سياسة عربية

موريتانيا.. دعوات لحوار يدعم الديمقراطية ويحارب الفساد

موريتانيا.. تعالي دعوات الحوار الوطني والوحدة في محاربة الفساد (الأناضول)

دعا سياسيون موريتانيون إلى إطلاق حوار سياسي داخلي من شأنه دعم الانتقال الديمقراطي وتحصينه في مواجهة الفساد والقوى المضادة للانتقال الديمقراطي.

ورأى محمد طالبنا رئيس حزب الإصلاح الموريتاني في حديث مع "عربي21"، أن الحوار أو التشاور بين القوى السياسية الوطنية مطلوب، لجهة تحصين الانتقال الديمقراطي ومحاربة الفساد.

وقال طالبنا: "نحن ندعو لحوار داخلي من شأنه مراجعة القانون الانتخابي وتركيبة اللجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري، وإمكانية الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ذلك أن الجمعية التأسيسية الحالية ما زالت تحمل بعض غيوم النظام البائد وفساده".

وأضاف: "هذه هي القضايا الرئيسية التي تحتاج منا أن نجتمع حولها ونلتف حول الرئيس الغزواني، الذي يعتبر محل إجماع من غالبية القوى السياسية، ثم نذهب بعد ذلك إلى انتخابات بلدية وتشريعية شفافة لترجمة ذلك".

لكن طالبنا دعا إلى "التمييز بين الحاجة لحوار إصلاحي من شأنه دعم الانتقال الديمقراطي ومحاربة الفساد وبين دعوات لحوار وطني هدفه إلغاء كل المؤسسات والعودة إلى المربع الصفر".

وقال: "هناك محاولات مثلا للحديث عن حوار حول الوحدة الوطنية، وهذه دعوة ملغمة، ويمكن أن يدخل عبرها المتطرفون والراغبون في تفكيك الدولة وإعادتها إلى المربع الصفر.. إذ كيف يعقل أن 85% من الموريتانيين هم من الناطقين باللغة العربية، ولا يمكنهم إلى حد الآن اعتبار اللغة العربية لغة رسمية! هذا أمر عجيب للأسف الشديد"، على حد تعبيره.

من جهته رحب الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" محمد جميل منصور، أن "الحوار محمدة، ومظهر تمدن وتحضر، وهو من آليات الديمقراطية التي تلازمها، ولا سبيل غيره لنقاش مشاكل المجتمع وتحديات الدولة وأولويات الإصلاح، وحق للذين دعوا له أن يفعلوا، وحق لمن دعوا له أن يجيبوا".

وأشار منصور في تدوينة نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى أن "الحوار السياسي أنواع ومستويات، فهناك الحوار الذي ينظم لأن بلدا ما يعيش أزمة حادة أو لم يحسم فيه سؤال الشرعية، فيكون الحوار بابا لحل الأزمة أو سبيلا للتغلب على معضلة الشرعية، وهذا النوع من الحوار لا يناسب حالتنا وليس بمتعين علينا".

وأضاف: "وهناك الحوار الذي يعني انفتاح السلطة على معارضيها ولقاءهها إياهم والتشاور معهم على ذلك النحو، وهذا النوع لا يكفينا، وليس الاستحقاق الديمقراطي الذي يناسبنا، وهو مقدمة مقبولة ولكنه ليس الحوار المطلوب ولا النتيجة المرغوبة".

وأكد أن "الحوار المطلوب هو الذي يوفر للشركاء الوطنيين أحزابا ومنظمات وفاعلين فرصة التداول حول الأسئلة الوطنية الملحة والإشكالات الرئيسية في البلد ومنها مثلا لا حصرا: الوحدة الوطنية وإشكالاتها المختلفة، الإصلاح الديمقراطي والانتخابي، والإصلاح ومحاربة الفساد".
 
وشدد منصور على أن يكون لهذه الحوارات خلاصات ومخرجات، يتحدد فيها المشترك والمتفق عليه ليأخذ طريقه نحو التنزيل والتجسيد، وتعرف حدود التباين والاختلاف لتحكمها القواعد الديمقراطية في التعبير والسلوك.

واقترح منصور "أنه يتأسس منبر للحوار أو للتشاور أو للتداول، بعد التشاور مع القوى السياسية، توضع له آلية وطريقة عمل متشاور عليها، ويكون عنوان الحوارات المنظمة حول مختلف المواضيع التي تستحق ذلك"، وفق تعبيره.

 



وعلى الرغم من حالة الهدوء السياسي النسبي التي تعيشها موريتانيا طيلة العام الماضي بسبب حداثة تجربة الرئيس الحالي محمد الغزواني المنتخب في حزيران (يونيو) الماضي، وبسبب جائحة كورونا، إلا أن هناك بوادر تململ بدأت في الظهور بسبب الضغوط الاقتصادية أولا، ثم بسبب ما تسميه المعارضة بـ "بطء خطوات الإصلاح ومحاربة الفساد".

فقد أشاع الرئيس محمد ولد الغزواني، حالة من الارتياح، حيث سعى لاستقبال أغلب قادة الأحزاب المعارضة وأبرزهم رئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (ثاني أكبر حزب بالبرلمان/14 نائبا من أصل 153) محمد محمود ولد سيدي، ورئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية" (أقدم أحزاب المعارضة/ 3 نواب) أحمد ولد داداه، ورئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" (يساري/ 3 نواب) محمد ولد مولود.

وكان البرلمان الموريتاني قد افتتح العام الحالي بتشكيل لجنة التحقيق في قضايا الفساد (برلمانية) التي تأسست أصلا خلال فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز (2009 ـ 2019)، والتحقيق حول ملفات فساد خلال فترة حكم ولد عبد العزيز استمرت من كانون الثاني / يناير إلى يونيو/ حزيران الماضيين، وانتهت بإعداد تقرير أحيل إلى القضاء.

وأجرت شرطة الجرائم الاقتصادية بحثا حول ملفات الفساد التي أعدتها اللجنة واتهم فيها الرئيس السابق، وعدد من المقربين منه ووزراء سابقون بحكوماته، ولكن لم يتم إدانة أي منهم حتى اليوم.

واعتقلت السلطات الموريتانية في آب (أغسطس) الماضي، الرئيس السابق، قبل أن تفرج عنه بعد أسبوع من توقيفه على ذمة التحقيق.