتاجها مجددا".

"القيم قبل الاقتصاد"

وفي رؤية اقتصادية، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله، إن "حجب المواقع الإباحية له شق اقتصادي، وآخر تربوي وأخلاقي أهم وأعمق من الاقتصادي، فالتربية والقيم تنحي جانبا الاقتصاد والأرقام مهما كانت في ظل الحفاظ على القيم الاجتماعية".

رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية، لفت بحديثه لـ"عربي21"، إلى أن انخراط المصريين في المواقع الإباحية "مرتبط بنواحي مختلفة مثل ارتفاع العنوسة وتأخر سن الزواج، وكثافة الطلاب بسن المراهقة والجامعات، وصعوبة الزواج، وعدم تبني الدولة والمنافذ الدينية بينها الأزهر والأوقاف تخفيف أعباء الزواج".

وأكد أن "هذه العوامل السلبية تصب في خانة المواقع الإباحية التي تصب الزيت على النار بالمجتمع، وما يزيد الأمر سوءا عدم توقفه عند كونه جريمة أخلاقية وإنما قد تمتد الأمور إلى جرائم جنائية يندفع لها الشباب نتيجة مشاهدة هذه المواقع".

الأكاديمي المصري، لفت إلى ناحية أخرى مهمة، وهي أن "الدولة عندما تعلق الأمر بالمواقع السياسية والصحفية فقد سارعت دون أخذ رأي أحد لإغلاقها؛ وهناك دول ليبرالية وعلمانية في العالم مثل تركيا وغيرها تحجب المواقع الإباحية وترى الأمر من منظور أخلاقي".

ويعتقد أنه ولأن "الأمر لا يخص دينا معينا وإنما هو أمر أخلاقي تحث عليه الأديان ثم الأخلاق المجتمعية وقيمها الرئيسة؛ فيجب أن تسارع فيه الدولة المصرية"، مبينا أنه "طالما طُرح الحديث بالبرلمان وكلنا يعرف كيف صنع على أعين المخابرات، فقد يأتي القرار من أعلى بقرار سياسي، بعد رفض هيئة الاتصالات أو غيرها".

وتوقع أن يأتي القرار "لتحسين صورة النظام وللتغطية على أعمال أخرى مثل هدم المساجد أو إثر تصريح نائب وزير التعليم بأن هناك أوامر رئاسية بحذف الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة من المناهج التعليمية".

محكمة القضاء الإداري، كانت قد حكمت في العام 2009، وفي آذار/ مارس 2012، وفي أيار/ مايو 2015، بحجب جميع المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت في مصر، وألزمت وزير الاتصالات ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بحجبها، ولكن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالعام 2015، رد بأن تكلفة الحجب مرتفعة جدا مع وجود عوائق تقنية.

وتفتي المؤسسات الدينية وبينها دار الإفتاء والأزهر الشريف بحرمة مشاهدة مثل هذه المواقع الإباحية وتعتبرها خطرا على الأسرة المصرية.

وفي العام 2016، أكد موقع " PornMD" المتخصص في البحث عن الأفلام الإباحية تصدر مصر قائمة الدول الأكثر مشاهدة للأفلام الإباحية بعد باكستان، فيما أكدت صحيفة "هافنغنتون بوست"، الأمريكية نهاية عام 2017، أن المصريات بالمرتبة الـ16 عالميا في مشاهدة الأفلام الإباحية.