ملفات وتقارير

لماذا تتمسك إثيوبيا باتفاق مبادئ عام 2015 مع السيسي؟

منح السيسي إثيوبيا الحق الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهده بإشراك مصر في إدارة السد- جيتي

مع وصول مفاوضات سد النهضة الإثيوبي إلى طريق مسدود، تتشبث أديس أبابا باتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في آذار/ مارس 2015، وسط تساؤلات حول سبب تمسكها بالاتفاق الذي فشل في توفير اتفاق ثلاثي يرضي جميع الأطراف.


وبادرت إثيوبيا إلى رفضها أي مقترح يتعلق بتجاوز اتفاق إعلان المبادئ، وأكد وزير المياه والري الإثيوبي سيلشي بيكلي، الأسبوع الماضي، تمسك بلاده بالاتفاق، متهما مصر والسودان في الوقت ذاته، بالتسبب في فشل المفاوضات.


وكشف الوزير الإثيوبي أن بناء سد النهضة وصل إلى 78.3 بالمئة، وأنه من المتوقع أن يخزن السد 13.5 مليار متر مكعب من المياه إضافية في موسم الأمطار القادم، أو ما يعرف بعملية الملء الثانية، رغم عدم التوصل لاتفاق ثلاثي.


وكانت تقارير صحفية نقلت عن مصادر دبلوماسية مصرية طرح مصر والسودان لخيار الانسحاب من اتفاقية المبادئ سواء بشكل ثنائي أو منفرد، ولم تؤكدها أو تنفيها أي مصادر رسمية.


وفي 23 آذار/ مارس 2015، وقع رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على "اتفاقية إعلان المبادئ"، التي بموجبها تعترف مصر رسميا بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك مصر في إدارتها للسد.

 

اقرأ أيضا: اقتراح سوداني لحل أزمة سد النهضة.. وتحذير من "ملء الخزان"


ويشمل الاتفاق عشرة مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية؛ مثل: التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد، وتشغيله السنوي.


ويؤكد الاتفاق عدم المساس بالاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولا يتناول حصص المياه أو استخداماتها، إنما يقتصر فقط على ملء وتشغيل السد، على أن يعقب اتفاق المبادئ اتفاقات أخرى.


الانسحاب غير كاف


وفي سياق تعليقه؛ قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق، محمد عماد صابر، إن "إثيوبيا متمسكة باتفاق المبادئ؛ لأنه يعني موافقة مصر والسودان على بناء السد رسميا، ومنحه الغطاء الشرعي؛ ومن ثمة تدفق التمويل الأجنبي لبنائه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن أهميته تكمن في أمرين بارزين للغاية، الأول موافقة مصر والسودان ضمنيا على بناء إثيوبيا سدودا أخرى، والثاني أن صياغة الوثيقة وبنودها تمنح إثيوبيا قراءة مطاطة وحمالة أوجه لبنودها".


واعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن "البديل الوحيد أمام مصر والسودان هو الانسحاب من إعلان المبادئ لسنة 2015، لجعل كل أعمال سد النهضة حتى الآن غير مشروعة، ورفع الأمر لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وخاصة أنه لا توجد أي تداعيات قانونية على مصر والسودان حال إعلان الانسحاب من تلك الاتفاقية، نظرا لأن الجانب الإثيوبي هو من قام بانتهاكها".


ولكنه استدرك بالقول: "هذه الخطوة ستواجه رفضا دوليا، وعليه فإن خيار الانسحاب خيار مطروح ولكنه لن يحل المشكلة، فالسد أصبح أمرا واقعا وأصبحت المياه خلفه، والخيار العسكري مستبعد لأن النظام العسكري في مصر أو السودان لا يملكان قرارهما، فالقرار تملكه القوى الكبرى وتتحكم فيه وفق مصالحها".

 

اقرأ أيضا: اتهام إثيوبي لمصر والسودان.. وأرقام جديدة عن "سد النهضة"


واختتم صابر حديثه بالقول: "ومن أجل ذلك يدرس اتحاد القوى الوطنية المصرية بعد تدشينه مطالبة الشعب المصري بكل فئاته وطبقاته ومستوياته بالتوقيع على وثيقة موجهة للشعب المصري باسم الاتحاد للحصول على توقيعات واسعة، وقيادة حملة للدفاع عن حقوق مصر التاريخية".


الانسحاب فخ إثيوبي


مرجعية وشرعية دولية، هكذا وصف الأكاديمي والباحث السوداني في الشأن الأفريقي، الدكتور محمد أحمد ضوينا، اتفاق إعلان المبادئ بالنسبة لإثيوبيا، مشيرا إلى أن "الاتفاق يشكل إنجازا تاريخيا لأديس أبابا الذي تضمن حقها في بناء السد بالمواصفات والمقومات والمعالجات الفنية المثبتة في التقارير والتصاميم التي عرضت في الخرطوم في 2015".


وأضاف لـ"عربي21": "ويبقي الاتفاق على كيفية ملء وتشغيل السد، وهو ما اصطلح عليه بحسن النوايا وهو أن على إثيوبيا أن تتشاور مع مصر في هذا الصدد؛ وبالتالي فهي لن تفرط في مرجعيتها الأساسية وهي التي تمنحها القوة للمضي قدما نحو الملء الثاني في يوليو المقبل واستغلال عدم الاتفاق والتضارب بين مصر والسودان، في ظل انشغال البلدين بأزمات داخلية كبيرة وخاصة السودان الذي يواجه ثورة جياع، وبالتالي فقد انفردت إثيوبيا بالقرار".


وحذر الأكاديمي السوداني من خيار "الانسحاب من اتفاق 2015؛ لأنه سيكون في صالح إثيوبيا التي تحتاج إلى حجج تستطيع من خلالها أن تقنع العالم والمجتمع الدولي بأن مصر والسودان يتخاذلان ولا يتفقان ويعرقلان مسيرة التفاوض وتستخدم انسحابهما كحجة كافية لإغلاق باب التفاوض، وبالتالي فهي تستدرج مصر والسودان للوقوع في هذا الفخ"، وفق تقديره.