صحافة دولية

التايمز: اغتيال زاده يظهر الحاجة لقواعد لحروب التكنولوجيا

قالت الصحيفة إن "اغتيال فخري زاده اعتمد على عملية بتقنيات متطورة"- تويتر

نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا للكاتب روجر بويز، اعتبر فيه أن عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة بمدفع رشاش مُسيّر عن بعد، تظهر الحاجة الملحة لوضع قواعد جديدة لحروب التكنولوجيا الفائقة.


وأكد الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن عمليات الاغتيال الموجهة عن بعد لم تعد قصصا خيالية تصورها أفلام هوليوود، بل أصبحت واقعا ملموسا في "حروب الظل".


قواعد جديدة


في الحقيقة، غيّرت ثورة التكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعقب المتطور للأهداف المحتملة والأسلحة الدقيقة المسيّرة عن بعد، قواعد عمليات الاغتيال. لقد أصبحت هذه التكنولوجيا خيارا سهلا ومغريا للغاية، لذلك يجب -حسب الكاتب- أن يجتمع القادة العسكريون ومسؤولو الاستخبارات والسياسيون مع علماء الأخلاق والمحامين لمناقشة حدود هذه الاغتيالات.


وقد كانت عملية اغتيال فخري زادة نموذجا على عمليات هذه التقنيات المتطورة، حيث وُضع مدفع رشاش مُسيّر بالأقمار الصناعية فوق شاحنة نقل صغيرة على طريق يؤدي إلى العاصمة طهران أواخر الشهر الماضي. وبمجرّد أن مرت سيارة محسن فخري زاده بالقرب من الشاحنة، استهدفه وابل من الرصاص.


قُتل العالم النووي الإيراني بينما نجت زوجته التي كانت جالسة بجانبه في السيارة. ووفقا للمحققين الإيرانيين، فقد أُدخلت بيانات التعرف على الوجه في خوارزمية الاغتيال، ولم يكن وجهها مطابقا للبيانات، لذلك نجت من الاغتيال.

 

اقرأ أيضا: مسؤول إيراني: اعتقال متورطين باغتيال العالم محسن زاده


وقد سارعت إيران إلى اتهام إسرائيل، لكن احتمال تورط عناصر أجنبية، على غرار وحدة كيدون التابعة للموساد، يُعتبر حسب رأي الكاتب فشلا ذريعا للاستخبارات الإيرانية.


وكانت إيران قد شهدت في السابق مقتل العشرات من العلماء النوويين، غالبا على يد قتلة يركبون دراجات نارية، ويلقون ألغاما وقنابل باتجاه سيارات الشخصيات المستهدفة، وهو ما جعل السلطات الإيرانية توفر حماية شخصية لعلمائها.


ويرى الكاتب أن إيران اختارت الحل الأسهل، وهو تبرير العملية بالتفوق التكنولوجي الإسرائيلي والتعاون بين تل أبيب وإدارة ترامب، بدلا من العمل على تصفية الجواسيس الذين مهدوا لعملية الاغتيال.


ومع ذلك، يؤكد الكاتب أن الرواية الإيرانية تبدو متماسكة ومنطقية، حيث تملك بعض الدول بالفعل أسلحة متطورة يمكن أن تنجز مثل هذه المهام عن بعد، ما يعني أننا دخلنا عصر الاغتيالات باستخدام التكنولوجيا فائقة التطور.


عمليات اغتيال سابقة


يستحضر المؤرخ رونين بيرغمان، أحد الاجتماعات التي عُقدت في مقر الموساد في بداية الحملة السرية لاغتيال العلماء الإيرانيين؛ بهدف عرقلة البرنامج النووي الإيراني.


يقول بيرغمان إن ضابطة تدخلت خلال ذلك الاجتماع، وقالت إن والدها كان عالما في برنامج إسرائيل النووي، وإنها تعتقد أن استهداف العلماء ليس عملا أخلاقيا ولا قانونيا.

 

اقرأ أيضا: صحيفة: اغتيال زاده خطة إسرائيلية لإجبار بايدن على المواجهة


لكن كلامها لم يؤخذ على محمل الجد، فقد كان يُنظر إلى القنبلة الإيرانية على أنها تهديد وجودي لإسرائيل، وبالتالي كان الرأي السائد هو تنفيذ الاغتيالات مع تقدير العواقب.


في سنة 2007، كانت إسرائيل مصممة على قتل عماد مغنية، القائد العسكري البارز في حزب الله، لكنها احتاجت إلى مساعدة الولايات المتحدة؛ لتعقب تحركاته في دمشق وخارجها. وقد وافق الرئيس جورج دبليو بوش على ذلك، شرط أن يبقى التدخل الأمريكي سريا، وألّا يُقتل أي شخص آخر باستثناء مغنية، وألا يشارك الأمريكيون فعليا في عملية الاغتيال.

 

أعقب ذلك بعض التعقيدات، حيث قام رئيس الموساد بعرقلة العملية 32 مرة في غضون ستة أسابيع بسبب احتمال قتل أشخاص آخرين وخرق الاتفاق مع الولايات المتحدة. وفي شهر شباط/ فبراير سنة 2008، قُتل مغنية في انفجار بواسطة قنبلة وُضعت داخل الإطار الاحتياطي لسيارته.


وفي ظل إدارة ترامب، كان التنسيق الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل جليا. في مطلع هذه السنة، أطلقت طائرة أمريكية مسيرة صاروخ هيلفاير موجها بالليزر لقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني خارج مطار بغداد. وكانت الولايات المتحدة كانت قد تعقبت تحركات سليماني لسنوات بمساعدة الإسرائيليين.


جدل أخلاقي

 

يؤكد الكاتب أن هذه العمليات ترسم قواعد جديدة للاغتيالات خارج القانون، حيث لا يتورط أي شخص في العملية، بل تكون بقيادة المخابرات، وتتم بدقة وسرعة، ودون إصابة مدنيين.


ومن وجهة نظهره، فإن الرسالة واضحة للجميع، وهي أن أي دولة تمتلك تقنيات متطورة ودعما استخباراتيا تستطيع أن تتخطى الجدل الأخلاقي وتصفّي أيّا من أعدائها لمجرد أنها قادرة على ذلك، وليس بسبب أي تهديد وشيك.


لكن عمليات القتل التي تنفذ باستخدام هذه الأجهزة والروبوتات والخوارزميات المتطورة، التي قد تسهّل مهمة العسكريين في التخلص من الأعداء، تتطلب نقاشا معمّقا، كما يقول الكاتب، لتحديد المخاطر الأخلاقية لهذه الحرب التكنولوجية.